الذهب والمقامات ضد الفقراء.. فمن ينتصر؟

الإسلام دين الزهد والتواضع، لكنه بات يشبه المسيحية في زخرفة كنائسها وبطاركتها رغم ان مسيحها نادى بالفقر ايضا. فكيف يمكن لنا ان نتفاخر بالمقامات المذهبّة، وعلى ابوابها نشهد أرفع مستويات العوز والحاجة. وكيف تبرر المرجعية هذه الإذونات الشرعية؟ وماذا يقول الشيخ محمد ضيا في هذا الاطار..

وزعت وسائل إعلام شيعية صورا لمرقد الإمامين العسكريين في مدينة سامراء العراقية تعلن من خلالها الانتهاء من تذهيب مقامي الامامين العسكريين، وهي مجهّزة كأفضل ما يكون بالثريات شتى انواع الزخارف.

إقرأ ايضا: الشيخ ياسر عودة يحمل على عادة تذهيب القباب والمقامات

هذه المقامات التي تعود لمراقد الإئمة الشيعة الموزعون في مختلف البلاد الاسلامية كالسعودية حيث مرقد  كل من الامام الحسن، والامام الصادق، والامام الباقر، والامام زين العابدين.

وفي العراق كل من مرقد الامام علي، والامام الحسين، والامام الهادي، والامام العسكري، والامام الكاظم، والامام الجواد. وفي ايران حيث  مقام الامام الرضا.

واللافت هو ان كلفة تذهيب المراقد تبلغ مئات مليارات الدولارات. علما أن الموضوع قد اثير كثيرا الاعلام ومن قبل علماء لهم مكانتهم ولهم اسمائهم ومواقعهم الا انهم تعرضوا للتعنيف الكلاميو اللفظي. مع اتهامات بالتسنن والردة وما غير ذلك.

ونتيجة الفقرالمدقع الذي يعم العالم الاسلامي، انتقد البعض هذه الكلفة العالية في الفترة الاخيرة، لكن المتمسكين بمسألة التذهيب، يُعيدون الامر الى حرب ضروس على الشيعة من الارهابيين ومن النواصب، خاصة مع تفجير عدد من هذه المقامات ابرزها مقام الامامين العسكريين في سامراء. اضافة الى الاعتقاد ان ذلك يساعد على إحياء ذكرى اهل البيت المظلومون.

وفي اتصال مع الشيخ محمد ضيا، الباحث والمدرس في المعهد الشرعي الاسلامي، حول أيهما له الاولوية في الاسلام الانسان المسلم الفقير ام المقامات والقباب؟ يقول: “اولا الاهتمام بالمقامات، بما لها من رمزية عالية لدى الطائفة الشيعية، انا اعتقد ان أية ديانة من الديانات وأي شعب من الشعوب سواء اكانت شعوبا متدينة او غير متدينة  تُعلي دائما من شأن شخصياتها التاريخية، على سبيل المثال الدولة الفرنسية، التي هي مفرطة في العلمنة، لديها ما يُسمى بمقبرة العظماء وبالرغم من ان اكثر هذه الشخصيات المدفونة هناك غير دينية، ايضا اكثر الزوار لهذه المقابر انما يرزورنهم باعتبار مكانتهم العلمية والمعرفية.

فلن تستطيع هذه الشعوب ان تتجاوز تلك المكانة العالية لهؤلاء الاشخاص غير الموسومين بسمة دينية، ويعلون من شأنهم، ومن شأن هذه المقابرعلى مستوى الشكل الظاهري.

اما اشكالية ان مسألة التذهيب يمكن ان يقال انها غير لائقة في ظل الازمات الاجتماعية والاقتصادية التي يمرّ بها العالم الاسلامي فلا اعتقد ان النهوض الاقتصادي او توفير شروط العدالة الاجتماعية له علاقة بمسالة التذهيب او عدمها. وهذه من المغالطات التي يقع بها الكثيرون.

نعم، لنا الحق أن نسأل من يهتم بهذه المقامات؟ وهل هو فعلا يهتم ايضا بما ترمز إليه هذه المقامات العالية من اهتمام بالواقع الاجتماعي للانسانية، لان الدين ليس وظيفته فقط توفير شروط للعدالة في المجتمع الذي ينتمي اليه، بل هو معنيّ ايضا في توفير شروط العدالة الاجتماعية العالمية.

إقرأ ايضا: الشيخ ياسر عودة يكشف بجرأة عيوب «المجتمع المؤمن»!

وردا على سؤال عن المسؤول عن هذا الخلل في توجيه الاموال؟ أين دور المرجعية في هذا المجال؟. قال الشيخ محمد ضيا لـ”جنوبية”: “لنذهب الى محل تكون فيه اكثر موضوعيين. صحيح ان الاسلام دعا الى الزهد ورفض الانصياع الى مباهج الحياة، لكن احيانا كثيرة التغيرات الثقافية والاجتماعية تفرض على الانسان ان يمارس قيما واحدة منها الاهتمام بالمقامات الى هذا الحد الذي يبرز المظهر الجمالي والحضاري للمجتمع الذي ينتمي اليه. بهذه الحدود، برأيي، هذا أمر مشروع. وخصوصا ان الجمال والفن في بعده المتعدد هو شيء فطري تستجيب له النفس البشرية وتركن اليه. فالاسلام حثّ على الاهتمام بالبعد الجمالي للاشياء في هذا العالم. واعتبرها وظيفة ترتبط بعملية الاستخلاف للكائن البشري. ويقول الله تعالى “وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ”.

السابق
مصارعة حرة بين ترامب وسي أن أن …والنتيجة
التالي
ما هي هدية ميسي لضيوفه في حفلة زفافه؟