زيارة هولاند: لعبة الوقت الضائع

فرنسوا هولاند

كان من سوء حظ هذا البلد أن يزوره الأسبوع الماضي رئيس فرنسي يُعتبر الأسوأ في تاريخ الرئاسة الفرنسية: رئيس يحكم فرنسا داخلياً كأيfonctionnaire  كبير في الدولة، وخارجياً كتابع لعمّته الألمانية الداهية مركيل، وفي قصر الإليزيه كقزم لظل الجنرال ديغول، وفي أعين الفرنسيين – وآخر استطلاع لرأيهم في انتخابات الرئاسة العتيدة – في قفا الخيل بعد مارين لوبن وساركوزي. وفي فرنسا كما في خارجها، يتساءل الناس كيف أوتي بشخص كهذا إلى كرسي الحكم، فيما يتندر الكثير من الفرنسيين أن لديه الصفة الأساس التي تميّزه كرئيس فرنسي: “نسونجي!”

إقرأ أيضًا: هولاند يعوّض عن السعودية ويعلن عن مساعدات فورية للجيش

هذه الزيارة، ويا ليتها لم تكن، أتت لتزيد طين لبنان بلة على مختلف الصعد، ولتشرح للبنانيين وبخاصة الموارنة، أنهم يحكمون بلداً قُضي عليه بالفشل. وفيما انتظر المسلمون منه أن يجترح حلولاً للمأساة اللبنانية على المستويين الداخلي والخارجي وبخاصة موضوع رئاسة الجمهورية، استمع الرئيس برّي لكلامه بكل اغتباط: “ليست لدي أجوبة في موضوع الرئاسة الأولى لأني انتظرها من المشرّعين أنفسهم”. وبهذا، كرّس برّي القيّم الوحيد على هذه الرئاسة، والذي يعلم أنه يتلاعب بها كما يلعب القط بالفأر قبل أن يُجهز عليه لالتهامه، ويستبقي “النصاب” في لعبته تلك بعيداً عن “تشريعات الضرورة” التي يتقنها. أما الموارنة المحبطون، والذين انتظروا “معجزة من السماء” تقوم بها الأم الحنون، باستخدام “نفوذها” لجمع “مسترئسيهم” حول مرشح واحد برعاية البطريرك يرضى به جميع اللبنانيين، اكتفى هولند بالإجتماع بالراعي كما برؤساء الطوائف الأخرى ليوحي لهم أن “قصر الصنوبر” الذي صاغ وأعلن “لبنان الكبير” تحول إلى مجرد بيت للضيافة، وأن فرنسا عاجزة عن التدخل عملياً لحل مشاكل ما تبقى من لبنان الصغير…

إقرأ أيضًا: من أدار الظهر: حزب الله أو هولاند

ومن باب رفع العتب أمام مواطنيه الفرنسيين وبعض اللبنانيين البسطاء، زار هولند مخيم اللاجئين في البقاع، وتقبل الأزهار وقبّل الصغار أمام الكاميرات، بل كاد يذرف الدمع!. وكانت هبته للجيش ب25 مليون يورو وللآجئين بمبلغ مماثل، “برطيلا” للبنان، تماماً كما تتصرف مركيل مع تركيا، مفاده: خذوا الأموال مقابل إبقاء شبح اللاجئين بعيداً عن ديارنا. وهكذا أمضى هولند الساعات ال25 لزيارته الميمونة في اللغط الفارغ والتصاريح التي استعادها ورددها ببغاوياُ من كافة السفراء والمسؤولين الفرنسيين الذين سبق وزارونا، لكنه لم يخدع أحداً من اللبنانيين المخلصين بكلامه الرخيص!

(الدبور)

السابق
بالتواريخ مسلسل استهداف عبد المنعم يوسف.. وتبرئته
التالي
الجولان الإسرائيلية.. رسمياً؟!