سعد الحريري: عُد إلى لبنان

في الذكرى الحادية عشر لإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، يترقب كثيرون ماذا ستحمل من جديد هذا العام. فهل سيخرج رئيس تيار المستقبل بمواقف تُعيد شدّ العصب المستقبلي وما تبقى من قوى 14 آذار وروحها؟ أم أنّ الأحد المقبل لن يضيف شيئاً على السبت وستمرّ الذكرى ويتلاشى مشهد الحفل من دون أن يغير في الواقع السياسي المحكوم بتعطيل الإستحقاق الرئاسي وغيره؟

ليس سعد الحريري من يتحمل مسؤولية تعطيل الإنتخابات ولا فريق 14 آذار عموماً، الذي صار فِرَقاً، لكن متفقة على النزول إلى المجلس النيابي في كل جلسة انتخاب دعا اليها رئيس مجلس النواب منذ نحو عامين تقريباً. التعطيل يأتي من الجهة الأخرى. هذا ما أثبتته الوقائع، حتى في المشهد الأخير الذي رسمه الحريري عبر اقتراح تسمية الوزير سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، أي تبنّى مرشحاً من الفريق الآخر، ومن الأربعة الذين أضفت عليهم بكركي صفة المرشحين الشرعيين الاقوياء.
اقرأ أيضاً: ريفي ينقلب على الحريري؟ أو هي خلافات طرابلسية؟

موقف الحريري هذا كشف إلى حدٍّ بعيد خطة تعطيل الطرف الآخر لإنتخابات الرئاسة. فما بدا أنّه كرم حريري تجاه خصومه، انكشف مع انقشاع غبار تسمية فرنجية أنّ القصة في مكانٍ آخر. أي في ملعب حزب الله الذي لا يجد في تمديد الفراغ الرئاسي ما يعطل من نظام مصالحه الإقليمي والمحلي. لا بل وفّر له الفراغ الرئاسي والتعطيل فرصاً أوسع لحرية الحركة من دون أن يتحمّلَ أعباء تجاوز شروط الدولة، والدولة المعلّقة هي المظلّة الملائمة لحماية دويلة حزب الله وتمددها ولتعزيز نفوذها.

ماذا سيقول سعد الحريري في الذكرى الحادية عشر لجريمة اغتيال والده؟

الشهيد رفيق الحريري سعد الحريري
الشهيد رفيق الحريري وسعد الحريري

ولأنّ اغتيال الرئيس الحريري ليس جريمةً جنائية بل جريمةً سياسية استهدفت لبنان، فالردُّ عليها كان دائماً تحدٍّ يتصل بمصير الوطن والدولة قبل القضية العائلية أو الشخصية. واليوم أكثر من أيّ وقت مضى فإنّ التحدي أشدّ وأقسى. فكيف سيخاطب الحريري جمهور المستقبل واللبنانيين عموماً؟ وما هي خطته لمواجهة هذا التعطيل المتمادي للمؤسسات الدستورية واستحقاقاتها؟ وما هي خطة المواجهة للمخاطر التي تحيط باللبنانيين من داخلهم قبل الخارج؟

لعلّ ما ينتظره اللبنانيون، وجمهور تيار المستقبل من سعد الحريري، أن يكون بينهم أولاً، أن يبدأ المواجهة باتخاذ قرار العودة إلى لبنان، إذ أنّ من يقدّم نفسه قائداً في معركة استعادة سيادة الدولة واستنهاض الدولة من التداعي والإنهيار، تتطلب حضوراً يومياً، وعملاً دؤوباً، وجرأةً في المواجهة. فالمنقذون لأوطانهم لا يمكن إلاّ أن يكونوا رأس حربة المواجهة، وأن يقدموا الأمثولة للآخرين في التصدي وفي الصمود وفي الإيثار.

إقرأ أيضاً: رسالة إلى الشهيد «رفيق الحريري»

خمسُ سنوات تقريباً مرّت على خروج الرئيس الحريري من لبنان، وهذا بحدّ ذاته أحدث فراغاً لم يستطع أركان تيار المستقبل ملأه، بل بدا أنّ هذا الغياب القسري للحريري فرصة لمناوئيه وللساعين إلى إبقائه خارج لبنان، فقاعدته يتناتشها حزب الله بسراياه السنية، وبخصومه، من بقاع عبد الرحيم مراد إلى طرابلس نجيب ميقاتي وما بينهما بيروت وصيدا. وبدا أنّ الحريري مستعجل لإنتخاب رئيس أكثر من استعجاله للتواصل مع جمهوره.

سعد الحريري، الشاب الطموح، يتيم الأب والوطن، والذي تملأ أخبار إفلاسه، مالياً وسياسياً، صالونات مناصريه قبل خصومه، مطالب بأن يسمع للناس، وأن يفعل ما بوسعه: أن يكسرَ يُتم الوطن بالعودة إلى لبنان، وليصارح ناسه بأنه سيكون بينهم وأنه سيحارب باللحم الحي، وليتوقف عن الاستسلام. لن ينتخب رئيسٌ إلاّ بتعليمة إيرانية، وفي هذه الأثناء عُدْ إلى لبنان يا شيخ سعد، قبل أن تصير العودة مثل قلتها.

السابق
جلسة الحوار الـ24 بين حزب الله والمستقبل: لضرورة تنظيم العمل الحكومي
التالي
أردوغان يخيّر أميركا بين بلاده وبين الإرهابيين