عن التسامح «المغيّب» في الاسلام!‎

«وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله» أي فاجنح يا محمد جنحة السلام مع من بكل تأكيد مع أعدائك وخصومك لا مع أوليائك وأنصارك من المفسرين من قال وإن مالوا أي الأعداء إلى الصلح والمسالمة فَمِلْ إليها يا محمد وتوكل في ذلك على الله، ولا تخف من الصلح أو المسالمة أو الموادعة أو المهادنة أو العفو. والحق إن الآية محكمة أي واضحة الدلالة غير منسوخة.

من الواضح في الفقه الإسلامي أنّ دفاع الإنسان عن ماله أو أرضه هو حق وليس واجبا والفارق بين الحق والواجب واضح في لغة الفقهاء أو في لغة القانون، إن الواجب ينطوي على إلزام والحق ينطوي على تخيير دون إلزام المكلّف، وعلى سبيل المثال لا الحصرإذا قتل الإنسان نفسًا بغير حق كان لولي المقتول حق أن يقتص من القاتل أو يعفو عنه.

إقرأ أيضاً: خَلّصوا الإسلام بإخراجه من السياسة

«كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف » أي إذا عفا ولي المقتول فعلى القاتل أن يصنع المعروف معه وذلك بدفع الدية له وزيادة عليها بإحسان إليه لماذا لأن الإقتصاص حق وليس واجبا.
ولو غصب إنسان أرضا كان لصاحب الأرض حق أن يستنقذها ويحررها من يد الغاصب أو أن يعفو عنه لماذا؟ لأن الدفاع حق وليس واجبا.
والقرآن الكريم مما لا شك فيه أنه أنعش ثقافة السلام والصفح والعفو والموادعة والمسالمة مع الأعداء والخصوم، فضلاً عن الأشقاء والأصدقاء بمجموعة آيات موزعة في سوره كافة،
كقوله تعالى «وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم»،« فاعفوا عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين».
ومما لا يخفى أن الإنسان لا يسمى مسالما وصافحا وعفوا ومسامحًا إلا إذا تنازل عن شيء من حقه لعدوه أو خصمه .

إقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الامين (2):الحرية الفكرية أطلقها الإسلام وقيّدها الحكام‏
والمسالم إذا كان يحمل قضية مجتمع وحريصا على مصالحه وممتازا بعقل سوي سليم حكيم بعيد عن حماسة الجماهير وعواطفها الجامحة، يغدو تفكيره بالسلام مع الخصم والعدو أشد وطأة على كاهله وأخطر على حياته من تفكيره وإقدامه على الجهاد والنضال ضده.
لأن قرار السلام مع العدو أو الخصم يشبه الركون إليه والإستسلام له وليس هو كذلك عند أرباب الحكمة وعقلاء المجتمع لأن قرار السلام مع العدو أو الخصم شيء مختلف جذريًا عن الركون إليه والإستسلام له وهذا الشبه القوي بين السلام والإستسلام هو الذي يثير حفيظة المتطرفين السطحيين داخل كل مجتمع وهو الذي يدفعهم لمواجهة كل مسالم وموادع وإعلان الحرب عليه بتهمة الخيانة أو الجبن، وممارسة أقسى أنواع العنف الدموي من دون ورع في أمن مجتمعاتهم قبل مجتمع العدو والخصم ودائما بحجة الحفاظ على الثوابت والمبادئ. أليس من صميم الصواب القول بأن الفاصل بين الخائن والمتطرف شعرة بين العميل والمتطرف شعرة هما شقيقان بالجوهر مختلفان بالإسم والمظهر؟

إقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: يمكن للإسلام استنباط «حداثته» ﻷنه دين وليس دولة
وإن المتطرف أعمى البصيرة ذو إرادة صادقة وإنه دائما يعبّد الطريق لمجتمعه نحو الهلاك والجحيم بالنية الحسنة؟ وأنه أسير الخيال الثوري بحيث يهدم في يوم وبشجاعة ما بناه مجتمعه بالعقل والإعتدال في سنوات؟
يقول الإمام السيد موسى الصدر بهذا الصدد
«يعتبر المتطرفون هم الحلفاء الوحيدون لإسرائيل لا المعتدلون»

السابق
ما بين الموازنة السعودية وتجفيف مصادر تمويل حزب الله
التالي
السفير الايراني ورعد عند رئيس الانتربول