طلعت ريحتكم: نحو تحديد واضح للأهداف

اسقاط النظام
ان الدولة الدينية هي نفي لكل أشكال الدولة، ويجب الكشف عن الجوهر السياسي-الطبقي لمسألة الدين، إن التعصّب الديني يفرخ فوق الجهل واليأس لذا فإن الصراع يجب أن يكون ضد هاتين العاهتين بالذات

مرة أخرى يلبس الزعماء ثوب الحمل الوديع. ويشهرون  مواربة، في نفس الوقت، سيف السلطة الدينية والقوة العسكرية. هذا التحالف التاريخي المأساوي بين السلطة السياسية والدينية والعسكر، لم ينتج ولن ينتج إلا المجازر للحريات. فإذا كان رؤساء الطوائف من الشيوخ والكهنة يرغبون رغبة صادقة وحقيقية في حماية الدين الحقيقي، فما عليهم إلا أن يفكّوا إرتباطهم بالسلطة السياسية. وعليهم مخاطبة الشعب بلغته العامية ومخاطبة المؤمنين من خلال إيمانهم المتواضع. عليهم أن يرفعوا أصوات الشعب وأن يجسدوا مطالبه، وذلك بدل مخاطبة الشعب من موقع السلطة ومن المنابر.

إقرأ أيضاً: هل هزّت #طلعت_ريحتكم عرش نبيه بري؟

فالمادة 9 من الدستور اللبناني تنص على أن:حرية الإعتقاد مطلقة والدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على أن لا يكون في ذلك إخلال في النظام العام وهي تضمن للأهلين على إختلاف مللهم إحترام نظام الأحوال الشخصية  والمصالح الدينية.

مظاهرات لبنان

كما تنص المادة 10على أن: التعليم حر على أن لا يخل بالنظام العام أو ينافي الأداب أو يتعرض لأحد الأديان والمذاهب ولا يمكن أن تمسّ حقوق الطوائف من جهة إنشاء مدارسها الخاصة، على أن تسير في ذلك وفاقاً للأنظمة العامة التي تصدرها الدولة في شأن المعارف العامة.

 

لا مفر من إعادة النظر في هذه المواد الدستورية، وفي مقدمتها تلك المتعلقة بالتعليم والمعارف العامة ورخص الجامعات والمدارس والمناهج التربوية ونظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية. إن الدستور هو الحامي الأول لهذا النظام، ولا بدً من تهذيب مواده والتفكير في صياغات بديلة وعصرية تحاكي تطلعات الحراك الشعبي الذي إنطلق مؤخراً.

 

كتب كارل ماركس في القرن التاسع عشر يقول: “إن الدولة التي تعطي إمتيازات ذات طابع ديني لا يمكن أن تكون دولة حقيقية”. ويضيف بأن: “الدولة التي لا تستطيع الإستغناء عن الدين فهي دولة ناقصة، عورة، مشوهة”. فالدين الذي لا يستطيع أن يعيش إلا تحت سقف السلطان والأمير والملك والزعيم والخليفة ليس ديناً حقيقياً بل شركة تجارية.

http://www.youtube.com/watch?v=piW_boGXClg

أهم المطالب التي يجب العمل على أن يكسبها الحراك الشعبي هي تلك المواد المنصوص عليها في الفقرة “ز” من مقدمة الدستور، والتي تتحدث عن أن الإنماء المتوازن للمناطق ثقافياً وإجتماعياً وإقتصادياً كركنٍ أساسيّ من أركان وحدة الدولة واستقرار النطام. إضافة إلى تطبيق الفقرة “ح” من مقدمة الدستور التي تنص صراحة على أن “إلغاء الطائفية السياسية وهو ما يقتضي العمل على تحقيقه دون ابطاء”. ويجب أيضاً المطالبة بإنشاء مجلس للشيوخ بموجب المادة 22 من القانون الدستوري الصادر في 21/9/1990. والمطالبة بوضع قانون خارج القيد الطائفي والدعوة إلى إنتخابات جديدة.

إن الشعار الذي طرح في تظاهرة فرنسا في أيار 1968 “السلطة في الشارع” قد تحققت بداياته الآن في ساحة الشهداء. يختلف الزمن وتتوحد الأهداف المطالبة بالعمل والحقوق الإقتصادية والإجتماعية. لكن علينا توحيد الشعارات وتحديد الاهداف والعمل وفق خطة زمنية. إن تحقيق هذه الأهداف وغيرها يتطلب نضالاً طويلاً وشاقاً، إلا أن الصورة تصبح أوضح في كل يوم. إن هذا النطام زائل لا محالة ولن تطيل عمره مطاردات الناشطين المدنيين والعلمانيين والملحدين والفقراء والمهمشين، لأنهم هم المؤمنون الحقيقيون بالإنسان.

طلعت ريحتكم

في سوليدير، المسجد والكنيسة يتلاصقان جنباً إلى جنب، بزخرفة مثالية وجدران متألقة، وهذا يدلّ على التحالف المفضوح بين أقطاب سلطة “المال والسياسة ورجال الدين”. هذه السلطة التي تترك فقراءها معدمين مهمشين وسط النفايات، وهي كمن يغطي حجارتها بالذهب، أما أبناؤها فتتركهم عراة.

بالرغم من كل مشاعر الغضب، بالرغم من الإنقسام الذي حصل مساء الأحد، وهي حالة يجب إدراجها ضمن الظروف الموضوعية الميدانية التي غالباً ما تحصل في الميادين والساحات، لكن ذلك يجب أن يستوعب وأن يحتوى من قبل الناشطين المفترض بأنهم قياديو التحرك ومفكروه. أما وأن يحصل الطلاق بين أبناء الحراك الواحد في أقل من شهر، فذلك يعني إضعاف قوة الحراك إلى النصف وتشتيت المناصرين والمؤيدين والمتعاطفين مع مطالبنا المحقة.

إقرأ أيضاً: أحمد بيضون عن #طلعت_ريحتكم: عن كذب إسقاط النظام والاندساس

ان شعارات مستهلكة من قبيل “الشعب يريد إسقاط النظام” لن تحقق للحراك أي مكاسب تخلصه من الجهل واليأس. من هنا يجب عقلنة المطالب وتوحيد الرؤية والمسار بشكل صحيح وواقعي. يجب أن لا ننسى بأننا لا زلنا “هواة ثورة” لا أكثر.

بالمختصر المفيد، يجب تشييد بناء “أخلاقي” للحراك الشعبي يكون أساسه “النقد الذاتي”.

السابق
ليلة القبض على «طلعت ريحتكم»
التالي
سوريا: تَوِّج «شرعيتك» بنكهة الكيماوي