مخاوف من احتقان مذهبي بعد تشكيل لواء شيعي للقتال في جرود عرسال

اتخذت أزمة المسلحين المتمركزين في الجرود الحدودية الشرقية بين لبنان وسوريا، منحى مذهبيًا بعد إعلان العشائر في بلدة بعلبك؛ حيث الأكثرية الشيعية عن تشكيل «لواء القلعة» للقتال في جرود بلدة عرسال، ذات الأكثرية السنية، وهو ما أثار استياء عارمًا لدى تيار المستقبل وأهالي البلدة الذين يرفضون بأي شكل من الأشكال دخول عناصر مسلحة غير عناصر الجيش اللبناني إلى المنطقة.

الجيش اللبناني كان قد حاول خلال الأيام الثلاثة الماضية استيعاب المستجدات المتسارعة منفذًا انتشارًا داخل البلدة، وبالتحديد في مناطق وادي الحصن وراس السراج، كما ركّز نقاط مراقبة وسير دوريات مؤللة وسط ترحيب الأهالي ونحر الخراف. وأكد خالد سلطان، وهو صاحب أحد المحال التجارية في وسط عرسال لـ«الشرق الأوسط»، قيام الجيش بدوريات وتدقيقه بالهويات، نافيًا نفيًا تامًا أن يكون قد قام بأي مداهمات لمخيمات النازحين السوريين الذين يتخطى عددهم داخل البلدة 80 ألفًا، متحدثًا عن «ارتياح واطمئنان الأهالي لوجود عناصر الجيش داخل عرسال، علمًا أنّهم دائمًا على مداخلها، وهو ما لا تشهده أي بلدة لبنانية أخرى».

لكن سلطان نبه إلى “محاولة حزب الله زج العشائر بأزمة الجرود”، معتبرًا أنّه يهيئ شارعه لـ”الصحوات”. وأضاف: «نحن لن نقبل بدخول الحزب إلى أراضينا في الجرود، فنحن لسنا لقمة سائبة له أو لغيره، وحده الجيش المخول بأن يدخل ويخرج إلى عرسال وجرودها». وحمّل سلطان حزب الله مسؤولية تمركز المسلحين في الجرود اللبنانية بعد ملاحقته إياهم في منطقة القلمون.

ويحضّر حزب الله راهنًا لشن عمليات عسكرية في الجرود اللبنانية، وفق إعلامه، للتصدي للمسلحين الذين يختطفون منذ آب الماضي، عددًا من العسكريين اللبنانيين، وذلك بعد فشل محاولتهم احتلال عرسال. إلا أن قوى 14 آذار ترفض تولي الحزب مهمات القوى الشرعية اللبنانية، وهي تدفع باتجاه اتخاذ قيادة الجيش القرار المناسب في هذا الملف.

ووفق آخر المعلومات، استكملت العشائر الشيعية في المناطق البقاعية اجتماعاتها التي تستمر حتى يوم الاثنين، موعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء المخصصة لبحث الوضع الأمني على الحدود الشرقية. وتدعم العشائر حزب الله في المعركة التي يمهّد لشنها في الجرود. وقالت مصادر بقاعية لـ”الشرق الأوسط”: “هذه العشائر مع أن يتولى الحزب حسم الأمور في منطقة الجرود، وهي أبلغته أنّها تضع نفسها بتصرفه وتسير أمامه في هذه المعركة”.

ومن جهة ثانية، أفادت المصادر أن «حزب الله سينتظر الخطوات التي ستتخذها الحكومة غدًا، ليبني على الشيء مقتضاه، علمًا أن عينه على تلال الثلاجة في (جبال) القلمون التي يسعى إلى السيطرة عليها، وهو لا يمكنه التوجه إليها إلا عن طريق جرود عرسال». ويتمركز في هذه المنطقة التي هي بمعظمها أراض لبنانية حدودية، بحسب هذه المصادر، 2000 مسلح 800 منهم من «جبهة النصرة» و1200 من «داعش».

وبمسعى لتدارك التطورات المتسارعة، كان رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام قد اجتمع خلال الساعات الـ36 الماضية بوفد من بلدة عرسال.

وأوضح رئيس بلدية عرسال، علي الحجيري، في تصريح لـ”الشرق الأوسط”، أن “وفد فعاليات وأهالي عرسال حمل لسلام كما لوزير الداخلية نهاد المشنوق، مطلبًا وحيدًا لجهة ضرورة إمساك الجيش وحده بالقرار بشأن عرسال وحماية المدنيين فيها”، مستغربًا تحركات وتصريحات عشائر البقاع. وقال: “عادة العشائر ترفض التعدي والدخول إلى أرض ليست أرضها، وبالتالي إذا كانت تدعو اليوم حزب الله لاقتحام جرود عرسال، فعندها لا تعود عشائر وتتغير المعطيات تلقائيًا”. وأضاف الحجيري: “الجيش هو المسؤول عن الوضع في الجرود اللبنانية والقرار والكلمة كلمته وهي ليست لا للعشائر ولا لحسن نصر الله”.

وردًا على التهديدات المتتالية بقرب اندلاع المعركة في الجرود، أصدر “جيش الفتح – تجمع القلمون الغربي” المعارض بيانًا طالب فيه لبنان حكومة وشعبًا وجيشًا بالتزام الحياد تجاه الجرد، وإيقاف أي عمل عسكري منطلقًا من أراضي لبنان، داعيًا إلى فتح الممرات الآمنة للمنظمات الدولية وغيرها والقيام بالواجبات الإنسانية تجاه الجرحى والمصابين والمدنيين عامة.

السابق
عميد طيار منشق: بوادر معركة دمشق بدأت تظهر
التالي
ريفي: عرسال جزء من الوطن وليست جزيرة معزولة