الخليجيّون والإيرانيّون في واشنطن… أوباما يُفصّل الأدوار ويُحدّد المواقع

واشنطن قِبلة الأنظار، تستعدّ لاستقبال قادة دوَل مجلس التعاون الخليجي في كامب دايفيد، وتجتهد في وضع النص النهائي للاتفاق النووي مع وزير الخارجيّة الإيراني محمد جواد ظريف. ويَجد الرئيس باراك أوباما نفسَه أمام مفصل تاريخي، عليه أن يوفّق بين المطالب الخليجيّة من جهة، والإيرانيّة من جهة أخرى، ويفرض استراتيجيّته على الطرَفين.
ماذا في الكواليس؟

يُصرّ بعض الخليجيّين على أن يكون «جسر الشغور»، جسرَ عبور نحو سوريا مختلفة. يريد تحرير الملف السوري من الوصاية الإيرانيّة. يبقى الملف اليمني أولويّة، لكنّه يحتلّ مرتبةً واحدة من الأهمّية مع الملف السوري، والكلام الديبلوماسي الخليجي واضحٌ لا لبسَ فيه: «إذا كان لا بدّ من اتّفاق على النووي في 30 حزيران المقبل، لا بدّ في المقابل من استعادة دمشق من الحاضنة الإيرانية إلى الحاضنة العربيّة».
لدى الديبلوماسييّن المتابعين مؤشرات محَلّية وإقليميّة يمكن البناء عليها طِبقاً لتطوّر الأوضاع، وتسارُع وتيرة الأحداث.

محَلّياً: انشغَلت قوى في «8 و14 آذار» بمعرفة ما إذا كان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قد سلّمَ فعلاً الرئيس فرنسوا هولاند مذكّرةً عن لبنان واقعاً ومرتجى. هناك محاولات تُبذل للاطّلاع على مضمونها. بعض السفارات تلقّى اتّصالات من فاعليات سياسة، أو من المقرّبين منها، تسأل وتستفسر: هل ثمَّة مذكّرة فعلاً؟ وما هي مضامينُها، أو عناوينها العريضة؟

ومن المؤثّرات المحفّزة لهذا الاهتمام غير المسبوق، الحفاوة المميّزة التي خَصّ بها الرئيس الفرنسي ضيفَه، والطابع الرسمي للاجتماع، والرصانة التي اتّصَف بها في ظلّ غياب التصريحات المفرقعة عقبَ انتهائه، والتكتّم الشديد الذي رافقَ المحادثات، والاكتفاء فقط بالبيان الرسمي.

لقد ضاعف كلّ ذلك من منسوب الريبة عند البعض، خشيةً مِن عودة فاعلة «للأمّ الحنون» إلى الساحة اللبنانية للمساهمة في ترتيبها، وفقَ مندرجات المذكّرة «اللغز».

محَلّياً أيضاً، لم يخرج العماد ميشال عون من تحالفاته، وقد لا يفعل في المدى القريب، ولكنّ كلامَه الأخير لاقى آذاناً خليجيّة صاغية، ورصَدته دوائر ديبلوماسيّة غربيّة باهتمام، ولاحظت أنّ إرباكاً ما بدأ يتسلّل إلى صفوف حلفائه، وعلى خلفيّة هل بدأ الجنرال يُكوِّع؟

هل باشَر بنقل البندقيّة مِن كتِف إلى أخرى، استناداً إلى حسابات أصبحَت في متناوله، ويبني عليها، إو إلى متغيّرات يلاحظها في الأفق، ولا تتوافق غلالها، وحسابَ بيدره الخاص والعام؟

إقليميّاً، ترى المصادر أنّ قادة دوَل مجلس التعاون يعوّلون على اللقاء – القمّة مع الرئيس باراك أوباما في كامب دايفيد. يريدونها قمّة «تأسيسيّة للعلاقات المستقبليّة في ضوء ما يحدث على مسرح الشرق الأوسط». قمّة مصارحة «إذا كانت واشنطن منشغلة برسم حدود موقع إيران، فأين موقع العرب، وتحديداً دول مجلس التعاون؟». قمّة عنوانُها: «المصالح الدائمة، تحميها وترعاها تحالفات دائمة».

ومن المؤشّرات أيضاً أنّ الخليجيّين شاؤوا الوصول إلى كامب دايفيد من البوّابة الفرنسيّة. هولاند سيزور الرياض الإثنين والثلثاء من الأسبوع المقبل بدعوةٍ من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لحضور القمّة الخليجيّة، تحضيراً لكامب دايفيد.

– ماذا يريد الخليجيّون؟

صَهر التحالف حول اليمن، بالتحالف الدولي ضدّ الإرهاب، وقيام «غرفة عمليات» مشتركة لها أجندتُها ودفتر شروطها، بحيث تتحالف وتتشارك في تحمّل التبِعات، وتنفيذ العمليات الرامية إلى تنفيذ مضامين القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، سوريا، العراق… وساحات عربيّة
أخرى مشتعلة.

– تنسيق الجهود ما بين دوَل «عاصفة الحزم»، والحلف الأطلسي، خصوصاً أنّ هناك الكثير من أوجه التقارب في الإستراتيجيات المرسومة، والمسارات المتّبَعة، والأهداف المشتركة.

– إصرار دوَل التحالف على ضمانات أمنيّة، وسياسيّة، من مجموعة (5+1) تحديداً، ومن الغرب الأوروبّي – الأميركي عموماً، مقابل الاتّفاق النووي مع إيران.

– إصرار دوَل مجلس التعاون على لعب الدور الوازن والفاعل في إعادة ترتيب البيت العربي، في إخماد الحرائق المشتعلة في ساحاته من منطلق المصلحة العربية المشتركة. في الحصول على دعم أميركي – أوروبي واضح، قاعدتُه أنّ العرب «أولى بالمعروف من الإيراني، في ترتيب شؤون شعوبهم، وبلدانهم.

لن يكونَ الملف النووي وحدَه على الطاولة، بل الملفّ الإيراني أيضاً بأذرعِه الطويلة المتغلغِلة في العراق، في سوريا، في لبنان، في اليمن، وفي ساحات عربيّة أخرى، وإلى جانبه سيكون الملف اليمني المعقّد، والمفخّخ بشتّى أنواع المتفجّرات الأمنية والسياسيّة التي تستهدف الداخل، والمحيط.

ويعدّ للملف السوري ما لا يعدّ لسواه، بعض الخليج يرفع راية «سوريا أوّلاً»، إنّها في «عين العاصفة، ومحور العصف الديبلوماسي بَحثاً عن الحلول، والمخارج».

يريد الخليجيون استمرارَ التعاون والتحالف مع واشنطن، ويقرّون بأنّ شرق أوسط جديداً يولد من جوف الحديد والنار والمعاناة، لكن لا يريدونه على حساب دورهم وحضورهم. هدفُهم استرداد الدوَل العربيّة من الأشداق الإيرانيّة… وسوريا أوّلاً.

(الجمهورية)

السابق
طهران على حافة الهاوية
التالي
يوميات معتقل 15: عن خليل مشورب الذي رفع شارة النصر بوجه اسرائيل في المعتقل