بري: هكذا يستطيع السنّة والشيعة مواجهة «داعش»

تزدحم الملفات الباحثة عن مخرج او إخراج في «مطبخ» عين التينة، حيث تصب «داتا» الاتصالات السياسية، ببعديها الداخلي والخارجي. من قانون الانتخاب الى قانون الإيجارات وما بينهما من استحقاقات وتحديات، ينشط الرئيس نبيه بري سعيا الى إنتاج التسويات التي أصبح خبيرا في حياكة خيوطها، وإن طال وقت إنجازها أحيانا.

ولكن «أرانب» عين التينة التي غالبا ما تبشر بالحلول، هي من النوع الذي «يلسع» أيضا، متى دعت الحاجة. في هذا الإطار، يقول بري لـ «السفير» ان البعض عاد الى طرح تقسيمات انتخابية غريبة – عجيبة، من شأنها ان تعيدنا الى الوراء، بدل ان نتقدم الى الأمام.
ويوضح ان هناك من يتعامل مع مشروعه الانتخابي (64 نائبا بالنظام الأكثري في الاقضية و64 نائبا بالنظام النسبي في المحافظات) بطريقة تؤدي الى تفريغه من محتواه، مشيرا الى ان البعض يقترح تصغير الأقضية وإعادة تقسيمها، بحيث يزيد عددها عما هو مقترح في مشروعي، وكأن المطلوب المزيد من التفتيت والتقوقع، لا العكس.
ويضيف: أمام هذه الطروحات، يغدو قانون الستين السيئ، متطورا ومتقدما.. فهل بهذه الطريقة نطوّر النظام ونخرج من الجزر الطائفية والمذهبية؟
ويلفت بري الانتباه الى ان الكثيرين ممن يتظاهرون في العلن بالموافقة على النسبية، هم في واقع الامر لا يريدونها، ولكنهم يحاولون شراء الوقت وتجنب تحمل تبعات المواجهة المكشوفة لهذا الخيار.
ويشير الى ان هناك قوى سياسية أساسية ترفض ضمنا النسبية، وإن كانت لا تجاهر بذلك، معتبرا ان هذه القوى تتخوف من ان يخرج من مناطق نفوذها نواب ليسوا منضوين تحت مظلتها السياسية، متجاهلة ان معادلة النسبية تطال بأرباحها وخسائرها الجميع على حد سواء، إذ ان حركة «أمل» و»حزب الله» سيفقدان بدورهما بعض المقاعد، لكن لبنان سيربح.
ويتوقف بري عند الواقع المر الذي وصل اليه الوضع الداخلي في لبنان، قائلا: إذا كان مجلس الوزراء لا يستطيع تعيين عمال تنظيفات، وإذا كان تعيين من هذا النوع يتأثر بتجاذبات وتوازنات طائفية، فكيف يمكن ان نبحث في تطوير الدستور والطائف في هذا التوقيت؟
وأبعد من هذه الإشكاليات السياسية، يتطرق بري الى مسؤوليات علماء الدين المتنورين، من السنة والشيعة، في مواجهة ظاهرة التطرف والتكفير، والتي يشكل تنظيم «داعش» أحد رموزها، لافتا الانتباه الى ان من واجب هؤلاء العلماء التركيز على القواسم والمساحات المشتركة بين المذهبين، وهي واسعة، ويمكن البناء عليها والانطلاق منها لدحض كل المقولات المضادة التي تحرّض على التفرقة وتضخ السموم.
ويشدد بري على ضرورة ان يأخذ العارفون حقا بأصول الدين دورهم، ويرفعوا صوتهم، حتى لا تُترك الساحة الاسلامية للخطاب المتشنج، لافتا الانتباه الى انه عندما قال امام عشرات الآلاف خلال أحد المهرجانات في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر إنه شيعي الهوية، سني الهوى، هتف الجمهور مؤيدا، وهذا يعني ان لدى الناس كل الاستعداد للتفاعل مع الخطاب المعتدل والمنفتح، إذا وُجد.
ويدعو بري الى إحياء القواسم المشتركة الكامنة في التاريخ والفقه، والإضاءة عليها بالشكل الذي تستحقه، وعندها سيكتشف الكثيرون ان ما يجمع الشيعة مع السنة أكثر وأكبر مما يجمع المجموعات التكفيرية والمتطرفة مع الطائفة السنية.
ويضيف: على سبيل المثال لا الحصر، فإن من الوقائع التاريخية التي تحمل دلالات بليغة ان الإمام الحسين أطلق على أحد أبنائه الذي استشهد معه اسم أبي بكر، والإمام الحسن أطلق على أحد أبنائه اسم عمر، كما ان الشهيد مطهري، الذي هو من ركائز الثورة الاسلامية في إيران، اعتبر في كتاب له أقرأه حاليا ان الخليفة عمر بن الخطاب كان يرمز في سلوكه الى العدالة، والسيد علي السيستاني احتضن جمعية سنية في العراق قصدته لاستدانة مبلغ مليون دولار من أجل تنفيذ أحد المشاريع الحيوية فقرر ان يهبها المبلغ مستندا الى خطابه الوحدوي الذي بلغ حد اعتبار ان السنة «ليسوا الآخر وإنما هم أنفسنا»، والإمام علي الخامنئي أصدر فتوى بتحريم الإساءة الى الصحابة ونساء الرسول ردا على التعرض للسيدة عائشة.
وانطلاقا من هذه المحطات، يخلص بري الى ان المطلوب من عموم الشيعة والسنة ان يقتدوا بسلوك مرجعياتهم الرصينة والعاقلة، لنبني ثقافة الوحدة.

السابق
«خريطة طريق» فرنسية للرئاسة والتسليح إعادة «تطبيع» هادئة بين بكركي والزعماء
التالي
جنبلاط يصف تجمع أفراد عائلة أبو حمزة أمام منزله بـ«مسرحية دموع التماسيح»