النواب الفرنسيّون وسلام: إحاطة دافئة وقلقة

كتبت صحيفة “النهار” تقول : تزامنت بداية الزيارة الرسمية لرئيس الوزراء تمام سلام لباريس امس مع ضخ اجواء من الحيوية الداخلية الملموسة في ملف رئاسة الجمهورية عقب زيارة الموفد الفرنسي جان فرنسوا جيرو، ولو ان نتائج المسعى الفرنسي لا تزال عرضة لكثير من الاجتهادات والبلورة على المستويين الداخلي والاقليمي. واذ “تصاعد” مع تأجيل الانتخابات الرئاسية الى الجلسة السابعة عشرة في السابع من كانون الثاني 2015 “حوار المنابر” العلنية بين رئيس “تكتل التغيير والاصلاح ” العماد ميشال عون ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع وتبادل “العزايم ” الى الزيارات بين الرابية ومعراب، بدت طلائع زيارة الرئيس سلام لفرنسا متمحورة على ثلاثة ملفات اساسية وسط اهتمام فرنسي لافت بمجمل الاوضاع الداخلية والخارجية للبنان سواء من الجوانب المتصلة بأزمته الرئاسية والسياسية ام خصوصا من الجانب الامني المتصل بأخطار التحديات الارهابية التي يواجهها.

وهذه الملفات تتلخص بالاستحقاق الرئاسي وملف اللاجئين السوريين الى لبنان وملف تسليح الجيش بالهبة السعودية. وأفادت موفدة “النهار” مع الوفد الصحافي المرافق لسلام سابين عويس ان رئيس الوزراء سيحض باريس على الاسراع في تنفيذ الهبة السعودية ضمن المهلة المحددة في الاتفاق الموقع بين فرنسا والمملكة العربية السعودية بعد انقضاء 30 يوما على توقيعه وهذا الموعد يصادف 13 كانون الاول الجاري. لكن الاتفاق لا يزال عالقا عند ثلاث مسائل ستعالج مع المسؤولين الفرنسيين وهي تسليم طائرات من نوع “توريل” ومنظومة القتال البحرية وشبكة الاتصالات المشفرة.

أما في الملف الرئاسي فنفى الرئيس سلام ردا على سؤال لـ”النهار” ان يكون تبلغ من الجانب الفرنسي مبادرة في شأن الاستحقاق الرئاسي مشيرا الى ان الامر “يقتصر على حركة تواصل وتشاور انطلاقا من حرص فرنسا على مساعدة لبنان في انهاء الشغور في سدة الرئاسة”. وشدد على ضرورة ان “تحسم القوى السياسية اللبنانية أمرها وان تجد المخرج المناسب بما يضمن أمن لبنان واستقراره”. كما نفى في لقاء والاعلاميين ان يكون تبلغ من جيرو أسماء محددة ترشحها باريس للرئاسة . وفي ملف اللاجئين السوريين اكد سلام ان لبنان يسعى الى الحصول على الدعم والمؤازرة “ليس لتخفيف أعباء هذا الملف الاقتصادية والاجتماعية فحسب بل ايضا الامنية لانها تفاقم المشاكل والمخاطر”.

والتقى سلام والوفد الوزاري المرافق له والذي يضم نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل ووزير الخارجية جبران باسيل رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه، ثم التقى لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية الفرنسية وتحدث امامها ورد على مجموعة من الاسئلة التي طرحها نواب فرنسيون واتسمت الجلسة باهمية بارزة اذ وضع النواب على طاولة خريطة لبنان وأسهبوا في استيضاح رئيس الوزراء الكثير من النقاط الامنية والسياسية، كما تطرقوا الى المسائل الاقتصادية والاجتماعية التي يعانيها لبنان عاكسين عمق الاهتمام بالواقع اللبناني والقلق ايضا على بعض النواحي الامنية فيه وخصوصا من حيث انعكاسات الازمة السورية عليه وثقل تداعيات ازمة اللاجئين السوريين الى أرضه.

وبرزت ثلاث نقاط في أسئلة النواب: الاستحقاق الرئاسي، كيف تغطي الحكومة وجود “حزب الله” في سوريا وفي الحكومة، والوضع الأمني في ظل الخطة الأمنية في طرابلس والبقاع وعرسال.

وفي رده على النواب أبدى سلام تفاؤله بقرب انتخاب رئيس جديد، مشيرا الى مساع إقليمية ودولية وفرنسية في هذا المجال.

في موضوع “حزب الله”، أشار الى ان الحزب ممثل في الحكومة ومجلس النواب وإن وجوده في سوريا كانت له ارتداداته على الوضع الداخلي، لكنه أكد ان الحكومة اتخذت منذ البداية قرارا بالحياد والنأي بالنفس وهي تسعى الى درء الفتنة.

وفي الموضوع الأمني أكد ان لبنان يعمل على إنهاء حال التطرف والإرهاب عبر خطط أمنية مكثفة كما جرى في طرابلس، مشددا على ان لبنان ليس بيئة حاضنة للإرهاب ومبرزا أهمية تسليح الجيش لكي يتمكن من القيام بدوره في مواجهة الارهاب.
وسئل عن الثقل الذي يمثله الرئيس سعد الحريري في لبنان على رغم وجوده في الخارج، فشرح الدور الذي يضطلع به الحريري وكتلته، لافتاً الى المبادرة التي أطلقها للحوار مع “حزب الله” لإيجاد تقارب بين الطائفتين السنية والشيعية منعا للفتنة وحفاظا على الاستقرار الداخلي.
وفي موضوع سوريا، أمل ان يساهم الحل هناك في عودة النازحين بعدما تخطى وجودهم وأعباؤهم قدرة لبنان على التحمل.

الرابية – معراب
على الصعيد الداخلي وبعد إرجاء الجلسة الانتخابية إلى 7 كانون الثاني 2015، أعلن رئيس حزب “القوات اللبنانية” في مؤتمر صحافي ترحيبه بدعوة النائب العماد ميشال عون إياه لزيارة الرابية، لكنه اشترط أن يكون هناك اقتراح جدي لانتخاب رئيس للجمهورية والتخلي عن طرح خيار وحيد. وكرر أنه غير متمسك بترشحه ملاحظاً أن “الجو في الرابية ليس جو طرح أسماء” مرشحين آخرين للبحث فيها، ولافتاً إلى بدء تحرك لقوى خارجية من أجل الانتخابات الرئاسية.

وقال نائب رئيس حزب “القوات” النائب جورج عدوان لـ”النهار”: “إن هناك طريقين للتسوية في موضوع الرئاسة، فإما أن تفرضها ظروف دولية وإقليمية بغض النظر عن إرادة اللبنانيين، وربما بمشاركة ضعيفة لهم، وإما تسوية لبنانية تبدأ بين المسيحيين وتنتقل إلى المرحلة الوطنية الشاملة. نحن نفضل الطريق الثانية، وما نفعله خطوة أولى”. لكنه أضاف ان هذه العملية قد تستغرق شهوراً وأن نجاحها يتطلب اقتناع الجنرال عون بأن الوقت قد حان للانتقال إلى مرحلة التسوية، وهذا لم يحصل بعد.

وأبدى مصدر نيابي لـ”النهار” اقتناعه بأن لا لقاء ولا موضوع مشتركاً بين جعجع وعون. فرئيس “القوات” يعلن أنه يريد التفاهم على رئيس توافقي، ورئيس “التيار الوطني الحر” يعلن أنه ليس في هذا الوارد. وفي السياق نفسه أوضح مصدر في حزب “القوات” أن حديث جعجع عن خطوط مفتوحة مع “التيار العوني” لا يعني أكثر من وجود وسطاء يتصلون بالجانبين بين وقت وآخر، وقال: “على سبيل المثال، نحن و”تيار المردة” نحكي أكثر”. وأكد أن “جعجع يزور الرابية إذا لمس مؤشرات اجتماعية، وهذه غير موجودة. فلماذا الزيارة؟”.

السابق
هكذا خسر لبنان السوقين المصرية والأردنية الثروة النفطية المهملة
التالي
استياء مسيحي شامل من الحوار السني ــ الشيعي