الدولة مُربكة.. والفتنة على الأبواب!

كتب صلاح سلام في “اللواء”:
كشفت قضية العسكريين المحتجزين هزالة الوضع المتردّي في البلد، وفضحت حالة الإرباك والتردد التي تهيمن على الدولة ومؤسساتها الدستورية، وطبعاً الأجهزة الأمنية. جمهورية بلا رئيس.. مجلس النواب معطّل.. مجلس وزراء تحوّلت جلساته إلى حقول ألغام، بعدما أصبحت قراراته أسيرة الإجماع.. سرطان التسيّب والفساد يضرب الإدارات العامة، ويعطل مصالح الناس.. أزمات معيشية متفاقمة على إيقاع انهيار قطاع الكهرباء، رغم كل ما أنفق عليه من مليارات الدولارات، ومشكلة مستعصية للمياه، لا حلول متوفرة لها حالياً! وزادت الضغوط النفسية والإعلامية على أهالي العسكريين أولاً، ثم على اللبنانيين، كل اللبنانيين، ثانياً وثالثاً، أجواء التوتر السياسي والأمني في البلد، ورفعت منسوب الحساسيات الطائفية والمذهبية والمناطقية، وكادت تؤدي، في أكثر من منطقة، إلى تصادمات طائفية ومذهبية انتحارية للجميع، لأنها تزيد الانقسامات انقساماً، في وقت أحوج ما يكون الوطن فيه، الى تماسك الجبهة الداخلية، وإلى التسلح بالحكمة والوعي، من الجميع لتفويت الفرصة على المتربصين بأمن واستقرار لبنان، لتنفيذ مخططاتهم المشبوهة والخبيثة، في جرّ البلد إلى الاتون المشتعل في سوريا والعراق.. نعم، الدولة كانت مُربكة في التعاطي مع قضية العسكريين، لأن عناصر الضعف والوهن والتفكك، أفقدت المرجعية اللبنانية قدرة المبادرة والتماسك، والإقدام بشجاعة وثبات. الحالة الشعبية في غليان متصاعد، والبنية السياسية كانت تزداد تضعضعاً، ساعة بعد ساعة، بسبب التباعد في الطروحات المطروحة حول كيفية تحرير العسكريين، واستعادتهم سالمين إلى عائلاتهم، وجاء الاستغلال الإعلامي الرخيص لمشاعر أهالي العسكريين، ليصبّ الزيت على نار الأزمة، التي كانت تُنذر بانفجار داخلي مريع.. يبقى التنبه لخطورة التلاعب بنيران الشعارات الدينية، من مسؤولية الدولة أولاً طبعاً، وبالقدر نفسه، مسؤولية كل الأطراف السياسية: إسلامية ومسيحية، سنية وشيعية، وذلك بعيداً عن المزايدات الفارغة، ولعدم الانجرار إلى إثارة النعرات القاتلة، لأن أجواء التوتر والاحتقان قابلة للاشتعال، عند أدنى شرارة تدسها الأيدي الخبيثة. ما جرى في الأشرفية، وما يشاع عمّا جرى في طرابلس، وجهان لنتيجة واحدة: إشعال الفتنة، وجرّ البلاد والعباد إلى أتون حروب جديدة!

السابق
القوات الباكستانية تسيطر على مبنى التلفزيون الحكومي
التالي
الجيش الإسرائيلي يعلن المناطق القريبة من معبر القنيطرة في الجولان منطقة عسكرية مغلقة