هل تصنع أميركا وايران التاريخ بحلول الاحد المقبل؟

على مسافة أسبوع من 20 تموز، الموعد النهائي المحدد للتوصل إلى اتفاق نهائي بين ايران ومجموعة 5+1 للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، الى المانيا، لمنع طهران من تطوير أسلحة نووية، لاتزال “الاختلافات كبيرة” بين الجانبين، فهل تتيح سياسة حافة الهاوية التي يعتمدانها تحقيق اختراق في الايام الفاصلة، أم تطيح الاتفاق الموعود…الى موعد لاحق؟

بعد عقد من المفاوضات الفاشلة والحروب بالواسطة، قطعت المحادثات النووية بين واشنطن وطهران شوطا كبيراً منذ تجددها سراً العام الماضي قبل أن تخرج الى العلن وتعود الى اطارها الرسمي بين الجمهورية الاسلامية و مجموعة 5+1 .ومن أصل 31 التزاماً وقعتها طهران في 24 تشرين الثاني الماضي في اطار ما سمي “خطة العمل المشتركة” الرامية الى التوصل الى اتفاق شامل على في البرنامج النووي الإيراني، أكد مسؤولون دوليون مراراً أن ايران نفذت تعداتها. وقد وافقت خصوصاً على تعليق تخصيب الاورانيوم بنسبة أعلى من 5 في المئة ووقف انتاج الاورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة وزيادة اجهزة الطرد، وخفضت مخزون الاورانيوم المخصب وأوقفت بناء منشآت اضافية للتخصيب وسمحت لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش دوري لمنشآتها.
وفي المقابل، نفذ الغرب وعوده، وخفضت واشنطن بعض العقوبات المفروضة على طهران، بما فيها تحرير جزء من 4,2 مليارات دولار من عائدات النفط الايراني محتجزة في مصارف غربية في الاول من شباط الماضي، اضافة الى تعليق العقوبات على القطاعات الايرانية للبتروكيميائات والمعادن الثمينة والسيارات.وفي الرابع من نيسان، أكدت شركتا “بوينغ” و جنرال الكتريك” تلقيهما رخصاً من وزارة الخزانة الاميركية لتصدير قطع غيار وخدمات لقطاع الطيران المدني الايراني.

وفي وقت متزامن، أعلن الاتحاد الاوروبي تعليق عقوبات على ايران.
ومع ذلك، لا يزالان الجانبان بعيدين عن تحقيق اتفاق نهائي يحلول الموعد المحدد الاحد المقبل. وفي خضم الحركة الديبلوماسية الناشطة في فيينا، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في فيينا أمس إن ثمة “اختلافات كبرى” بين إيران والقوى العالمية الست .وأدلى نائب وزير الخارجية الايراني عباس عرقجي بتصريحات مشابهة، وإن يكن وزير الخارجية محمد جواد ظريف حاول الايحاء بأجواء من التفاؤل بتصريحه “أنه يمكننا صناعة التاريخ في مثل هذا الوقت الاسبوع المقبل”.

ويحاول الغرب خصوصاً الحد من عدد وأنواع أجهزة الطرد المركزي التي سيُسمح لإيران بامتلاكها.وتصر طهران على أنها تحتاج الى أكثر بكثير من مخزونها الحالي المعلن وهو 19 الف جهاز، لانتاج وقود كاف لبرنامج نووي سلمي، بينما يرى الغرب أنها تحتاج الى أقل من هذا العدد بكثير. أما المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي صاحب الكلمة الفصل في الملف النووي، فرفع سقف المطالب الاسبوع الماضي بابرازه حاجة بلاده إلى 190 ألف جهاز للطرد المركزي لتخصيب الاورانيوم.
وفي نقطة عالقة أخرى، يطالب الغرب ايران بتفكيك مفاعل أراك القادر على انتاج بلوتونيوم الذي يمكن استخدامه لانتاج قنبلة ، ومنشأة التخصيب العملاقة في فوردو، الا أن طهران ترفض تفكيك أي من منشآتها.

في ظل هذا التباين، يبدو صعبا التوصل الى اتفاق بحلول الاحد المقبل، على رغم حماسة الجانبين الى انهاء هذا الملف الشائك. فالحكومة الإيرانية تبدو في أمسّ الحاجة إلى تحرير اقتصادها من أعباء العقوبات، فيما تقاوم ادارة الرئيس باراك أوباما ضغوطات كبيرة، سواء من اسرائيل أو حلفاء خليجيين في أو حتى داخل الكونغرس للمضي في المحادثات. لووسط هذه الاحتمالات المتساوية تقريباً للنجاح والفشل، ثمة من يذهب الى رسم مخارج محتملة سواء في الايام المقبلة أو خلال ستة أشهر مقبلة.

مخارج محتملة

وينقل جيمس ستروب من “مركز التعاون الدولي” عن أحد أعضاء الوفد المفاوض في مجموعة 5+1 أن “الابتكار” كانت العبارة الطاغية في فيينا الاسبوع الماضي، إذ أن “ثمة أماكن أظهرت فيها ايران ابداعاً وليونة في المفاوضات”، موضحا أن مسؤولا ايرانيا رفيع المستوى مثلاً اقترح تغييرات في أراك لانتاج بلوتونيوم أقل، كذلك، تحدث الايرانيون عن عملية من مرحلتين يوافقون فيها على ما يعتبرونه قيودا مشددة لفترة محددة لارضاء الغرب ، ربما عشر سنين، ثم يكونون بعدها أحرارا في التصرف كأية دولة أخرى موقعة لمعاهدة حظر الانتشار النووي.

المفاوض الايراني السابق سيد حسين موسويان الذي لا يزال مقربا من المسؤولين الايرانيين يرى إن التوصل الى اتفاق يتطلب حلولا وسطاً من الجانبين.ولفت الى أن أحد التحديات الرئيسية هو اصرار اميركا على تنازلات ايرانية أبعد مما تتطلبه معاهدة حظر الانتشار النووي، بما فيها تفكيك جزء مهم من اجهزة الطرد ومخزونات الاورانيوم المنخفض التخصيب واقفال فوردو ومفاعل أراك للمياه الثقيلة وتفتيش معمق يذهب الى أبعد ما تنص عليه المعاهدة والبروتوكول الاضافي.ولفت الى أنها كعضو في المعاهدة، لن تقبل ايران بمثل هذا الاجراءات التمييزية.ففي رأيه أنه لضمان عدم قيام ايران باختراق في اتجاه التسلح، يمكن المفاوضون من الجانبين الاتفاق على قيود واقعية لفترة محدودة في اجراء لبناء الثقة، موضحا أن هذه القيود يمكن أن تشمل موافقة ايران على عدم القيام بتخصيب الى درجة تتيج صناعة أسلحة في منشأة نتانز، أو خفض انتاج البلوتونيوم في مفاعل أراك.وفي المقابل، على العالم أن يحترم حق ايران في امتلاك تكنولوجيا نووية سلمية، ورفع كل العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي الايراني وسحب الملف الايراني من مجلس الامن.

وفي موازاة هذه العراقيل، يدرك كل من الفريقين الضغوط السياسية الداخلية التي يتعرض لها الفريق الاخر. فمع أن الاتفاق الموقع في تشرين الثاني الماضي يتضمن بندا يسمح بتمديد المفاوضات للتوصل الى اتفاق دائم حتى ستة أشهر ، يقول موسويان إن طهران ستوافق على التمديد ما لم تطلب مجموعة 5+1 تنازلات اضافية ، والامر نفسه قد ينطبق على واشنطن.

…في زمن “الدولة الاسلامية”، ثمة من يضفي على المفاوضات النووية بين الغرب وطهران أبعاداً جديدة.ففي خضم الطفرة المفاجئة التي يشهدها التطرف الاسلامي في سوريا والعراق والتهديدات التي تطاول ليبيا واليمن ولبنان ، ينظر جيمس تروب مثلاً الى طهران كشريك محتمل في مواجهة ما يحصل في المنطقة، ويتخيل ايران وتركيا كشرطيين اقليميين على عالم عربي منقسم وفقير .ومن هذا المنطلق يحض أوباما بشدة على الوقوف في وجه دعاة الحرب في الكونغرس خصوصاً ، والمضي في اتجاه التوصل الى اتفاق نووي مع ايران.

السابق
هل أدرك الإعلام المصري أن غزة ستبقى رافعة لمصر العروبة
التالي
بان كي مون يأسف لمقتل ’الكثير من المدنيين الفلسطينيين’