داعش ضد الأسد أم معه: هل تذكرون شاكر العبسي؟ (2)

داعش
ما يقوم به النظام السوري اليوم يندرج في إطار اللعبة نفسها التي سبق أن مارسها ضد لبنان أيضاً بعد انسحابه منه عبر تصديره جماعة شاكر العبسي. فهو بالحد الأدنى يسهل نمو جماعات التطرف الإسلامي، بشرياً ومالياً وتسليحياً، ويطلق سراحهم، ويمتنع عن ضربهم، ويترك لهم مستودعات أسلحة ليسيطروا عليها بسهولة، ويكبر حجمهم حتى يصطدموا بالكتائب المقاتلة الأخرى، وفي الحد الأعلى يخترقهم بقيادات تعمل معه مخابراتياً، بحيث تقود هذه الجماعات إلى أعمال يستفيد منها إعلامياً وعسكرياً.

ما يقوم به النظام السوري اليوم يندرج في إطار اللعبة نفسها التي سبق أن مارسها ضد لبنان أيضاً بعد انسحابه منه عبر تصديره جماعة شاكر العبسي. فهو بالحد الأدنى يسهل نمو جماعات التطرف الإسلامي، بشرياً ومالياً وتسليحياً، ويطلق سراحهم، ويمتنع عن ضربهم، ويترك لهم مستودعات أسلحة ليسيطروا عليها بسهولة، ويكبر حجمهم حتى يصطدموا بالكتائب المقاتلة الأخرى، وفي الحد الأعلى يخترقهم بقيادات تعمل معه مخابراتياً، بحيث تقود هذه الجماعات إلى أعمال يستفيد منها إعلامياً وعسكرياً.

في 4 نيسان الماضي نشرت صحيفة “الشرق الأوسط” ضمن سلسلة من الوثائق الرسمية السورية المسربة التي تنشرها؛ وثيقة مقدمة إلى رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك وموقعة باسم العقيد حيدر حيدر، رئيس اللجنة الأمنية في مدينة نبل ومحيطها في حلب، تؤكد – وفق المعلومات الواردة فيها – تسهيل النظام السوري ضخ مقاتلين شيعة بالمئات من العراق إلى سوريا، وقيامه بتأمين وثائق لهم تثبت – خلافاً للحقيقة – أنّهم سنة، حيث يجري التحاقهم لاحقاً بـ “داعش” على أنهم “جهاديون”.

وفي 21 من شهر أيار الجاري وضح أحد ضباط الجيش السوري الاستراتيجية التي يعتمدها النظام مع هذه الجماعات؛ مبيناً الفوائد التي يجنيها، وذلك في إطار مزايدة أحد مرشحي الرئاسة السورية في موضوع “الحرب على الإرهاب”، ودعوته إلى قصف مناطق الرقة التي تسيطر عليها “داعش”. كتب العقيد محمد بركات في مقال حمل عنوان “عدو عدوك صديقك”، مؤكداً أن مقرات “داعش” وإحداثياتها “معلومة لدى الجيش السوري وسلاح الطيران وأرتالهم مكشوفة، بل إن أرتالهم قد تمر بالقرب من قواعدنا ولكن يقال في المثل: إذا رأيت عدوك يدمر نفسه فلا تقاطعه”. أضاف “قد لايعلم من ينتقد قيادة الجيش السوري أن داعش قتلت أكثر من ألفي إرهابي مما يعرف بالجبهة الإسلامية، وهي إحدى أكثر المجموعات خطراً في حلب، وتقتل حالياً المئات من مرتزقة القاعدة في دير الزور الذين ينفذون هجمات قوية على جنودنا”!.

وقد سبق هذا الاعتراف من جانب النظام بأيام اعتراف من جانب أحد منتسبي “داعش” المنشقين عنها أبي أحمد الذي كشف تفاصيل كثيرة عن التنسيق السري القائم بين “داعش” والنظام.

والواقع أن ما كشف عنه بركات معروف أصلاً في الداخل السوري. معروف كيف تسيطر “داعش” على مخازن أسلحة النظام بسهولة، وكيف تُشغل الثوار عندما يلتحمون مع جيش النظام، وكيف تخلي مناطق تسيطر عليها لصالح النظام عندما تشعر أن الدفاع عنها صعب في مواجهة الثوار.

 “داعش” في خدمة النظام السوري

هكذا بات معلوماً جرائم “داعش” المريعة، وتشهويهها للثورة، وضربها للثوار. وعلى سبيل المثال لا الحصر ضربها ثوار حلب (كتائب الفاروق)، وتفجير مقر كتيبة “أحفاد الرسول” في الرقة، واستهدافها لواء “الله أكبر” في البوكمال، وسيطرتها على منطقة أعزاز بعد جرائم كبيرة، وقتلها صحافيين أجانب بل صحفيين سوريين يعملون مع “الجيش الحر”، وذبحها نحو 100 أسير من الثوار مطلع العام الجاري، وتهجيرها الأكراد في الرقة، وقتلها قادة تنظيمات أخرى من وزن أبو خالد السوري، وقائد لواء الدبابات في الجبهة الإسلامية أبو المقدام قبل أيام… وغير ذلك كثير.

 وعليه؛ فإن نسبة “داعش” إلى الثوار وتحميل ارتكاباتها إلى الثورة السورية لم يعد مقبولاً، ولا يمكن وضعه إلا في إطار التماهي مع استراتيجية النظام السوري في مواجهة الثورة، لأن الجهل بواقع نشأة وممارسات “داعش” وكثير من الجماعات المتطرفة الشبيهة لم يعد خافياً على أي متابع أكثر من أي وقت مضى.

السابق
التأخير في إقرار السلسلة ربما يصب في خانة المصلحة العامة
التالي
شاهد عيان من العصابات الصهيونية يروي عن النكبة 1948