المركز الثقافي التركي في بيروت يشهد إقبالاً كبيراً

منذ قرابة العامين، افتُتح المركز الثقافي التركي في وسط العاصمة بيروت، وتحديداً في بناية اللعازارية. وخرّج 600 طالب. مديره جنكيز أروغلو لا يندم إلا على شيء واحد: التأخر في افتتاح المركز إلى الآن. فالإقبال كبير، وهو ليس على اللغة التركية فحسب، بل يتعدّاها إلى القيم التركية. جانب جديد تكشّفت عنه تركيا هو الجانب العلمي المجهول عند كثيرين، فالجامعات التركية التي يبلغ عددها حوالى 170 جامعة، تستقبل سنوياً بين 50 و60 طالباً لبنانياً في منح كاملة.

35 مركزاً لتركيا في العالم. السبب؟ “التعريف بتاريخ تركيا، وكسر الحكم المسبق عنها، فهي تملك تاريخاً عريقاً في الأدب، الفن المعماري، الفلسفة… وظيفتنا إخراج هذه الخصوصية إلى العلن كي لا تبقى صورة تركيا في الأذهان مرادفة للحرب والقتل منذ حقبة الحرب العالمية الأولى”، يقول أروغلو، ويتساءل: “أكثر من 600 عام التاريخ المشترك بين لبنان والدولة العثمانية. ثمة 1300 أثر من هذه الدولة في لبنان. الشعب اللبناني لا يتذكّر دولتنا إلا في فترة الحروب. اللافت أنه على الرغم من هذه الأعوام الطويلة، كان تأثير الدولة العثمانية أقل من تأثير الانتداب الفرنسي الذي بالكاد استمر 25 عاماً. والسبب أن العثمانيين كانوا متساهلين، إذ لم يستخدموا سياسة التتريك، لم يسعوا إلى فرض لغتهم ودينهم”.

أواشج قربى تجمع اللغة التركية بالعربية، إذ ثمة حوالى 4500 كلمة عربية موجودة في اللغة التركية، وهذا ما يجعل تعلّم التركية سهلاً عند اللبنانيين. والرغبة “جارفة” في تعلّم هذه اللغة، إلا أن المركز قادر على استيعاب 150 طالباً فقط، لذلك سيفتتح فرعاً آخر له في طرابلس في المقبل من الأيام. لماذا طرابلس؟ “لأن فيها أكثر من 150 مدرسة من العهد العثماني، فضلاً عن العائلات التركية القديمة التي تقطن فيها، وهي تسعى إلى استعادة اللغة التي غابت عن الأجيال الجديدة”.

ويوضح مدير المركز أن البعض يهمه التحدث بالتركية فقط، فيما يهدف الباقون إلى إتمام المراحل كلها التي تمتد على فترة سنة ونصف السنة تقريباً كي يذهبوا للتعلم في الجامعات التركية معفيين من دراسة التركية هناك. ويلفت إلى أن اللبنانيين الذين يقصدون الجامعات التركية يفعلون ذلك لدراسة تخصصين: الهندسة والطب.

ومن “حسنات” المسلسلات التركية التي تغزو الشاشات اللبنانية، أنها زرعت في البعض رغبة في تعلّم اللغة التركية كي تتسنّى لهم متابعة المسلسل وفهمه على أكمل وجه. ويثني أروغلو على اللبنانيين الذين يعرفون 3 أو 4 لغات وأحياناً 5، و”بهذا يختلفون عن بقية الدول العربية، ما يعكس مستواهم الثقافي الرفيع”.

ويعوّل أروغلو على الثقافة في مدّ الجسور بين لبنان وتركيا أكثر من التجارة أو السياسة، فـ”السياسة قد تتغيّر بين ليلة وضحاها، أما الثقافة فثابتة”.

ومن نشاطات المركز، إلى تعليم اللغة التركية على أيدي أساتذة أتراك متخصصين بتعليم هذه اللغة لغير الناطقين بها، معارض ومحاضرات في الثقافة التركية، تاريخها، الفن المعماري التركي في طرابلس… والمركز مصمّم مستقبلاً على فتح مجال دراسة اللغة التركية أمام الأولاد، وبالأخص ذوو الجذور التركية، مع التحضير لدورات في الموسيقى التركية والرقص والفولكلور.

ويعجب أروغلو كل العجب من أن لبنان هو الدولة الوحيدة التي تخلو جامعاتها من قسم اللغة التركية وآدابها، فـ”حتى سوريا وإيران والعراق يوجد فيها مثل هذا القسم، وهذه مسألة علمية لا سياسية. ثم كيف الحال مع لبنان الذي تربطه بتركيا علاقات تمتد على 700 عام؟ لماذا لم تهتم أي جامعة في لبنان في تأسيس قسم للغة التركية؟ السبب لست أفهمه. في المقابل ثمة أكثر من 80 جامعة في تركيا تدرّس اللغة العربية”. إلا أن هذا الغياب “سيُستدرك” قريباً بافتتاح أول مركز للغة التركية في إحدى الجامعات الخاصة، وقد يكون في جامعتين، والأرجح في طرابلس، يوضح أروغلو الذي يقول: “سندعم الجامعة بالكتب والأساتذة من تركيا، ونرسل الطلاب المتفوقين إلى تركيا لإكمال دراستهم… ونحن مستعدون لأي مبادرة من هذا النوع. غير أنني أتساءل كيف لا يقصد أي مؤرخ لبناني تركيا لدراسة لبنان في الوثائق العثمانية، وفي تركيا أرشيف أكثر من 35 دولة؟ كيف لا يستخدم المصدر التركي والعثماني؟”. من شأن افتتاح هذا القسم أن يوفّر فرص عمل كثيرة في شتى الميادين، في الشركات التركية المنتشرة في العالم كله، الترجمة، التجارة… “فتركيا تحتاج إلى أيدي عاملة خصوصاً بعدما شهد وضعها الاقتصادي انفتاحاً”.

السابق
مفرزة بيروت اوقفت 4 لبنانيين و 3 سوريين
التالي
لبنان الخامس عالمياً بمقاسات العضو الذكري