تحت غطاء…

يجمع عنوان المقال بين متناقضين: ما هو واضح للعيان وما هو غير واضح أو مستتر، لأن في ذلك رفضا للأهداف قيد التنفيذ. تكثر المبررات وتكثر معها الشكوك والآراء والتحاليل التي تفضي الى أن ما في الأمر قطبة مخفية ولكن لا بدّ من فكها واعطائها الوصف الحقيقي.

ان ما يدور تحت الغطاء اليوم، تلك السياسة التي تنتهجها الدول الكبرى وسعيها الدؤوب في رسم خريطة الشرق الاوسط الجديد وتفتيت المنطقة العربية. ولعلّ هذه الخريطة الجديدة ذكّرتنا بما قالته وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايز.
أما ما وقفتُ عنده حائراً متعجباً فهو ما قرأته لـ”برنارد لويس” اذ يقول:
“انه من الضروري اعادة تقسيم الأقطار العربية والاسلامية الى وحدات عشائرية وطائفية ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم ويجب أن يكون شعار أميركا في ذلك … إما أن نضعهم تحت سيادتنا أو ندعهم ليدمروا حضارتنا… ولا مانع عند اعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها قبل أن تغزو أميركا وأوروبا لتدمر الحضارة فيها”.
قد يظن البعض عند قراءتهم لهذا الحديث أنه ليس بجديد يضاف الى سجل ادارة الدول الكبرى وما بدأت به من حروب في الدول العربية تحت لواء تطبيق النظام الديمقراطي أو حماية الاقليات أو الحفاظ على حقوق الانسان والتدخل الانساني وما اليها من اقنعة تتبدل حسب المصالح التي ترغب بتحقيقها.
أما من يقرأ وهو غير عالم بما تقوم به سياسة هذه الدول فانه يتساءل عن الهدف من هذا التقسيم؟
وهنا لا بدّ من القول أن الهدف الأسمى من كل ذلك هو تأمين الحماية والأمن والسلام لاسرائيل وذلك عبر اعتماد مقاطعات للفرز الطائفي، فتستكين اسرائيل بكيانها لأنها فوق كل اعتبار بالنسبة للدول الكبرى.
أمام هذه التساؤلات الكبيرة وأمام هول هذه الكلمات نقف متحيّرين عما يمكننا أن نفعله للحد من هذه المشاريع التي تحاك لشرقنا، واخراجها من تحت الغطاء ووضعها أمام مجهر الجميع لنفكر معا في كيفية وقف هذا التقسيم.
فلنتفق اذاً على ما يجعلنا نتحد دولاً وشعباً للحد من هذه التدخلات، فنحن راسخون على أرضنا وكل منا يفاخر بحضارة عمرها آلاف السنين، لننطلق معا في توعية وطنية للحد من التدخلات الاجنبية بكل صورها، فلن تكون حروب الآخرين على أرضنا هذه المرّة لأننا سنفقد هذه الأرض اذا استمررنا في التنازع السياسي ورفضنا للحوار لننهض بمجتمعاتنا ونحافظ على ارثنا الوطني والثقافي والسياسي.

السابق
هل بقيت مصيبة لم تصب السوريين؟
التالي
انتخاب نقابة تجار الخضر والفواكه بالنبطية