لماذا لم تتبن المقاومة كمين اللبونة؟

حتى هذه اللحظة لم تنجل صورة ما جرى في اللبونة او كيف وقعت قوة النخبة الاسرائيلية المتخصصة بالاعمال الامنية الكبرى في فخ العبوات الشركية المنصوبة بعناية واتقان. والهمس الذي ساد في الاوساط الشعبية والسياسية عن مسؤولية المقاومة عن كمين “اللبونة” سيبقى في حدود الهمس طالما ان المواجهة المباشرة بين مقاتلي المقاومة وعناصر جيش الاحتلال لم تحصل واقتصرت خسائر القوة الغازية على بضعة جرحى. التكتم الاسرائيلي ومحاولة اختصار الحديث عن فشل العملية بانفجار لغم من مخلفات حرب تموز في العام 2006 فيه الكثير من السذاجة واستغباء الجمهور الاسرائيلي لان من وقع في الشرك ليس قوة عادية او احتياط او مبتدئة، الا انه اوفى بالغرض في التعتيم على فشل المهمة التي كانت القوى تنوي تنفيذها. اللافت كان صمت قيادة المقاومة التي عادة ما تعلن مسؤوليتها عن اي عملية مرفقة بتصوير لمشاهد لها لكن تفاصيل وملابسات العملية بقيت طي الكتمان التي تحيلها مصادر في المقاومة الى سببين اساسيين: الاول ان وجود عناصر المقاومة وهامش تحركهم يبقى سرياً ومرتبطا بآلية عمل ونشاط استخباراتي واستعلامي ورصد لاي حركة معادية، وبما ان المواجهة المباشرة بين المقاومة والجيش الاسرائيلي لم تحصل بشكل مباشر ولم يحدث اي اشتباك ومحاولة الاسرائيلي التعتيم والتخفيف من فشل العملية يخدم المقاومة كثيراً فبمجرد تيقن الجميع في لبنان واسرائيل ان المقاومة هي وراء كمين اللبونة تكون الرسالة قد وصلت: جهوزية كاملة لصد اي اعتداء وفي اي زمان ومكان.
السبب الثاني الذي تراه المصادر اساسياً ومنهجياً في طريقة عمل المقاومة انها تفصل بين طبيعة عملها الامني والعسكري عن المحيط السياسي فكل ما تقوم به من نشاط يخدم الجهوزية الدائمة للتصدي لاي عدوان لا يمكن ان يصبح قيد التداول الاعلامي والسياسي ويعطي العدو فرصة للتيقظ وتلافي الاخطاء السابقة التي وقع فيها في المرات السابقة فلا خدمات مجانية للعدو ولا حتى بحرف واحد او كلمة واحدة. فحزب الله في غنى عن ملف جديد وسجال جديد يفتح في وجهه فالوضع السياسي العام غير مريح وقيادته تواجه ضغوطات من الاتجاهات كافة وليس آخرها القرار الاوروبي. وتتوقف المصادر عند ما تراه مخيفاً وخطيراً وهو طريقة التعاطي الفاترة والباهتة مع الخرق الاسرائيلي وكأنه لم يعد عدواً وكأن توغله وخرقه السيادة اللبنانية كل يوم بحراً وجواً وبراً لا يعني بعض المتنطحين للسيادة ومنع اي اعتداء خارجي ويبدو ان هذا العدو اصبح سورية وايران والمقاومة لكنها في الوقت نفسه تتمنى وبعيداً من لغة التخوين او “فحص الدم الوطني” الذي اصبح كل موقف في لبنان مجبرا على الخضوع له ان تكون من باب “النكاية” والاستثمار السياسي وليست جزءاً من مشروع خارجي اميركي- اسرائيلي يمهد الطريق امام ضربة عسكرية للمقاومة وللبنان وتتماهى بدورها مع الغطاء الاوروبي والعربي الذي منح لاسرائيل وقواتها العسكرية لشن اي عدوان.
تستغرب المصادر الاطمئنان الزائد وتصديق “اشارات السلام الاسرائيلية” التي تصل الى قيادة المقاومة عبر الاوروبيين وعدم الرغبة الاسرائيلية بشن اي عدوان جديد على لبنان وانها تسعى الى استئناف مفاوضات مع الفلسطينيين، فحسابات المقاومة لا تستثني اي عدوان صهيوني في اي لحظة ولا يمكن التكهن بتبدل المصالح والاهداف العبرية التي لن تتورع عن الاقدام على اي حماقة متى وجدت لها مصلحة في ذلك او توفرت الفرص.
وتشير الى ان قبل اسبوع من عدوان تموز من العام 2006 عقد لقاء بين السيد حسن نصرالله وكوادر عسكرية وامنية وسياسية للمقاومة نوقشت خلاله بعض المعلومات الواردة وتطمينات اوروبية نقلت الى الحزب عبر مسؤولين لبنانيين  بان لا نية اسرائيلية لشن اي عدوان بينما كانت التحضيرات جارية على قدم وساق بغطاء اميركي ودولي واقليمي واسع واتخذ العدوان وقتها مسألة اسر الجنديين ذريعة لشن العدوان الذي هدف الى سحق المقاومة وتدمير بنيتها وحاضنتها.
يطل السيد نصرالله بعد ظهر الجمعة 16 الجاري في احتفال بذكرى انتصار المقاومة في 14 آب من العام 2006 بعد ان كان ظهر بين الحشود لساعة كاملة في يوم القدس العالمي ليؤكد ثابتتين اساسيتين ان المقاومة غير قابلة للتطويع او التخويف وباقية على خياراتها لصون لبنان وحمايته وضمان كرامة شعبه مهما كثرت الحملات واشتدت العواصف وان اسرائيل ينتظرها الكثير الكثير في حال فكرت بأي حماقة جديدة.

السابق
تشكيلة حكومية جديدة تطرح خلال ايام
التالي
فرع المعلومات لصاحبه تيار “المستقبل”