معارك الجنرال المجانية

لم يأت القرار الإداري بالتمديد لمدة سنتين لقائد الجيش العماد جان قهوجي وليد اعتبارات آنية أو شخصية بقدر ما جاء يلبي عوامل موضوعية أبرزها الحرص على عدم تعريض المؤسسة العسكرية للفراغ، في ظل الاستحقاقات السياسية والأمنية التي يواجهها لبنان، كما أن رسو التمديد على مدة السنتين لأن خيارات الستة أشهر أو السنة أو السنة ونصف سنة، تصادف كلها استحقاقات دستورية، من رئاسة الجمهورية إلى تشكيل الحكومة إلى الانتخابات النيابية المقبلة، «لذلك كان التوجّه حاسما بأن يكون القرار أكثر اطمئنانا، ولمدة سنتين» على حد تعبير مصدر مواكب.

يشير المصدر إلى أن الانتهاء من استحقاق التمديد لقيادة المؤسسة العسكرية، يعيد تسليط الضوء على الواقع السياسي، إذ ان الأنظار ستتوجه إلى الكلمة التي سيلقيها رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري عبر شاشة عملاقة في الإفطار المركزي في خمس مناطق لبنانية يوم الجمعة المقبل، «وهدفها لم شمل التيار الأزرق وإعادة شد عصبه، في ظل حالة الترهل والتراخي التي أصابته نتيجة عوامل مختلفة، أبرزها غياب المتابعة المباشرة للوضع الداخلي وإهمال جمهور التيار، وعدم مواكبة التحولات العربية التي كانت ذاهبة في اتجاه وتحولت في اتجاه آخر كادت تفقد التيار الأزرق السيطرة على الأرض التي هيمن عليها دعاة التطرف».

وفي موازاة خطاب الحريري، يطل أيضا الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله لمناسبة «يوم القدس العالمي» في اليوم ذاته (الجمعة)، حيث سيكون لخطابه بعد يتصل بالقضية الفلسطينية ودعم حركات المقاومة الفلسطينية، ومنها «حماس»، إضافة إلى الوضع الداخلي الذي سيحتل المرتبة الثانية في خطابه.

ويشير المصدر المواكب إلى «حراك داخلي لافت للانتباه على ضفتي «8 و14 اذار»، لإعادة توحيد الصفوف، وعلى سبيل المثال لا الحصر، العماد ميشال عون يخوض معركة ضد التمديد لقيادة الجيش اللبناني، معتقدا أنها معركة تربحه مرحليا وتحقق له شعبية معينة، لكنها معارك صغيرة لا تفيد على المدى الاستراتيجي، ذلك أنه بمواقفه جعل الرئيس نبيه بري في حلّ من اي التزام مستقبلي، خصوصا عند أوان الاستحقاقات الدستورية، كما أن بري يجد نفسه يوما بعد يوم أقرب الى وليد جنبلاط منه الى «الجنرال».

ويستغرب المصدر «كيف أن عون يكسب في معادلة كبيرة مثل الازمة السورية بينما تتوالى سقطاته الداخلية من دون وجود خط بياني يربط بين هذا الخيار أو ذاك، فهل هناك من يستطيع أن يحدد الاعتبارات التي تجعله يطالب بعقد جلسة نيابية عامة أو يقاطع جلسة عامة، أن يطالب بانعقاد مجلس الوزراء وأن يرفض انعقاده، أن يشن حملة على «المستقبل» والسعوديين ويجعل أولوية أولوياته كتاب «الابراء المستحيل» ثم فجأة يطوي الكتاب والحملات»؟

ويلفت المصدر الانتباه الى ان الأميركيين والأوروبيين والخليجيين، يقرّون بان نظام الرئيس بشار الاسد سينتصر في النهاية، والذي يُعمل عليه راهنا هو الا يكون الانتصار شاملا وحاسما، اي ان سوريا لن تترك له وحده بعد اليوم ولا بد من تقاسم للسلطة بين النظام والمعارضة، وبالتالي فان العاقل في لبنان هو من يوائم خطابه مع هذه الحقيقة كي يلاقي التسوية في سوريا ولو كانت بطيئة».

يضيف المصدر «انه برغم التهليل الاسرائيلي لقرار ادراج الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الارهاب الاوروبية، فان دول مجلس التعاون الخليجي شكلت قوة الدفع الاساسية للقرار نظرا للمصالح الاقتصادية الكبيرة المشتركة بينها وبين اوروبا، فالدول الخليجية التي انخرطت مباشرة في الازمة السورية اصطدمت بالفيتو الروسي الصيني في مجلس الأمن، وفشلت في اقناع الحلف الاطلسي بالتدخل العسكري المباشر في سوريا، ولذلك قررت استخدام نفوذها الاقتصادي لتعويض خسائرها، من دون اغفال احتمال دخول العامل الاسرائيلي على الخط اللبناني متذرعا بغطاء اوروبي لاستهداف لبنان مباشرة أو عبر الحرب الأمنية».

السابق
الثابت هو الثورة
التالي
ما بين سيناء والشعانبي