سوريا انتهت دوراً ومهمة!

تحدث المصدر المطلع نفسه القريب من ديبلوماسي إقليمي "نيويوركي" عن موقف تركيا من الأقليات المسيحية، قال: "الأقليات المسيحية الشرقية تهم تركيا. فهي تعوَّدت أن تعيش مع الإسلام وتعرف كيف تعيش معه. ويجب أن تُعطى الفرصة كي تُكمِل عيشها معه وتزدهر معه أيضاً. أما الأقليات الإسلامية فليس في التاريخ الإسلامي تجارب لعيش مقبول لها مع الأكثرية. يجب البحث في هذا الأمر وتحديد أسبابه. لذلك يجب عند البحث في حلول لسوريا الثائرة، البحث أيضاً عن وسائل لحماية كل الأقليات، وخصوصاً العلويين وتمكينهم مع الدورز والإسماعيليين من العيش في حرية. تركيا حاولت أو بالأحرى تحاول استعادة "العيش" الماضي مع المسيحيين الذي فقدناه مع مرور الوقت. لا نعرِف إذا كانت ستنجح. لكن ذلك رهن إرادتها وتحديداً إرادة الغالبية المُسلمة فيها كما رهن إرادة المسيحيين. عندما زار تركيا بطريرك انطاكية للسريان قال له رئيس حكومتها رجب طيب أردوغان: هذه بلادك وأبرشيتك. فهل تعود إليها؟ وكان جوابه سؤالاً هو الآتي: هل أستطيع أن أرتدي الذي أرتديه الآن هنا (أي في تركيا)؟ فأجاب أردوغان: لا تستطيع وليس لأنك مسيحياً. بل مفتي المسلمين الأتراك لا يستطيع إرتداء زيه أيضاً. الزي الرسمي الديني يُلبَس في مناسبات دينية معينة".

ماذا في جعبة مصدر مطلع قريب جداً من ديبلوماسي دولي فاعل جداً مقيم في نيويورك؟

بدأ اللقاء باستعراض سريع للوضع في المنطقة. فكان إتفاق على أنها تغلي. بل على أنها بركان ذو فوهات عدة تتفجّر الواحدة تلو الأخرى. من سوريا إلى لبنان والعراق واليمن وليبيا ثم الى فوضى مصر وربما تونس. أما السعودية فقد تشهد عدم إستقرار جزئي. والأردن يعيش في عالم من الخوف وهو يحاول حماية رأسه. النظام الأقليمي في الشرق الأوسط ينهار. ما النظام الذي سيقوم بدلاً منه؟ لا أحد يعرف. هذه قصة سنوات. هنا قال المصدر: "القصة هي قصة إقتصاد ونفط ومصالح. أميركا لها مصالح. كل الدول لها مصالح وتدافع عنها". وتم التوافق على أن الاقتصاد في العالم الثالث لا يقود السياسة مثلما يجري في العالم الأول المتقدم، بل السياسة هي التي تقوده بكل ما فيها من تخلف وتزمت ديني ومذهبي وعشائري. ماذا تريد أميركا؟ سألتُ. أجاب: "أميركا دولة غنية تمتلك أموالاً كثيرة، وعندما ينتهي كل ما يجري من أحداث تساهم بأموالها في عمليات إعادة البناء والإعمار، ولكن بعد تأسيس أنظمة تناسبها وتحمي مصالحها. وسوريا لا تختلف عن غيرها في هذا المجال. روسيا لها مصالح أيضاً مثل أميركا، علماً أنني لا أعرف بدقة مصالح الأخيرة". علّقتُ: مصالح أميركا كثيرة أبرزها في الشرق الأوسط النفط وإسرائيل. ردّ: "بعد 20 أو 30 سنة لا يعود النفط مهماً. فهو قد يخف أو ينضب. على كلٍّ روسيا دولة نفطية كبرى. تستطيع أن تفعل الكثير". قلتُ: الدول العربية صغيرة وكبيرة لديها نفط أيضاً. هي متحالفة كلها مع أميركا. والتعاون بين الفريقين دائم. وطبيعي أن يشمل لاحقاً توفير الأموال لإعادة بناء المنطقة او الدول التي شهدت دماراً واسعاً بسبب الحروب والثورات. علَّق: "دول متحالفة صحيح. لكن لهذه الدول العربية الحليفة مصالح تختلف أحياناً عن مصالح أميركا وربما تتناقض معها. ولهذا السبب فإنها قد لا تؤيد أميركا دائماً". رددتُ: تحتاج هذه الدول الى حماية أميركا. ولذلك فإنها لن تختلف معها جدياً. بعد ذلك تحدث المصدر نفسه عن مصر ثم سوريا فقال: "إنها في ضائقة كبيرة اقتصادياً وديموغرافياً. هي الدولة العربية الاكبر سكانياً وجغرافيتها كبيرة جداً! لكنها فقيرة ولم يعد في إمكانها على الأقل في المرحلة الراهنة القيام بأدوار كبيرة. أما سوريا فقد انتهت دوراً ومهمة وإلى أمد طويل ربما". سألتُ: ما مصلحة روسيا في سوريا؟ وروسيا ليست مع نظام الرئيس الاسد، فكيف تدعمه ولماذا؟ أنت قلت لي السنة الماضية عن الرئيس السوري: انه الرجل الخطأ في الموقع الخطأ في الزمن الخطأ. أجاب: "صحيح. لا أزال عند رأيي الذي قلته لك قبل سنة. لكن روسيا تخاف من الراديكاليين الإسلاميين الجهاديين. إذ عندها مثلهم في الشيشان ومناطق أخرى. الأوضاع الاقتصادية في الشيشان جيدة، ولم يمنع ذلك أن تكون للإسلام الراديكالي كلمة قوية هناك ودور في تحريك الأمور. أما في المناطق الإسلامية الأخرى داخل روسيا فهناك فقر وإسلامويون في الوقت نفسه. وهذا خَطَر مضاعف. ووحدة الأمة الروسية مصلحة كبرى لدولة روسيا وحكامها". ثم سأل: أوروبا حليفة لأميركا. فلماذا لا تساعدها في حل مشكلة سوريا"؟ بماذا أجبت؟

السابق
الوحدة الإسلاميّة الإيرانيّة
التالي
لميثاق شرف سياسي.. أولاً