الثورات في العالم العربي.. وآثارها على اسرائيل

موجة الاحتجاجات، المظاهرات الشعبية والانتفاضات، التي تحمل عنوان ‘الربيع العربي’، والتي اندلعت في تونس في أواخر العام 2010 وانتشرت الى أجزاء واسعة من العالم العربي، ولدت بدورها موجة من التحليلات والتقديرات بالنسبة للتطورات المستقبلية. وتركزت هذه التحليلات أساسا على العوامل المقدرة لما بدا كخروج حاد عن الاستقرار او السلبية التي ميزت السياسة الشرق أوسطية في العقود الماضية. كما تركزت هذه التحليلات والتقديرات على الاثار المحتملة لهذه الاحداث على المنطقة بأسرها.

وبدلا من مواصلة الانشغال في المواضيع التي سبق ان بحثت، ركزت مجموعة العمل في معهد بحوث الامن القومي على الاثار المحتملة لما يسمى الربيع العربي على اسرائيل، وقد توصل الى ان الخطر الاكبر المحدق بإسرائيل هو إمكانية أن يتبين صحيحا تحذير مبارك للولايات المتحدة بالنسبة لمصر في أن البديل الواقعي الوحيد لاستمرار نموذج حكمه الدكتاتوري هو حكم دكتاتوري إسلامي ليس فقط في مصر، بل وفي المنطقة بأسرها. خطر واضح يحدق جراء صعود أنظمة إسلامية متطرفة مصممة على تطبيق أولوياتها الايديولوجية، عديمة الحساسية تجاه الموازين العسكرية أو حبيسة آلية سياسية من التصعيد من فعل أيديها. خطر من درجة ثانية هو أن يتيح إضعاف المرجعية المركزية لمنظمات الارهاب استغلال الفراغ السلطوي في المناطق الحدودية لتطوير قدراتها العملياتية، وتصعيد الهجمات على اسرائيل بناء على تفكرها الخاص.

هذا السيناريو تحقق منذ الان في جنوب لبنان وفي شبه جزيرة سيناء (حتى قبل سقوط مبارك)، ومن شأنه بالتأكيد أن يحصل في جنوب شرق سوريا بل وفي غور الاردن. كل واحد من هذين السيناريوهين أو كلاهما معا سيخلقان محيطا اقليميا أكثر توترا وأقل أمنا يوميا بقدر أكبر، مثل المواجهة المقصودة أو التفكير الاستراتيجي المخلول..

كما توجد حتى امكانية، وإن كانت باحتمالية متدنية، أن يتعاون الاسلاميون المتطرفون في البلدان العربية السنية مع ايران، وإن كان لاسباب تكتيكية قصيرة المدى؛ شائعات عنيدة بشأن جس نبض نحو المصالحة بين ايران والاخوان المسلمين في مصر تحتاج الى تأكيد، وبالاحرى، عرض نتائج ملموسة، ولكن مجرد حقيقة أنه نشأت اتصالات جديرة بالذكر.

هذه المخاطر تتوازن، في قسم منها، مع تغييرات ايجابية محتملة في المنظومات الاقليمية، بمعنى، ضعف المحور برئاسة ايران في حالة سقوط نظام الاسد في سوريا.
راى المعهد انه وفي مثل هذه الظروف، تجد اسرائيل نفسها اليوم في وضع غير مسبوق يتعين عليها فيه أن تفكر بإمكانيات عمل وآثار سياسية لم يسبق لها أن اضطرت الى التفكير فيها في الماضي. فقد كانت اسرائيل منذ الازل غرسا غريبا في المنظومة الاقليمية، تجمع، لشدة الراحة، احاسيس الظلم السياسي والاجتماعي فيها. هذا الواقع لم يتغير. وأغلب الظن، لن تصبح إسرائيل أبدا عاملا مقبولا وجزءاً لا يتجزأ من المنطقة، وهذا الكشف من شأنه أن يتعاظم كلما تواصل الاضطراب وعدم الاستقرار بالتعاظم .وكنتيجة لذلك، على اسرائيل أن تفحص بتفكر أعمالا لتقليص شدة وسحر الديماغوجية المناهضة لاسرائيل، حتى في ظل الوعي العام في أن الالغاء المطلق للعداء الاقليمي سيبقى هدفا بعيدا بل وغير قابل للتحقق.

وعرض معهد البحوث مجموعة من المبادرات المحتملة، كالتحفيز للبحث عن حل للنزاع مع الفلسطينيين أو على الاقل لتقليص مستواه، وتأييد مبادىء مبادرة السلام العربية واقتراح البحث فيها مع مجموعة اتصال الجامعة العربية. منطق مشابه يقبع في أساس هذه التوصية. إسرائيل غير ملزمة بان تقبل دون تحفظ مضمون مبادرة السلام العربية، ولكن يمكنها أن تستمد منفعة من كل مبادرة من جانبها تدحض الادعاء بأنها تواصل رفض المبادرة العربية أو تجاهلها.

كذلك تسريع الاعداد للخطط الاحتياط، في حالة تحقق السيناريوهات الأسوأ، ولا سيما في شبه جزيرة سيناء، وعلى رأس ذلك تعزيز الدفاع على الحدود والاقامة المسبقة لمباني القيادة، إطر القوة وخطط التدريب التي يحتمل أن تكون مطلوبة وفقا للتطورات المستقبلية المحتملة. كما أنه يجب بلورة ردود فعل محتملة لطلبات مصرية لاعادة فحص شروط اتفاق السلام.

السابق
جريح في يونين وسرقة منزلين في بعلبك
التالي
إسرائيل تعيد فتح معبر كرم أبو سالم