الديار: لبنان دخل في المجهول وكل المفاجآت واردة

انفجرت الازمة داخل الحكومة التي منذ الاساس ليس عندها الا العداء لـ 14 آذار، لكنها من دون برنامج، مثلما 14 اذار ليس عندها برنامج للحكم، كذلك 8 اذار هي في ذات الوضع.
والصراع انفجر في عمقه على الاجهزة الامنية، من يسيطر عليها، ومن يكون المسؤول الأمني المخابراتي في البلاد.

كان المرحوم اللواء فرنسوا الحاج مرشحاً لقيادة الجيش، لكنه قُتل قبل تعيينه، والان يدور صراع حول وسائل الدولة وامكانياتها، فالرئيس نجيب ميقاتي أبقى على كل موظفيه الذي عينهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري سابقا والسنيورة والرئيس سعد الحريري، ولذلك فان الخريطة تدل على الآتي:

مديرية المخابرات في الجيش اللبناني مستقلة عن السياسة لكنها اكثر الى 8 اذار، لان سياسة الجيش اللبناني هي في التعاون مع الجيش السوري، وليس وضعه كوضع السياسيين الذين نراهم يوماً يراعون سوريا ويوماً يهاجمونها.

عندما تم تعيين العميد ادمون فاضل مديراً للمخابرات جاء العميد عباس ابراهيم مساعدا له، وكانت شخصية عباس ابراهيم اقوى ويسيطر على المديرية وينسّق مع سوريا، وكان حزب الله والمعارضة مرتاحين لوجوده في مديرية الامن العسكري، التي هي اقرب اليهم من قربه لـ 14 آذار.

ثم جاء موضوع الامن العام، فطلب العماد ميشال عون ان يتم اعادته الى الموارنة المسيحيين، لكن حزب الله رفض جازماً وتم وضع مرسوم تعيين اللواء عباس ابراهيم كبند أول.
اما جهاز مخابرات أمن الدولة فكان خارج حزب الله، بل كان تابعاً لرئيس الحكومة دون فاعلية.

وفي ظل هذا الوضع، فان القوتين الاساسيتين، هما شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي، ومديرية المخابرات في الجيش اللبناني. وكانت شعبة المعلومات تضم 400 عنصر منذ استلام الشهيد اللواء وسام الحسن، الى ان وصلت اليوم الى 2300 ضابط وعنصر ورتيب يعرفون كل شيء ويعملون بتقنيات واجهزة غير موجودة لدى الجيش، ولا نعرف اذا كانت موجودة لدى طرف آخر. لكن كانت قوية تستطيع معرفة كل شيء قبل حصوله، او كشف القيام باغتيالات مثلما حصل في عوكر، حيث تم اعتقال مفجّري الاوتوبيسين، كذلك فان شعبة المعلومات كشفت شبكات اسرائيلية، وصولا الى انها كشفت قيام الوزير سماحة تهريبه اسلحة من سوريا الى لبنان وهو من اقرب المقربين الى سوريا فجرى تحقيق وصدرت مذكرة جلب بحق اللواء علي المملوك والعقيد عدنان مدير مكتبه.

بعد الحملة على شعبة المعلومات وبعد استشهاد اللواء وسام الحسن، الذي هو اقرب شخص الى اللواء اشرف ريفي والرئيس سعد الحريري انفجرت الازمة، فقرر اللواء اشرف ريفي الاشراف على شعبة المعلومات وتعيين مسؤول عنها. ولم يبقَ امام 8 آذار لتعرف ما يحصل الا ان تسيطر على شعبة المعلومات.
كل ذلك لا يعني ان 8 اذار تقوم بالاختيار او غيره، بل نحن نتداول للاستفادة من الموضوع.

جرى اغتيال اللواء وسام الحسن فتم ازاحة رئيس شعبة المعلومات الذي قدّم الاسماء الى المحكمة الدولية وقام جهاز شعبة المعلومات بعمليات مستمرة ضد فريق 8 آذار، وكانت له علاقة بالرئيس سعد الحريري، ومؤخراً اصبحت له علاقة جيدة مع الرئيس نجيب ميقاتي، ونصحه اللواء وسام الحسن يومها بالاستقالة. وقال له "طالما انتم رئيس حكومة سوف تخسر، فيجب ان تستقيل يا دولة الرئيس كنصيحة مني. وانا اعرف انه افضل رئيس حكومة يأتي من بعد الرئيس سعد الحريري هو انت، لكن لن يكون رئيس حكومة لديه حرية بالتصرف".

اذن مخابرات الجيش على الاقل حيادية بين لبنان وسوريا وبين 8 و14 اذار، شعبة المعلومات منحازة الى 14 اذار ويدعمها الرئيس سعد الحريري، وكان مقرراً في حال انتهاء مدة اللواء اشرف ريفي وذهابه الى منزله، ان يطرح ميقاتي الشهيد اللواء وسام الحسن كمدير عام للامن الداخلي، ويصرّ على هذا المطلب، لكن استشهاد اللواء وسام الحسن ادى الى ضربة وفراغ كبير لدى اللواء اشرف ريفي، من بعدها انتقل اللواء اشرف ريفي الى غرفة عمليات شعبة المعلومات، وبدأ ادارة اكثرية العمليات والتحقيقات وتعزيز الفريق وعدم جعل شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي تضعف.

واذ استشهد اللواء وسام الحسن ولم يعد احد من السنّة على علاقة مع آل الحريري بل هم على عداء، فان الخطة كانت ان يأتي اللواء وسام الحسن مديراً عاماً لقوى الامن الداخلي، لكن تم اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن. منهم من قال انه قتل بعد اجتماعه مع ممثل حركة حماس في المانيا، اضافة الى تنسيقه مع الخارج، وصولا الى حجمه الكبير حيث بات اللواء الشهيد وسام الحسن يتحرك في كل مكان، ويقوم بفكفكة شبكات، منها الاسرائيلية ومنها غير الاسرائيلية.

وعلى هذا الاساس، حصل العقيد وقتها وسام الحسن على اقدمية سنة عن فك الشبكات الاسرائيلية في لبنان، اضافة الى مجيئه عميداً من تاريخ 7/ 2012، وكان على علاقة مع الرئيس نجيب ميقاتي، وبات يعرف ميقاتي كل شيء من اللواء الشهيد وسام الحسن.
هنا اصطدم دون مواجهة مباشرة، حزب الله مع رئيس الحكومة على تأييده اللواء وسام الحسن في كل طلباته، وانه يتدخل مع الوزير مروان شربل ليوقع اي معاملة تصدر عن شعبة المعلومات. كما ان نفوذ قوى الامن الداخلي بقيَ قوياً جداً نتيجة قوة اللواء اشرف ريفي الذي رغم كل الحملات اقام حفلة احتفال لزوجة ميلاد الكفوري الذي كان عميلاً عند الشهيد اللواء وسام الحسن، وقام اللواء اشرف ريفي بتكريم عائلة ميلاد الكفوري، مما تم اعتباره اكبر تحدٍّ وخارجاً عن الأصول. لكن عندما سُئل اللواء اشرف ريفي عن الموضوع قال انا اقول قناعتي واقوم بفعل قناعتي. وميلاد الكفوري هو بطل كشف اكبر مؤامرة كانت بتفجير العبوات في الشمال كي تبدأ المعركة في الشمال ويتفجّر الوضع.

واللواء اشرف ريفي، هو المصدر الوحيد الذي يعطي الرئيس سعد الحريري وهو خارج الحكم كل المعلومات، عبر المديرية او في ضوء تقارير شعبة المعلومات. بينما من دون اللواء الشهيد وسام الحسن، وانتهاء خدمة اللواء اشرف ريفي، فان تيار المستقبل و14 اذار لم يعد لديهم اي جهاز امني بين ايديهم، ذلك ان مدير عام الامن الداخلي الجديد، اذا جاء، فانه سيقوم بتغيير رئيس شعبة المعلومات. كذلك ستكون التشكيلات كلها على اساس نفس الاكثرية الجديدة، التي نشأت مع انضمام الوزير وليد جنبلاط الى 8 آذار واعطائه 7 اصوات كي يؤلف الحكومة ويزيل الرئيس سعد الحريري ويأتي بالرئيس نجيب ميقاتي.

اذا ترك اللواء اشرف ريفي مدير عام قوى الامن الداخلي، وتم المجيء بمدير عام جديد، فمجلس قيادة قوى الامن الداخلي هو بأكثريته لـ 8 آذار، ولما كان مجلس قيادة الامن الداخلي ضد اللواء اشرف ريفي، او يؤيد بأكثريته 8 آذار، فقد الغى اللواء اشرف ريفي اجتماعات مجلس القيادة وكان يتخذ قرارات فصل وقرارات من صلاحية مدير عام الامن الداخلي، ولكن كلها لتعزيز معرفة وضع الأرض وافادة تيار المستقبل ودول الخليج ودول اوروبا من المعلومات التي هي بحوزة مديرية الامن الداخلي. اما اذا تم ازاحة اللواء اشرف ريفي بعد ايام من مديرية قوى الامن الداخلي، فستقوم هذه الحكومة على تغيير اللواء اشرف ريفي، وعندها لا يعود اي منافس موجوداً في وجه حركة 8 آذار، ولا تعود 14 آذار يغيب عنها شيئاً لانها ستحصل على المعلومات من الذين تم تعيينهم سواء في امن الدولة ام في الامن العام، ام في مخابرات الجيش، وماذا سيحصل الان في شعبة المعلومات التي قُتل قائدها اللواء وسام الحسن، واليوم يقف متفرّجاً كي يذهب اللواء اشرف ريفي الى منزله، للمجيء بلواء جديد، يكون قريباً من 8 اذار، وعندها يفقد الرئيس سعد الحريري وكل حركة المستقبل معرفة معلومات ماذا يجري في الخارج، اضافة الى انهم كانوا يتكلون على اللواء الشهيد وسام الحسن في كشف المؤامرات باغتيال نواب من 14 اذار، فهو انقذ سامي الجميل مرتين من الاغتيال.

كما كشف قضية بطرس حرب فوراً، وحدد الاسم وهو محمود حايك، ومكان اقامته. ثم هو الذي اعطى الاسماء للجنة الدولية، من خلال ارقام الهاتف الخليوي، وهو من اتهم حزب الله من خلال عمله بأن حزب الله قتل برعاية سورية – ايرانية الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
لذلك فان انتهاء خدمة اللواء اشرف ريفي تعني ان 14 اذار لن يعود عندها اي صلة وصل بالامن في لبنان، بل كل ما سيحصل سيصبح في يد 8 اذار من خلال قيادة الجيش والامن العام والامن الداخلي وامن الدولة.

بالنسبة للاغتيالات فان جهاز الموساد هو المتخصص في هذا الامر حيث هو وراء عمليات كثيرة من خلال شبكات لجهاز الموساد في كل لبنان، وهي لا تريد لأي جهاز بأن يكشفها فلذلك لا تريد جهاز مخابرات للجيش قوياً ولا شعبة معلومات قوية ولا امن داخلى قوياً لتقوم الموساد بالاغتيالات كي تستطيع الموساد ابقاء لبنان خارج اطار القدرة الامنية لمعرفة احداث الشرق الاوسط.

جلسة مجلس الوزراء
كان من المقرر يوم امس ان يعقد مجلس الوزراء جلسة برئاسة الرئيس ميشال سليمان الذي سيطرح تأليف هيئة الاشراف على الانتخابات، كذلك ميقاتي سيطرح التمديد لريفي، وعندما دخل سليمان الى القاعة وجلس بدأ بجدول الاعمال وتحدث عن الانتخابات النيابية، ومن اجل تجنب الاصطدام والتصويت وغيره، قام نواب من حركة امل وحزب الله على التحادث افراديا وبحثوا معه اجراء هذا الموضوع، لكنه سليمان اصر، فتم طرح المشروع على التصويت، فنال 7 اصوات، ولولا غياب الوزير نقولا نحاس والوزير محمد الصفدي والوزير ناظم الخوري لنال القانون 10 اصوات، لكنه سقط بالتصويت عليه، وارادت الاكثرية او حركة 8 اذار مراجعة الرئيس بعدم طرح المشروع كي لا يكون استفزازيا ضده، لكنه اصر على ذلك، وعلى طرح الاشراف على الانتخابات في الجلسة.
وبعد التصويت على تأليف هيئة الانتخابات وسقوط اقتراح رئيس الجمهورية، طلب الرئيس نجيب ميقاتي الكلام، وقال: ان اللواء اشرف ريفي هو ضابط ممتاز وهو مدير عام الامن الداخلي، ونحن بحاجة ماسة الى طاقته نظراً الى خبرته، لذلك اقترح التمديد له، لان وجوده على رأس مديرية الامن الداخلي، يعطي بين 8 اذار و14 اذار توازنا، اضافة الى ان رئيس الجمهورية يصبح اكثر تحرراً من ضغط العماد ميشال عون وكتلة 8 اذار عليه في كل قضية.

على كل حال، فان الجلسة تم رفعها دون نتيجة بخصوص اللواء اشرف ريفي، ودون نتيجة في خصوص هيئة الانتخابات وهيئة الاشراف عليها، ومساء اعلن الرئيس نجيب ميقاتي استقالته، معتبرا انه تحمّل الكثير وعانى الكثير من اجل البلد لكنه لا يستطيع ان يتحمل اكثر.

أدّت استقالة الرئيس نجيب ميقاتي في هذا الظرف الصعب، ووسط حرب سوريا، ووسط الوضع السيىء في المنطقة كلها، الى ضرب الاستقرار بشأن لبنان، والى ضرب الحياة السياسية والعودة الى لغة الحرب والتهديدات بين كل الاطراف.

وما زال هنالك فرصة هي اليوم السبت من اجل ايجاد حل بشأن اللواء اشرف ريفي، فاذا وافقت 8 اذار على التمديد للواء اشرف ريفي، فانه سيعود الرئيس نجيب ميقاتي عن استقالته طالما انها شفهية، وليست خطية، لانها عندما تكون شفهية تكون سياسية، اما عندما تكون خطية فتكون رسمية وشرعية.

لكن اذا كان الحظ قد حالف حركة 8 آذار مع استشهاد اللواء وسام الحسن، ثم انتهاء خدمة اللواء اشرف ريفي، فبات الامر ان كل اجهزة الامن بقيادة 8 آذار، وكان نواب ووزراء 14 اذار يتصلون او يوصلون اوراقاً الى اللواء الشهيد وسام الحسن قبل استشهاده لسؤاله عن اجتماع او مكان اجتماع هذه الشخصية لان هنالك خطراً، كما انه كان يتصل بهم وينبههم الى محاولة اغتيال ستحصل. ولذلك مع غياب اللواء وسام الحسن وترك اللواء اشرف ريفي في مركزه، فان تيار المستقبل و14 اذار خسروا المعركة على مستوى الامن واصبحت الدولة الامنية والدولة الفعلية بيد 8 اذار. ولذلك فهم لن يؤيدوا التمديد للواء اشرف ريفي.

وبالنسبة للمديرية العامة للامن العام لا يوجد اي مشكلة بل على العكس فتح اللواء عباس ابراهيم على الجميع، لكن يبقى انه في القضية الاساسية، يلتقي مع 8 اذار، من ناحية مقاومة اسرائيل، وسلاح حزب الله.

اما بالنسبة لأمن الدولة فهو لا يستطيع ان يتحرك بقوة في ظل الموازنة الضعيفة له، ومن دون ان يكون له رئيس يستطيع الاجتماع من دون موافقة ميقاتي حتى ان الشهيد اللواء وسام الحسن كان يجتمع مرتين في الاسبوع بالرئيس ميقاتي ويتحدثان لمدة ساعة او ساعتين عن وضع طرابلس والمعلومات وكل شيء.

كما ان اكتشاف سيارة ميشال سماحة فيها متفجرات والتشهير بالموضوع، والاعلان ان 3 يعرفون قضية القنابل كما حصل في التحقيق مع ميشال سماحة، وهو يقصد اسمه ميشال سماحة واللواء علي المملوك واسم الرئيس بشار الاسد، وهذا لا يعني ايضا مجددا اننا نقول انهم هم الذين دبروا مؤامرة تهريب السلاح او كيف حصل الموضوع، لكن القضية هي الاساس، اذ وصل قاض في التحقيق الى نقطة لا يستطيع التراجع عنها بعد اعتراف سماحة بما قاله امام شعبة المعلومات، الى ان يرسل القاضي مذكرة جلب بحق اللواء علي المملوك.

لذلك المعركة الان هي معركة الامن وعودته كليا الى 8 اذار، بعدما كان في الزمن السوري في عهدة الجيش السوري وجهاز الامن والاستطلاع السورية في لبنان، بمعنى آخر ادارة المخابرات العسكرية في لبنان ومعرفة كل شيء والدخول في تأليف الحكومة، والدخول في الانتخابات النيابية،

بالنسبة لهيئة الاشراف على الانتخابات، اصر الرئيس سليمان انه لن يترأس الجلسة ما لم يكن البند الاول فيها هيئة الاشراف على الانتخابات، فاذا تم اقرار قانون جديد، يحصل انتخابات على اساسه، واذا لم يتم التوصل الى قانون انتخاب فهنالك قانون حالي هو قانون 1960 جرت على اساسه انتخابات 2009، ولا شيء يمنع ان تحصل انتخابات سنة 2013. وبالتالي ان القول ان القانون الانتخابي الصادر سنة 1960 قد مات ليس صحيحا، فان الانتخابات ستحصل. وهذا صدام اخر بين رئيس الجمهورية وبين 8 آذار.

ويعتبر الرئيس نجيب ميقاتي من خلال كلمة سر لا يعرفها احد، ان الرئيس ميقاتي مع الرئيس سليمان، مع الوزير وليد جنبلاط يشكلون لعبة التوازن في البلاد. فرئيس الجمهورية لن يقبل بتعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش، لان العماد ميشال عون لا يريد التمديد للعماد قهوجي، ويريد ان تؤيد حركة امل وحزب الله مع حلفائهما اقتراح العماد ميشال عون ان يكون العميد شامل روكز قائداً للجيش. وواقع الحال، وبغضّ النظر عن السياسة، فان العميد شامل روكز هو من افضل ضباط الجيش، وخاض كل المعارك في سبيل الدفاع عن الجيش وعن مراكز البلد وعن المدنيين وغيرهم. وهو ضابط من الطراز الاول بغض النظر عن اي بحث سياسي.

8 اذار والاجهزة الامنية
وعلى هذا الاساس، نرى ان 8 آذار اذا استطاعت ستحصل على قيادة الجيش عبر اقتراح عون العميد شامل روكز، وتعيين مدير عام للامن الداخلي بدلاً من اللواء اشرف ريفي، ويجري تطبيق القانون في هذا المجال، وتنتهي مهمة ريفي، وتعيين مدير عام جديد مكانه. اما بالنسبة للجيش فالمراكز المهمة هي في ايدي ضباط شيعة لكن ولاءهم للجيش وللوطن، انما واقع الحال هو انه عندما تنتهي مهلة العميد ادمون فاضل، سيتسلم العميد عبد الكريم يونس مديرية المخابرات بالوكالة.

وفي ايلول تنتهي خدمة العماد قهوجي، لذلك عون لا يريد التجديد لاحد ولذلك عارض التمديد لريفي كي تسقط كل السلة القائمة حالياً ومتوازنة، فيصبح قائد الجيش ومدير المخابرات مع عون، وتكون بقية الاجهزة على تنسيق مع 8 اذار وسوريا وحزب الله.
باعلان استقالته يكون الرئيس نجيب ميقاتي، اولاً قد ربح سنياً، ولم يعد رئيس الحكومة التي كان يبغض القول فيها عندما يتم الاشارة اليه بأنه رئيس حكومة حزب الله في لبنان، ولذلك اصابته عقدة فأصبح يتصرف سنيّاً اكثر من اللازم. ثم ان ضغط طرابلس وقيامها منذ توقيف شادي المولوي وصولاً الى مقتل الشيخين عبد الواحد ومرعب في عكار على حاجز الجيش، اضافة الى امور عديدة، فان الرئيس نجيب ميقاتي اثبت شعبيته الان وثبّتها سنيّاً ولم يعد يستطيع الرئيس الحريري المزايدة عليه بعد تقديم استقالته.

اما على الصعيد العام، فقد طرح نقطتين، اولا، انه لن يخضع لحزب الله في تعيين مدير عام للامن الداخلي او التمديد له بل اصر على التمديد للواء اشرف ريفي. وعندما يحقق الرئيس ميقاتي بقاء اللواء ريفي يكون قد نجح سنياً، واذا تم ذهاب اللواء ريفي، وتم تنفيذ استقالة ميقاتي فيكون الرئيس ميقاتي قد ربح طرابلسياً الى اقصى حد. واثبت بالنسبة لدول الخليج ان السنّة لن يقبلوا بحكم الشيعة عليهم. ذلك ان هنالك فكراً وُلد عند حركة 14 آذار، وتيار المستقبل بالتحديد، اضافة الى الوزير وليد جنبلاط، اننا اذا اتكلنا على قوة الشارع لتيار المستقبل والحزب الاشتراكي فهنالك فتنة ستحصل في البلاد، لكنهم لن يقبلوا بأن يحكم حزب الله البلاد.

على كل حال اصبح السلاح منتشرا عند السنّة في بيروت مثل الشيعة في بيروت ايضا.
و14 اذار خائفة جداً من تغييب اللواء اشرف ريفي من مركزه، اذ ان اي مدير عام جديد سيأتي في ظل الحكومة الراهنة، لن يكون لـ 14 اذار مثلما هو اللواء ريفي رغم نزاهته وشفافيته بادارة الامن الداخلي. لكنه بالنتيجة محسوب على 14 آذار.
اما الان اذا تم الاتيان بمدير عام جديد للأمن الداخلي، فان 14 اذار ستخسر كامل قوتها ومعلوماتها، اضافة الى حمايتها من الاغتيالات.

اليوم سيصعد الرئيس نجيب ميقاتي ويقدم استقالته لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الذي سيوافق عليه ويدعو لاستشارات ليوم واحد هو يوم الاحد، وبعد الحصول على النتيجة يتصل بالرئيس نبيه بري الذي يزوره ويسلمه النتيجة من اختار النواب رئيساً للحكومة. ثم يسافر الاثنين الى قطر، ويترك مهمة تأليف الحكومة للرئيس المكلف، لكن لا يبدو في الافق ان حكومة سريعة ستأتي او ان الانتخابات ستحصل.
اذا استطاعت حركة 8 آذار السيطرة على مديرية الامن الداخلي فانها تكون قد ضربت ضربة قاضية لحركة 14 آذار، ويعني ذلك ان البلد لن يكون مختلطاً من اي طرف عربي او غيره الا برؤية ومراقبة واشراف اجهزة امن تنسّق مع حركة 8 آذار، وخاصة حزب الله.
وتنتهي مسيرة او قسم منها، بدأ باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري سنة 2005، وانتهى سنة 2013 باقصاء الذين كانوا في عهده.

الدول الاوروبية وحلف الناتو
وترى الدول الاوروبية وحلف الناتو ان اللواء اشرف ريفي هو اكثر من ضرورة أمنية واستراتيجية لها، وكانت مديرية قوى الامن الداخلي تنسق مع مخابرات اوروبا ومخابرات الخليج، وتلاحق شبكات من عدة تنظيمات متطرفة اصولية وغيرها، اضافة الى تنسيقه مع مخابرات الخليج ومخابرات اوروبا، حتى باتت اوروبا تعتبر انها تقدم معدات للامن الداخلي، من اجل ان تساعده كي يصبح جهازا فعالا يكشف لها الامور التي لا تستطيع هي الحصول عليها الا عبر جهاز هام مثل شعبة المعلومات ومديرية الامن الداخلي.

وتعتبر اوروبا انها خسرت هذا المركز عند استشهاد اللواء وسام الحسن. واليوم ابلغت اوروبا الرئيس نجيب ميقاتي انها بعد استشهاد اللواء وسام الحسن فانها تريد ان يبقى اللواء اشرف ريفي في مكانه، والا فان تعاونها مع حكومة الرئيس ميقاتي سيصبح شبه معدوم. حتى ان دولا اوروبية ذكرت له، وهي بريطانيا بالتحديد، انه اذا ازاح اللواء اشرف ريفي من مركزه، فيعني ذلك ان لبنان قد دخل في فلك القاعدة ولن نعود نستطيع نحن كدول اوروبية وناتو محاربة القاعدة بالتنسيق مع شعبة المعلومات ومع قوى الامن الداخلي.

استقالة ميقاتي جاءت من مفهوم الامن الوقائي، اي انه يعرف ماذا سيجري لذلك انسحب من المسألة وقرر ان يكون قوياً في طرابلس بدل ان يكون في السراي وضعيفاً لدى السنّة وفي مدينته. وهو استفاد في هذا المجال، من قرار استقالته.

اما رئيس الجمهورية، فيبدو ان هنالك خطة يوافق عليها ابطال يحسبون انفسهم على 14 اذار و8 آذار، لكنهم وضعوا سرّهم عند الرئيس ميشال سليمان، بشأن ماذا سيحصل في المستقبل وكيف سيأخذون مواقفهم.

في 7 أيار 2008 اجتاح حزب الله منطقة الشويفات ومدينة بيروت، وجرت معركة بين كيفون وبيصور، فقام الوزير وليد جنبلاط بحل المشكلة كلها، ومنع اطلاق النار على السيارات التي جاءت على طريق مرستي، كذلك اعطى اوامره الى كل جماعته وانصاره في الشوف وعاليه بعدم التحرك ضد حزب الله او غيره.

وليد جنبلاط
اليوم يلعب الوزير وليد جنبلاط الدور الأول، فهو أوفد الوزير وائل ابو فاعور والوزير غازي العريضي لرؤية الرئيس نبيه بري، وللبحث مع الرئيس نجيب ميقاتي في الاستقالة، وتظهر الصورة ان الرئيس ميقاتي ورئيس الجمهورية يشكلان ثنائياً متوافقاً كلياً، بمعنى ان رئيس الجمهورية اذا كانت الحكومة لا تعجبه فلن يوقع على مرسوم اصداره، وهي الصلاحية الوحيدة في دستور الطائف التي لا تعطي فرصة 15 يوماً لاي مرسوم يتم ارساله الى رئيس الجمهورية، فاذا لم يوقّعه يصبح نافذاً، ويصدر في الجريدة الرسمية. اما تشكيل الحكومة فبقيَ في الطائف على توقيع رئيس الجمهورية النهائي. لذلك لا يستطيع احد ان يتجاهل موقف الرئيس ميشال سليمان.

اما بالنسبة الى الاوضاع في لبنان، فأصبحت مخيفة جدا من انفجار قوي، ذلك ان تفجير مسجد في قلب دمشق وقتل العلامة محمد البوطي، رحمه الله، واستشهاد 71 مصلياً ومواطناً سورياً في تفجير من القاعدة ضمن المسجد، يعطي اشارة الى الحرب التي ستخوضها القاعدة لاحقاً في لبنان ضد اطراف عدة.

فالقاعدة اليوم تعتبر سوريا هي ارض القتال، لانها اعتبرت انها سيطرت من حدود سوريا الى قلب بغداد، كقوة اسلامية سلفية او حليفة للقاعدة او القاعدة، وبات السنّة هم الاساس في هذه المنطقة.

وفي سوريا، اذا استطاع الاخوان المسلمون، او لا سمح الله سقط النظام، فان القاعدة ستتعامل مع الشعب اللبناني مثلما فعلت في العراق مثلما تفعل في سوريا، حيث يقتل علامة رجل دين، ومتخصص في الفقه الاسلامي ومقتل 71 شخصاً معه. والمعروف ان تلفزيون الجزيرة يعتمد على العلامة قرضاوي للرد على خطابات العلامة محمد البوطي الذي يعتبر لدى الازهر ولدى القوى الاسلامية مرجعاً كبيرا لانه في اجتماع باكستان الذي حصل منذ سنة لقادة وأئمة الطائفة الاسلامية ترأس احدى الجلسات العلامة محمد البوطي، والذي شاهد الجامع كيف تم تدميره من الداخل والدماء منتشرة في كل مكان، والتخطيط لاغتياله من قبل القاعدة، يتأكد ان الخطر كبير جداً، لان في العراق لا يرحمون الشيعة عناصر القاعدة، الذين حيث يقوم ابناء الطائفة الشيعية بزيارة كربلاء، فيأتي سنّة متطرفون من القاعدة ويفجرون انفسهم بينهم.

والان، بعد انسحاب الاميركيين تستمر قاعدة العراق، لكن بدأت تركّز على سوريا، معتبرة ان النظام يمكن اسقاطه.

وبالنسبة الى لبنان، لم يظهر بعد اي عمل مباشر من القاعدة، لكن الاصولية والسلفية هي في عزّ قوتها اليوم في الشمال، وفي طرابلس وباب التبانة والزاهرية والقبة والمنية والضنية وعكار.
في كل لحظة يمكن ان تبدأ القاعدة اعتبار ساحة لبنان ساحة جهاد بعدما كانت تعتبره ساحة نصرة للعراق ولسوريا.

اخيراً، لبنان اليوم اصبح من دون حكومة، وعملياً مجلس النواب شبه مشلول في مقاطعة 14 اذار له، فكيف السبيل الى حل مع هذا التشنج الطائفي والمذهبي.

لقد قال العماد جان قهوجي منذ يومين، ان ما حصل سنة 1975 لن يحصل هذه المرة، فهل يضرب الجيش بقوة هذه المرة، بمعنى ان يطبّق القانون على مستعملي الاسلحة والقنابل ام يكون الحل وهو حل الامن بالتراضي، كما يجري في طرابلس عبر اجتماعات تحت اشراف الجيش بين فريق من جبل محسن وفريق من باب التبانة. فهذا العمل هو من الامن الوقائي. اما الامن الفعلي فهو استعمال القوة ضد اي مركز تنطلق منه النيران، والجيش اللبناني بمعداته قادر على اسكات اي نقطة في طرابلس تطلق النار. والمسألة ليست مسألة اعداد وارقام، بل نوعية الاسلحة وكيفية استعمالها، والجيش اللبناني يعرف كيفية استعمال الاسلحة.  

السابق
الشرق الأوسط: حكومة 8 آذار تسقط باستقالة ميقاتي بعد سنتين من تأليفها
التالي
توقف الاشتباكات على محور الملولة المنكوبين وجبل محسن