حتى لا يبقى الجناح مكسوراً

يكاد لبنان يضيع في الوقت الضائع بين تفاقم الصراع الدموي في سوريا وعجز سياسة النأي بالنفس عن ذلك الصراع، في حفظ أمن لبنان واستقراره المهدد في كل لحظة، فضلاً عن سلامة وضعه الاقتصادي والمالي. وقد استوقفت الفضيحة الكروية بعض السياسيين الذين شاركوا في صوغ وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، لجهة وجود ولع لدى فريق من اللبنانيين في «اللعب» على القواعد والأصول التي ترعى الألعاب المختلفة ومنها لعبة الحُكم. ويشبّه هؤلاء الأزمة السياسية الحالية والمتمثلة في الصراع على الحكم من خلال قانون الانتخاب، بلعبة كرة قدم نزل خلالها فريقان إلى الملعب، ولكل منهما قائد.
وما ان ألقى الحكم الكرة في الملعب حتى بادر أحد القائدين فصادر الكرة وخرج بها مع أعضاء فريقه من الملعب في اتجاه ملعب آخر، وتدبروا تشكيل فريق آخر من أنصارهم ومريديهم وتابعين لهم، من فئات مختلفة، بديلاً من الفريق الذي قضى نظام اللعبة بأن يشاركهم في المباراة الافتتاحية ثم في المباريات اللاحقة.
واستمر هذا الفريق مصادراً للكرة إلى درجة كادت ان تتعطل معها قواعد كل الألعاب!
ولا يزال الفريق المبعد عن اللعب، ينتظر ومعه جمهوره، عودة الكرة والنظام إلى الملعب.
هكذا يشبّه بعض السياسيين الأزمة التي نشأت عن اتفاق الطائف، والتي جعلت فريقاً من اللبنانيين، هو الفريق المسيحي، يشكو الإبعاد والتهميش، منتظراً وصابراً، إلى أن يئس… فكان المشروع الانتخابي للقاء الأرثوذكسي الذي جاء في الوقت الضائع فشكّل ملهاة بالنسبة إلى البعض، وهدف تصويب للبعض الآخر.
وفي وضع للأمور في نصابها، خصوصاً لدى المصوبين على «الأرثوذكسي» ووصفه بأبشع النعوت، بادر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى طمأنة المسلمين بأن ما تعمل له بكركي، من موقعها الوطني بعدما توحّد المسيحيون حولها، هو إنتاج قانون للانتخاب ليس للمسيحيين فقط، بل هو للمسلمين أيضاً، علماً أن لبنان مثل طائر له جناحان، وأن أحد هذين الجناحين قوي والآخر مكسور، مما أخل بتوازنه، وجعل طيرانه غير سوي وغير متوازن، معتبراً ان منطلق الطرح «الأرثوذكسي»، الذي تعرض للانتقاد من أفرقاء كثيرين، هو انه «يُعطي الحقوق لكل الناس، المسلمين والمسيحيين». داعياً الذين يلعنون «الأرثوذكسي»، إذا كانوا صادقين حقاً ولا يلهون به في الوقت الضائع، إلى «إيجاد شيء مماثل»، «لكي يبقى جناحا لبنان قويين».
وهل ثمة ما هو أصرح من هذا الكلام: اللعبة معطّلة فهلاّ أعدتم الكرة إلى الملعب، لنتعادل بدل تعطيل اللعبة لتعذّر غلبة فريق لفريق آخر، وإن بـ«البينالتي»، بعيداً من الرشى والخروج على النظام.
وإذا كان الراعي لم يُفصح عن هوية الطرف الذي كسر جناح الطائر، وأضرّ بالمشاركة والعيش والمشترك، كما عطّل تطور النظام الذي وضعت أسسه في الطائف، فإن الأسباب الموجبة للمشروع الأرثوذكسي قد سلطت الأضواء على العطب الذي أصاب الجناح.
عما أفصح «لسان الأرثوذكسي»؟
ـ أقر الدستور بالمناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وبالنسبية بين الطوائف والمناطق (المادة 24)، مكرساً بذلك ما جاء في وثيقة الطائف.
فهلا فكر الرئيس ميشال سليمان في «مجلس حوار» حول قانون الانتخاب بدل تهديد «الأرثوذكسي» بكسر رأسه، وهو الحَكَمَ والملاذ؟

السابق
نصائح لاستخدام كلمة السر على الهاتف
التالي
ورقة بيضاء تمثِّلني