منذ ثماني سنوات

يعيش لبنان منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري في العام ألفين وخمسة ما يشبه ارتدادات زلزال سياسي أدى إلى واقع غير مريح وكأنه حدث اليوم نتيجة المعاناة من تجاذبات تؤثر سلباً على توحده وانصهاره في بوتقة العمل من أجل الحاضر والمستقبل فلا فرقة ولا تباعد بل جهد غير عادي لتحقيق النمو والاستثمار وتوظيف الرساميل والاندفاع الدولي لمساعدة هذا البلد على اجتياز ما يعرقل امتلاكه المقدرة الكافية للانتصار على التحديات وفي مقدمها الاعتداءات والتهديدات الاسرائيلية.
ولم تكن سهلة إزالة ما دمرته حرب الجنون اذ في سنين قليلة تحقق اللقاء فلا متاريس مادية ونفسية تباعد بين اللبنانيين، ولاشرقية ولا غربية اذ استعادت العاصمة بيروت صفاتها المميزة حاضرياً وتجارياً وملتقى اللبنانيين كافة بانجازات غير عادية، وكم كان النجاح وطنياً واجتماعياً بابرام اتفاق الطائف نتيجة ما كان للرئيس الشهيد من حضور لافت عربياً ودولياً تمثل بمؤتمرات باريس واحد وأثنين وثلاثة وكان التجاوب شمولياً لاعادة حضور هذا البلد المميز في محيطه وخارجه ويكاد يفتقده بسبب ما هو حاصل مما يشبه الكانتونات السياسية والفئوية وهي ضد وحدة الموقف والتوجه كما هو لأن بالنسبة للتباينات حول أي قانون انتخابات يحقق التعبير الحر غير المرتهن الى أي طرف ليكون الاقتراع ترجمة صحيحة لارادة المواطنين.
وكان الدور بارزاً في منع اتهام المقاومة بالارهاب لأنها ابرز ثوابت محاربة العدوان كما يعترف بما حققته الثورات في اوروبا من حرية وديمقراطية وعدالة ومساواة فلا فوارق بين الاعراق والالوان والمذهب بل الجميع ابناء وطن واحد موحد يعملون لمزيد من التقدم والتطور ومنافسة من سبقوا الى ذلك من الحفاظ على الحصانة ومنع التدخل الخارجي الا في إطار الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة في اي من المجالات وصولاً الى اقامةاتحاد بين دول عانت من حروب قاسية استمرت عقوداً طويلة كما بالنسبة لاوروبا.
وكم كان الموقف فاعلاً وذا نتائج ضد العدوان الاسرائيلي على قانا اذ دانته دول وشعوب دعماً للنضال المشروع في مقاومة مخطط احتلال ارض الغير بالقوة خلافاً لميثاق الامم المتحدة وكذلك باحتضان ابناء الشهداء والتكفل بتعليمهم ومنحهم مساعدات بعد انهاء دراستهم استكمالاً لتعليم اكثر من ثلاثين الفاً في ارقى الجامعات الاميركية والاوروبية.
وكما توحد اللبنانيون في الرابع عشر من آذار فإنهم أحوج ما يكونون اليه الآن للتغلب على المصالح الذاتية والتطلع الى مركز ومنصب ولو على حساب الوطن القوي الصامد في وجه الرياح التي تهب عليه فلا يعاني من انقسامات سياسية وضغوط اقتصادية وتقليص السياحة عاماً بعدم عام دون تنبه الى وجوب معالجة القضايا الاجتماعية والوفاء بما يعزز الامن والاستقرار.
وتستمر مفاعيل ذكرى الاغتيال حتى الوصول الى الحقيقة بمحاكمة عادلة ونزيهة عبر المحكمة الدولية الخاصة بهذا الحدث غير العادي بعيدة من السياسة والتسييس.

السابق
عاشقان.. في اللحظة الحرجة
التالي
يوم الحب في غزة يتجاهل دعوات تحويله للتضامن مع الأسرى