14 آذار في مجالسهم الخاصة؟

تتعالى في المجالس الداخلية لقوى «14 آذار»، وخصوصاً في «تيار المستقبل»، الصرخات الاحتجاجية والتذمّر الذي يصل في بعض الأحيان إلى حدّ الشتائم بحق بعض الدول الخليجية الحليفة التي أسقطت على هذه القوى المواعيد المتتالية لسقوط النظام في سورية، وما يستتبع ذلك من انقلاب في المشهد السياسي اللبناني من شأنه أن يعيدها إلى الحكم.
وتتساءل هذه القوى في مجالسها الخاصة، عن السبب في تخلّي هذه الدول عن وعودها، وخصوصاً أنها غير جازمة في حصول متغيّرات في سورية. في وقت جعلنا نفرّط في العداء لهذا النظام وندعم الجماعات المسلّحة بالسلاح والمسلحين، مع ما لهذا التوجّه من ارتدادات سلبيّة على الواقع اللبناني.
وفي هذا المجال، يقول أحد قياديّي «14 آذار» أمام أحد الأصدقاء: لقد خُدعنا، حيث لم نحصل من الدول الراعية للمعارضة في سورية سوى على تراكم الوعود، حتى بتنا كمن دعي للنزول إلى البئر ومن ثم قطع الحبل به وهو في منتصف الطريق.
ويعترف هذا القيادي أن بعض الدول جرّتنا إلى المعركة في الداخل السوري، وجعلتنا نرفع من منسوب خطابنا الحاد والجارح والعدائي تجاه النظام السوري، وتركتنا لوحدنا في الساحة، نجهل مصير ومسار الأزمة في سورية، مع العلم أننا راهنّا في معظم الاستحقاقات الداخلية، وعلى وجه الخصوص الانتخابات النيابية، وقبلها الموضوع الحكومي على حصول متغيّرات في سورية تقلب الأمور رأساً على عقب لصالح فريقنا في لبنان، غير أن الرياح على ما يبدو تجري على عكس ما تشتهي سفننا، وقد بتنا نخشى أن تحصل هذه المتغيّرات التي انتظرنا حصولها في سورية عندنا في لبنان، بشكل يجعل جميع مكوّنات «14 آذار» تدفع ثمناً باهظاً على المستويات كافة.
ويضيف القيادي في «14 آذار» أمام أحد أصدقائه: لقد قالوا لنا انتظروا بضعة أسابيع وسيسقط الرئيس الأسد، ثم مدّدوا المهلة لبضعة أشهر، غير اننا نُفاجأ اليوم أن تركيا والسعودية يهاجمان النظام في سورية في العلن، وهما في السر يرسلان له الوسطاء لفتح قنوات اتصال معه، متجاهلين ما سيكون لذلك من ارتدادات على الوضع اللبناني، وعلى وجه الخصوص على مكوّنات «14 آذار»، التي انحازت إلى أبعد مدى إلى جانب المعسكر المعادي لسورية.
ويعترف هذا القيادي ولو مواربة، أن المغالاة في العداء للنظام السوري كانت خطوة متسرّعة، وأن مردّ ذلك وجود مراهقين سياسيين في مركز القرار لدى «تيار المستقبل» الذي يشكّل رأس حربة للفريق اللبناني المعادي للنظام في سورية. كما أنه يعترف وإن بشيء من المرارة بأن الأمور تسير بالاتجاه الذي يخدم النظام السوري، الذي بقي طوال مدة الأزمة محافظاً على تماسكه السياسي والدبلوماسي، وأن الجيش بقي محافظاً على قوته رغم الانشقاقات التي حصلت والتي تُعدّ ضئيلة قياساً لعديد الجيش النظامي.
ويرسم القيادي في «14 آذار» بحسب مصدر تسنّى له الإطلاع على ما دار من حديث مع أحد أصدقائه صورة غير مريحة عن واقع المعارضة في لبنان، وهو يرى أن تؤجّل الانتخابات في الظرف الراهن ألف مرة على أن تجرى في موعدها، لأن النتائج ستكون كارثية، ثم يعود ليستطرد ويقول إن هذا الأمر ممكن تجنّبه من خلال الموقف الفرنسي والأميركي المبدئي بمنع فريق 8 آذار من الاستئثار بالأكثرية النيابية، وذلك ليس من منطلق محبّتهم لنا، بقدر ما يعود لاعتبارات تتعلّق بمصالح هذه الدول في المنطقة.

السابق
تروّوا قبل نشر صوركم
التالي
المستفيد ببساطة النظام السوري