قانون الفرزلي وإستعباد اللبنانيين

أخطر ما في اللعبة الطائفية أن قانون المزايدات هو الذي يتحكَّم فيها، فتصير الكلمة الفصل لمن يزايد أكثر ولمن يرفع الصوت الانفعالي أكثر، فتختفي الأصوات العقلانية، ويصير العاقل منبوذاً أو متهماً، فيما الانفعالي أو المزايد هو الذي يتقدَّم الصفوف.

هكذا، ومع بدء مرحلة الانتخابات، بدأت حفلة المزايدات، فمَن يؤيد المشروع الأرثوذكسي يُصنَّف على أنه حريصٌ على حقوق المسيحيين، ومَن يعارضه يُصنَّف على أنه يُفرِّط بحقوق المسيحيين.

إن الخروج من هذه المزايدة لا يكون سوى بوضع النقاط على الحروف، والتحلي بالجرأة والحكمة والوعي في آن لوضع حدٍّ لهذه المعمعة السائدة.
بدايةً، هذا القانون ليس أرثوذكسياً بل إن تسميته بهذا الاسم هو زور وبهتان، كيف يكون كذلك فيما مراجع الطائفة وأقطابها لا يوافقون عليه؟
فمطران بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده يرفضه بشدة، وكذلك الأقطاب السياسيون وفي طليعتهم نائب رئيس مجلس النواب الحالي فريد مكاري ومعظم الوزراء الأرثوذكس، ونائب رئيس الحكومة السابق ميشال المر، كذلك يرفضه معظم النواب الأرثوذكس، مَن يتبنَّاه إذاً؟
نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي؟
عظيم، دولة نائب الرئيس الفرزلي تبوَّأ هذا المنصب منذ العام 1992 حتى العام 2005، فلماذا لم يُروِّج خلال الثلاثة عشر عاماً من وجوده في السلطة، لهذا الطرح؟
كيف مرَّت عليه انتخابات الأعوام 1996 و2000 ولم يطرح بدعته؟

ثمَّ كيف يمكن تمرير هكذا مشروع فيما يعارضه رئيس الجمهورية بشدّة ورئيس الحكومة والنائب وليد جنبلاط، ومَن يعرف وطنية الرئيس نبيه بري يجزم بأنه لا يوافق على مشروع تفتيتي.

في القانون الأرثوذكسي أو قانون الفرزلي يتحوَّل المواطن إلى مستعبد بقدْر ما يُقال إنه أصبح متحرراً، فمثلاً سيتعذَّر على السنيّ أن ينتخب مرشحاً كالرئيس الراحل فؤاد شهاب لأنه لا يحق له إلا انتخاب المرشحين من طائفته، كذلك سيتعذر على الماروني أن ينتخب مرشحاً ككمال جنبلاط لأنه ليس من طائفته. شارل مالك، المشارِك في وضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لا يحق لكل اللبنانيين انتخابه بل للأرثوذكس فقط. كارلوس غصن وكارلوس سليم ومايكل دبغي وامين معلوف، وكثيرون آخرون من نوابغ هذا البلد وعباقرته، لا يحق لكل اللبنانيين انتخابهم بل أبناء مذاهبهم؟

إلى أين تأخذون البلد؟
هل سيأتي نوابٌ غير الأكثر تطرفاً داخل طوائفهم ومذاهبهم؟
وماذا عن المعتدلين؟
ماذا عن العلمانيين وعن الأحزاب العلمانية؟
هل سيكون مصيرهم الانسحاب من الحياة السياسية لأن لا مكان لهم فيها؟
الخلاصة: لن يمرّ ونقطة على السطر.

السابق
جـورج عبداللـه: لا ترجـع إلى لبـنان!
التالي
لافروف: لا بد من رفع كافة العقوبات عن ميانمار