8 آذار تريد بيع جلد الحكومة

يبدو ان قوى 8 آذار لم تغير عادتها ولا سياستها في التعامل مع قوى 14 آذار باعتمادها على سلاح "حزب الله"، وهي من اجل تبرير بقاء الحكومة الحالية، بعدما شعرت بأنها لم تعد "بسبع ارواح"، كما قال رئيسها، دخلت في لعبة المساومة ووضع الشروط لاستقالتها. فبعدما أعلنت ان لا استقالة الا بعد الاتفاق على حكومة بديلة تكون حكومة وحدة وطنية وترفض الحكومة الحيادية التي تطالب بها قوى 14 آذار، طرحت شرطا آخر بلسان الرئيس نجيب ميقاتي وهو ان الحكومة تستقيل عندما يصير اتفاق على قانون للانتخابات النيابية وذلك بهدف حض نواب 14 آذار على تسهيل إقرار هذا القانون والقبول بمشروع قانون النسبية الذي اقره مجلس الوزراء مع اعادة النظر في عدد الدوائر وجعلها 15 بدلا من 13، اي ان قوى 8 آذار تحاول ان تبيع استقالة الحكومة لقوى 14 آذار بجعلها توافق على قانون للانتخاب يضمن الفوز بالاكثرية النيابية في الانتخابات المقبلة لقوى 8 آذار وعندئذ تستطيع هذه الاكثرية ان تحكم وحدها اذا تعذر عليها التحالف مع قوى 14 آذار او مع بعضها، واذذاك يصبح تطبيق النظام الديموقراطي مطلوبا على رغم وجود الطائفية التي كانت تجعل قوى 8 آذار تطالب بالديموقراطية التوافقية اي ان يشارك الخاسر في الانتخابات الرابح فيها في حكومة واحدة حتى بعدما اثبتت هذه التجربة فشلها.
وليس جديدا ان تعمد قوى 8 آذار الى تخيير قوى 14 آذار بين ان يكون ثمن استقالة الحكومة الاتفاق سلفا على الحكومة البديلة او الموافقة على قانون للانتخابات ترضى به 8 آذار، بل إنها مارست هذه السياسة منذ عام 2005 وما زالت مستقوية بسلاح "حزب الله" وبالشارع لتعويض اكثرية لا تملكها في مجلس النواب بل تملكها قوى 14 آذار، وهو ما جعل الاحتكام عند الخلاف مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الى الشارع وليس الى مجلس النواب حيث الثقة كانت مضمونة لتلك الحكومات إذا ما طرحت. في حين ان حكومة 8 آذار الحالية ترد على مقاطعة 14 آذار لجلسات مجلس النواب عندما تكون الحكومة حاضرة بجعل المواجهة في المجلس وليس بالمقاطعة لأنها تدعو الى هذه المواجهة في المجلس عندما تكون معها الاكثرية وتتهرب منها عندما لا تكون معها فتلجأ الى الشارع.
هذه السياسة لا تزال تتبعها قوى 8 آذار حتى الآن كما اتبعتها في الماضي عندما خيّرت 14 آذار بين تعريض البلاد لفراغ رئاسي دام اشهرا او انتخاب رئيس توافقي للجمهورية، فكان لها ما ارادت، ثم خيرتها بين تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك 8 آذار فيها ويكون لها الثلث المعطل فيها وسمي "الثلث الضامن" للتلطيف، وخيّرت قوى 8 آذار 14 آذار بين التراجع عن قرارات حكومة السنيورة في شأن شبكة الاتصالات الخاصة بـ"حزب الله" او الشارع فكانت احداث 7 ايار التي انتهت بعقد مؤتمر الدوحة وفيه استطاعت 8 آذار ان تفرض على قوى 14 آذار ما تريد بالنسبة الى انتخاب رئيس توافقي للجمهورية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية لا يحق لها ان تستقيل، وتعديل قانون الستين الذي طبلت له وزمرت كتلة العماد ميشال عون معتبرة انه يستعيد حقوق المسيحيين، وقد بات هذا القانون الآن ظالما ومرفوضا لأنه لم يؤمن لـ8 آذار الفوز بالاكثرية كما كانت تعتقد لتقيم "الجمهورية الثالثة".
وعندما لم يعد اتفاق الدوحة يعجب قوى 8 آذار خالفت بنوده باستقالة 11 وزيرا لترغم حكومة الرئيس سعد الحريري على الاستقالة تنفيذا لمخطط تشكيل الحكومة الحالية ذات اللون الواحد بعدما عرقلت تشكيل حكومة وحدة وطنية تظاهرت بالقبول بها ولكن بشروطها التي رفضتها 14 آذار، وما كانت حكومة الرئيس سعد الحريري لتعطي 8 آذار الثلث المعطل لو لم ينص اتفاق الطائف على ان لا يكون للاقلية في الوزارة حق التعطيل ولا حق الاستقالة.
وهكذا تعود 8 آذار الى عادتها في تخيير قوى 14 آذار بين القبول بما تريد او الفراغ، فإما حكومة وحدة وطنية لا يكون فيها لـ14 آذار الثلث المعطل او بقاء الحكومة الحالية، وإما ان توافق قوى 14 آذار على قانون للانتخابات ترضى به 8 آذار او لا انتخابات.
الواقع ان قوى 8 آذار تريد بيع جلد الحكومة بالثمن الذي تريد اعتقادا منها ان هذه الحكومة لا تسقط بمقاطعة 14 آذار لها ولا في مجلس النواب حيث الاكثرية ضدها ولا في الشارع لأن من في يده السلاح هو الاقوى فيه.
وما دامت قوى 14 آذار ترفض دفع ثمن استقالة الحكومة، فليس امامها سوى انتظار حسم الازمة السورية لتصبح هذه الاستقالة حتمية وبلا ثمن.  

السابق
تخـوّف إسـرائيلـي مـن انتفاضـة ثالثـة
التالي
هل تُشعل إيران جبهة لبنان مع إسرائيل؟