تيار المستقـبل ينتفض على عقدة هـتلر!

يبدو «فريق 14 آذار»، وعلى رأسه «تيار المستقبل»، كأنه تجاوز في سلوكه ونمط تفكيره حدود مقاطعة الحوار والحكومة ومجلس النواب، كموقف سياسي تكتيكي، الى ما هو أبعد من ذلك، ملامسا مرحلة القطيعة والطلاق.. أقله على المستوى النفسي.
لم تعد أدبيات «المستقبل» في العلن والسر تعبر فقط عن خطاب معارض كلاسيكي مستمد من تموضعه الحالي، في مواجهة خيارات الموالاة، على جاري عادة اللعبة الديموقراطية في البلدان «السوية» سياسيا ووطنيا، حيث الفرز الطبيعي والتقليدي بين اكثرية واقلية.
لقد بات الشرخ أعمق، لتنمو على ضفافه مقولات صادمة، لم تكن سابقا مألوفة او واردة في قاموس «المستقبل» الذي قرر هذه المرة ان يذهب بعيدا في معركته، متسلحا برزمة «لاءات» حادة، ورافضا حتى إشعار آخر الانخراط مجددا في منطق «الحل الوسط» الذي لطالما نجح، من قبل، في التوفيق بين الـ«لا» والـ«نعم».
ولا تتردد أوساط بارزة في «المستقبل» في التأكيد ان زمن التسويات مع الفريق الآخر «قد ولى، وهو لن يجد ضمن قوى المعارضة من يوقّع معه على أي تسوية، لا اليوم ولا غدا، لأن الثقة به أصبحت معدومة بعدما تنصل من كل التعهدات التي التزم بها في الماضي، علما بأن الاتفاقات السابقة كانت تنطوي على تنازلات من طرف واحد ومع ذلك كانت «قوى 8 آذار» لا تحترمها».
وإذ تشدد الأوساط على ان المؤمن لا يلدغ من الجحر ذاته مرتين، تعتبر ان أحكام الدستور حصرا هي المرجعية الناظمة والحاكمة، ولم يعد هناك من مجال امام ابتكار أعراف خارجها، كما كان يحصل من حين الى آخر، في مواجهة الأزمات.
وبناء عليه، تجزم الأوساط ذاتها ان التغيير الحكومي لا يمكن ان يُناقش على طاولة الحوار، وأي أمر من هذا القبيل يشكل ضربا لصلاحيات كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف والكتل النيابية، «فلا يضيعن أحد وقته في انتظار مشاركة المعارضة في حوار يقفز فوق الدستور».
وتتساءل أوساط «المستقبل»: «هل طرح «فريق 8 آذار» مسألة استقالة الوزراء الـ11من حكومة الرئيس سعد الحريري على الحوار، حتى يكون مطلوبا من المعارضة اليوم ان تناقش تأليف حكومة جديدة على طاولة الحوار.. وهل هناك في الأكثرية الحالية من توقف عند حقيقة ان الوزراء الـ11 الذين أسقطوا رئيس الحكومة الممثل للأكثرية السنية لم يكن بينهم وزير سني واحد.. وماذا يمنع ان ترشح «قوى 14 آذار» مستقبلا أي نائب شيعي في صفوفها الى رئاسة مجلس النواب، ما دامت التوازنات الداخلية باتت مستباحة»؟
وإذا كان اتفاق الدوحة – الذي أنتج حكومة الرئيس فؤاد السنيورة على اساس ضمانة الثلث المعطل – دليلا حسيا على التفاهمات التي يمكن ان تتم خارج أسوار الدستور، برضى قيادات 14آذار نفسها، فان أوساط «المستقبل» ترى انه «لا يجب التأسيس على ما بني في الدوحة، لأن ما جرى آنذاك هو ان «قوى 8 آذار» فرضت شروطها مستقوية بالسابع من أيار، تماما كما ان هتلر فرض على الفرنسيين اتفاق فرساي بعد احتلاله فرنسا».
وتعتبر الأوساط نفسها «ان طاولة الحوار معنية ببند وحيد هو البحث في مصير سلاح «حزب الله»، وحتى هذا البند جرى تجويفه من أي مضمون، وليس أدل على ذلك من التفرد بإطلاق الطائرة «ايوب» في مهمة إقليمية بالدرجة الأولى، كأن الحزب يقول للآخرين، هذه استراتيجيتي الدفاعية، وعليكم البصم عليها من دون أي نقاش».
وانطلاقا من أزمة الثقة هذه، تؤكد الأوساط المذكورة ان أيام حكومات الوحدة الوطنية «قد ولت ولا عودة إليها، وبالتالي ليس واردا لدى «المستقبل» وحلفائه المشاركة في حكومة وحدة وطنية، لا الآن ولا لاحقا، ومن يربح الانتخابات النيابية المقبلة، فليحكم وحده».
وتسرد الأوساط البارزة في «المستقبل» ما تعتبر «انها أخطاء متراكمة ارتكبها «حزب الله» منذ العام 2005، أوصلت العلاقة معه الى طريق مسدودة»، وبينها الآتي:
– المشاركة في لقاء عين التينة الشهير، في شباط 2005، الذي كان يضم فريقا واحدا، ما يعني ان الحزب قرر في تلك اللحظة ان يعادي نصف اللبنانيين وان يستغني عنهم، برغم انه كان لا يزال آنذاك يعبر عن مقاومة تحظى بشبه إجماع، وهو الأمر الذي كان يستوجب منه عدم الانزلاق الى اصطفافات الانقسام الداخلي.
ـ بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وانسحاب الجيش السوري من لبنان، سارع الحزب الى تنظيم تحرك في الشارع تحت شعار «شكرا سوريا»، متجاهلا مشاعر أهل السنة وكثيرين من اللبنانيين، ممن كانوا يحمّلون سوريا المسؤولية السياسية عن الجريمة.
ـ في أعقاب انتهاء حرب تموز التي وحدتنا في مواجهة إسرائيل، أطلق الحزب حملة تخوين بحق شركائه المفترضين في الوطن.
ـ الانسحاب من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة لمحاولة عرقلة تأسيس المحكمة الدولية التي شكلت مطلبا حيويا لشريحة واسعة من اللبنانيين.
ـ الهجوم على بيروت في 7 أيار.
ـ الانخراط في الأزمة السورية الى جانب النظام ضد المعارضة، مع ما يرتبه ذلك من اتساع في الهوة بين الحزب وجمهور واسع من اللبنانيين والسوريين على حد سواء.
ـ طريقة التعامل مع اغتيال اللواء وسام الحسن الذي جرى تخوينه وحجب «داتا» الاتصالات عنه قبل استشهاده، ثم اصبح وطنيا بعد مقتله.
وتخلص الأوساط نفسها الى مخاطبة «حزب الله» بالقول: «لقد أردتم ضرب الاعتدال السني، وعليكم ان تتحملوا التبعات وان تتعايشوا مع الظواهر المتطرفة التي تنمو على الساحة السنية، كرد فعل على سلوككم، و«تيار المستقبل» لا يستطيع ان ينجح دائما في ضبط الشارع ومنع انفلات غضبه الذي يتخذ في بعض الأحيان أشكالا مسلحة، برغم الاعتراض الثابت من قبل التيار على استخدام السلاح»!

السابق
السفير: دولة على عتبة الأمم المتحدة .. تنتظر فلسطين
التالي
زواج المثليين في فرنسا