السفير: مـاذا يجـري فـي صفـوف 14آذار؟

ولما كان «تيار المستقبل» هو رافعة قوى «14 آذار»، فان غياب زعيمه الرئيس سعد الحريري عن لبنان، أوجد خللا في القيادة داخل التيار، انعكس بدوره على آلية عمل فريق «14 آذار». وقد شجع هذا الغياب، كل صاحب طموح، او جموح، على ان يقتطع حصة له من «المساحة الخالية»، فتجرأ نواب ينتمون الى التيار على الذهاب بعيدا في التمايز عن زعيمهم المفترض، وكم من مرة اضطر الحريري الى التدخل لاحقا لاستدراك أخطاء مناصريه في السياسة او في الشارع. كما ان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع استطاع ان يوظف غياب الحريري لصالحه، فصار رمزا لجمهور «المستقبل»، مقتبسا دور وليد جنبلاط عام 2005، من حيث المبادرة والمواجهة.
والأخطر من ذلك، ان ابتعاد الحريري جعل قدرته على إدارة الارض تتراجع، بحيث فقد العديد من مفاتيح التحكم والسيطرة، حتى بات جزء من الشارع يملك ديناميته الخاصة، ويتحرك على اساس اجتهادات ذاتية، فصار لبعض الأحياء قبضاياتها، وللعديد من المجموعات المسلحة أمراؤها.
ولعل الحوادث المتلاحقة في العاصمة وطرابلس وعكار وعلى طريق الجنوب، تشكل مؤشرا واضحا الى اتساع دائرة «الجزر» في مناطق محسوبة على «تيار المستقبل»، مع تسجيل تصاعد واضح في نفوذ الاتجاهات السلفية والمتطرفة، التي كان الحريري قد منحها بيئة حاضنة ليتكئ عليها في مواجهة «حزب الله»، فأفلت زمامها من يده، ثم جاءت أحداث سوريا لتعزز حضورها ودورها.
ولا يمكن بطبيعة الحال تجاهل تأثير الضائقة المالية للحريري، على وضعية التيار، انطلاقا من قاعدة معروفة وهي ان «الفقر يجلب النقار»، خصوصا وان المساعدات والتقديمات كانت تشكل عصبا حيويا في علاقة «المستقبل» مع شريحة من شارعه.
هذا التراكم كله، كان موجودا في خلفية مشهد ساحة الشهداء يوم تشييع اللواء الحسن. الحريري مستمر في الغياب، الجمهور المحتقن متقدم على قياداته بمسافات، التنسيق ضعيف، التنظيم متواضع.. فكان الهجوم الفاشل على السرايا، والذي جرّ خلفه أجندة سياسية تضم مجموعة «لاءات»، وفي طليعتها «لا» لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، تتصدى لها حتى الآن «نعم» دولية للاستقرار في مواجهة خطر الفراغ.
أوراق في جعبة «14 آذار»
الى ذلك، علمت «السفير» أن عشاء، جمع ليل أمس الأول كلاً من الرئيس أمين الجميل والرئيس فؤاد السنيورة ونادر الحريري وشخصيات، على مائدة الجميل في بكفيا، حيث جرى التداول في الشؤون السياسية وكيفية معالجتها، كما التنظيمية لقوى «14 آذار».
وكان السنيورة متمسكاً بمعادلة لا للحوار قبل إسقاط الحكومة، رافضاً أي مبادرة تقوم على أساس الحوار المسبق، في حين دعا الجميل إلى تحييد رئيس الجمهورية أو طاولة الحوار الرئاسية عن هذه المقاطعة، من باب إيجاد مدخل لحوار منتج، لكن «تيار المستقبل» أصر على إقفال الأبواب.
كما علمت «السفير» ان رئيس «القوات» سمير جعجع أجرى أمس اتصالا بالرئيس الجميل، واتفقا على عقد لقاء بين ممثلين عنهما، لاستكمال البحث.
وفي سياق متصل، قالت مصادر بارزة في «تيار المستقبل» لـ«السفير» ان التحضيرات جارية لتنفيذ خطوات عملية تحت سقف الدستور والقانون، من أجل الدفع في اتجاه إسقاط الحكومة، مشيرة الى انه سيعلن عنها في حينه بعد إنضاجها، ومؤكدة ان قوى «14 آذار» ستستخدم كل الاوراق المشروعة في معركتها.
وأوضحت المصادر ان السنيورة سيقوم باتصالات عربية ودولية، وسيلتقي العديد من السفراء لشرح موقف المعارضة، والتأكيد على ان الحكومة الحالية لا تحمي الاستقرار، بل تهدده على المستويات الامنية والسياسية والاقتصادية والمالية.
وأكدت ان المطلوب رحيل حكومة ميقاتي فورا، وبعد ذلك يجري البحث في مقومات الحكومة الحيادية، مشددة على ان الموقف الذي أطلقه السنيورة خلال تشييع اللواء الحسن لم يتغير، وبالتالي لا كلام قبل استقالة الحكومة.

السابق
اللواء: إمكانية تشكيل حكومة جديدة باتت محتملة في ضوء موقف جنبلاط وواشنطن
التالي
النهار: مشاورات سليمان لحوار سياسي في طريق مسدود