المخاوف على الاستقرار جدية وتعطيل الانتخابات احتمال

سلطت المخاوف الدولية التي عبر عنها الامين العام للامم المتحدة بان كي مون والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ووزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الضوء مجددا على ما ينطوي عليه الوضع في لبنان من محاذير ومخاطر على رغم الاستقرار النسبي الذي يتمتع به راهنا. وتحدد مصادر وزارية سببين كبيرين على الاقل لاحتمال تدهور الوضع: الاول تصاعد الوضع في لبنان او في طرابلس مثلا على وقع الصراع السني العلوي في سوريا بما قد يدفع البعض الى الاعتقاد بانه يمكن حسم الوضع في المدينة على وقع ما يجري في الجوار مما قد يسمح للنظام السوري بنقل حربه صراحة الى لبنان من خلال التدخل المباشر. والثاني هو اشتداد التجاذب حول الملف النووي الايراني واحتمال توجيه اسرائيل ضربة للمنشآت النووية الايرانية بما يمكن ان يجعل لبنان ساحة حرب محتملة عززتها المواقف الايرانية على اعلى المستويات عن دور مرتقب لـ"حزب الله" في لبنان في الرد على اي اعتداء على ايران. وهذه الخشية تظل قائمة على رغم خطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما امام الجمعية العمومية للامم المتحدة قبل ايام قليلة الذي رد صراحة على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يضغط على اوباما قبيل الانتخابات الرئاسية الاميركية بوضع خط احمر لايران ودعم رغبة اسرائيل في ضرب المنشأت النووية الايرانية من خلال ابقائه الباب مفتوحا امام التفاوض مع ايران حول ملفها النووي. فهو حذر طهران من ان "الديبلوماسية ليست مفتوحة" بما يعني ان الامور ليست مقفلة واميركا غير ذاهبة الى حرب او داعمة لها مما يفترض ان يهدئ الامور التي تصاعدت اخيرا على وقع التهديدات المتبادلة بين ايران واسرائيل.
وبحسب المصادر الوزارية المعنية، فان ما يشفع بلبنان فعلا في هذه المرحلة هو عدم وجود قرار اقليمي او دولي باشعال حرب فيه او السماح بذلك بل هناك اصرار على حماية الوضع من تأثيرات الازمة السورية باعتبار ان سوريا تحتل راهنا الدور الذي لعبه لبنان خلال سنوات الحرب على ارضه والتي كانت حربا داخلية وحروبا اقليمية ودولية ايضا على غرار ما باتت تتحول اليه الحرب الداخلية الجارية في سوريا. لكن المشكلة وفقا لهذه المصادر ان الدولة اللبنانية لم تحسن ولا تحسن حتى الان الاستفادة من هذه الظروف الملائمة للبنان ومن الحماية او الرغبة في الدعم والحماية الدوليين على الاقل لتوظيفها في تخفيف التشنجات من الزاوية الاقتصادية والاجتماعية فتركت احداث الخطف على الغارب التي حصلت اخيرا لسوريين واتراك بعد اقفال الطرق ثم عمليات خطف الاشخاص لغاية طلب فدية مالية ان تؤثر سلبا وتهدد بالمزيد من اغراق لبنان في فوضى وعدم الاستقرار.
وتتفق مصادر سياسية على هذا التحديد للعاملين مع اعتقادها بان النظام السوري لا يزال يملك القدرة والادوات اللازمة لمحاولة اشعال حرب اقليمية من لبنان او نقل حربه اليه على رغم الاقتناع بان "حزب الله" لم يجار النظام، باعتبار انه حليفه الابرز والاقوى، في كل ما اراده في لبنان في الاونة الاخيرة لاسباب ايرانية في الدرجة الاولى ولاعتبارات تتعلق بالسعي الى المحافظة على مكاسب الحزب الداخلية في الحكومة وعدم تعريضها للخطر من جهة اخرى. لكن لا ضمانات وفق هذه المصادر بان الحزب لن يجاري النظام في مرحلة او ظروف اخرى اذا اقتضت مصلحته او المصلحة الايرانية ذلك. وهو امر يخشى كثر انه قد يبرز في حال تيقن هذا الفريق من عجزه عن الفوز باكثرية نيابية في الانتخابات النيابية المقبلة تسمح له بوضع اليد على مجلس النواب ورئاسته ثم على التعيينات الادارية والامنية ورئاسة الجمهورية والحكومة بما يسمح له بالسيطرة على البلد وفق ما ارد من الحكومة الحالية لدى تأليفها. فضلا عن اقتناع بان النظام يمتلك تنظيمات مسلحة في لبنان يمون عليها بقوة من اجل تحريك الوضع او اشعاله من دون مساعدة الحزب. وقد شكلت تجربة الوزير السابق ميشال سماحة دليلا قويا يتعذر تجاهله كمؤشر على احتمال تكرار التجربة باشخاص آخرين مثلما هي الحال بالنسبة الى تجاوزات الجيش السوري داخل الاراضي اللبناني او اطلاقه القذائف على قرى لبنانية حدودية. يضاف الى ذلك ان ثمة ثقلا يتحمله لبنان من خلال استقباله المزيد من النازحين السوريين او الفلسطينيين وربما ايضا من عبور محتمل لجهاديين يبحثون عن ساحات قتال او عن بيئات تستضيفهم.
  

السابق
لا مركزيات عربية
التالي
هل يملك رئيس الجمهورية قرار الحرب؟