السفير: السنيورة يتفهم الهواجس المسيحية.. وميقاتي يتمسك بالنسبية

تعرّض "قانون الستين" لطلقة في صميمه مع مبادرة بكركي إلى إسقاط الحُرم الكنسي عليه، وفي الوقت نفسه، تفتقر الاقتراحات والمشاريع البديلة الى الأكثرية السياسية التي تجعلها سارية المفعول، خاصة أن المهلة الفاصلة عن بدء تحضيرات وزارة الداخلية رسمياً للانتخابات، لا تتعدى التسعين يوماً.
ولعل أهمية هذا التحريم الصادر عن أعلى مرجعية مسيحية، تكمن في اقترانه بدعوة صريحة إلى توجيه النقاش في اتجاه إنجاز قانون يخدم التمثيل المسيحي الصحيح، الذي لم يحققه قانون الـ60 الذي "اخضع قسماً كبيراً من النواب المسيحيين للطوائف الأخرى" كما جاء في البيان الشهري لمجلس المطارنة الموارنة.
كما ان موقف بكركي حدد سقفاً سياسياً غير قابل للأخذ والرد، على مسافة أيام من انعقاد الجلسة الثالثة للجان النيابية المشتركة الثلاثاء المقبل، بحيث صار لزاماً على القوى المسيحية على ضفتي 8 و14 اذار إخراج قانون الستين من دائرة الرهان عليه، والبحث الجدي عن مشروع انتخابي بديل يؤمن لهم صحة التمثيل وعدالته.
وكان اللافت للانتباه في هذا السياق تزامن موقف بكركي، مع نعي رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع "قانون الستين" ووصفه بـ"أعطل العاطل"، معلناً تمسكه باقتراح الدوائر الصغرى(50 دائرة)، ولكن من دون أن يقفل الباب على احتمال الذهاب الى "خيارات اخرى كالنسبية مع 15 دائرة" في حال لم تكتب الحياة لاقتراح الدوائر الصغرى، واصفاً مشروع "اللقاء الأرثوذكسي" بـ"المزحة" و"المناورة".
وأشار جعجع الى وجود اقتراحي قانونين انتخابيين جديين، الأول مشروع الحكومة والثاني اقتراح الدوائر الصغرى المقدم من بعض قوى 14 اذار، معتبراً ان الأول افضل بقليل من قانون الستين ويؤمن فقط 47 نائباً، بينما اقتراح الدوائر الصغرى يؤمن 55 نائباً، ودعا "التيار الوطني الحر" للاختيار بين أحد المشروعين الجديين.
لجنة بكركي تحدد أولوياتها
وقد كانت المستجدات الانتخابية، محور نقاش، مساء امس، في الاجتماع الذي ترأسه البطريرك الماروني بشارة الراعي للجنة المنبثقة عن اللقاء الماروني الموسع في بكركي لدراسة قانون الانتخابات، بحضو النواب:
بطرس حرب، جورج عدوان، آلان عون، سامي الجميل، بالإضافة الى الوزيرين السابقين زياد بارود ويوسف سعاده.
وعلمت "السفير"، استناداً الى أوساط المجتمعين، أن النقاش حول المشاريع أفضى الى أن الكلام عن أن مشروع الـ 50 دائرة ينتج 55 نائباً مسيحياً بأصوات المسيحيين هو كلام غير دقيق وفق دراسات علمية قدمها ممثل "تكتل التغيير" آلان عون، وبعضها تبين أن مصدره فريق "14 آذار" نفسه.
وأبرزت الدراسات التي أعدها خبراء أن مشروع الـ50 دائرة دونه ثغرات كثيرة ولا يؤمن للمسيحيين أكثر من 50 نائباً مسيحياً بأصوات مسيحية، وذلك في أحسن الحالات.
وفي المقابل، بيّنت الدراسات أن مشروع الـ 15 دائرة مع النسبية، الذي كان قد تم التوافق عليه سابقاً في لجنة بكركي، يعطي في حال اعتماده 54 نائباً مسيحياً بأصوات المسيحيين، فضلا عن تحفيزه الناخب المسيحي في الأطراف على الاقتراع لشعوره بفائدة صوته (مثلا مسيحيو قضاء بنت جبيل لا نائب يمثلهم لكنهم من خلال النسبية يشاركون).
وتبعاً لأوساط المشاركين، انقلبت صورة المناقشات في اللجنة، وفيما كان مقرراً أن يكون اجتماع اللجنة هو الأخير، تم التوافق على عقد اجتماع قريب في غضون الأسبوع المقبل (الراعي يسافر اليوم ويعود قبل نهاية هذا الأسبوع).
ومن المقرر أن يحدد الاجتماع المقبل الأفضليات التي باتت على الشكل الآتي:
أولاً، مشروع الـ15 دائرة مع النسبية كما طرح في لجنة بكركي وليس وفق مشروع الحكومة (النسبية تفسح في المجال على المدى البعيد أمام تمثيل الأقليات المسيحية والسياسية).
ثانياً، مشروع "اللقاء الأرثوذكسي".
ثالثاً، الدوائر الصغرى.
وبحسب أوساط المشاركين، فإن التباين كان واضحاً بين نواب 14 اذار الذين اكدوا التمسك باقتراح الدوائر الصغرى (50 دائرة)، وبين ممثلي "التيار الحر" و"المردة" اللذين تمسكا باقتراح "اللقاء الأرثوذكسي" الذي لا ينطوي على بعد مسيحي فقط بل على بعد وطني لاعتماده النظام النسبي، والذي يؤمن 64 نائباً، واعتبر يوسف سعادة ان الدوائر الصغرى أشبه بـ"قانون الستين"، وتؤمن اقل من خمسين نائباً.
وقال النائب جورج عدوان بوجوب اعتماد التراتبية بالبحث بدءًا باقتراح "اللقاء الأرثوذكسي"، فإذا تعذر، تكون الدوائر الصغرى، ثانياً، وإذا تعذر هذا الخيار، نناقش الـ15 دائرة مع النسبية.
ميقاتي: ليعدل المجلس ما يراه مناسباً
ومن نيويورك، اكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في نيويورك لـ"السفير" أن الانتخابات النيابية ستجري في موعدها.
ميقاتي، الذي ينتظر ان يعود الى بيروت اليوم، دافع عن مشروع قانون الدوائر المتوسطة وفق النسبية المحال من حكومته الى مجلس النواب. وقال لـ"السفير": "لقد اجتهدت الحكومة في موضوع الدوائر (المتوسطة)، فإن اجتهدت وأصابت فلها أجران، وإن لم تصب فلها أجر واحد. وأجرُنا أننا قلنا بقانون النسبية بشكل واضح ، وإذا ما قرر مجلس النواب إعادة النظر فيه، فهذا من صلب صلاحياته ويمكنه أن يفعل الأمر بالطريقة التي يراها مناسبة".
بدوره، قال رئيس "كتلة المستقبل" فؤاد السنيورة لـ"السفير": "نحن متفهمون لموقف المسيحيين، وقد سبق وأبلغت هذا الموقف للبطريرك الراعي، بأننا حريصون على ان تزال الهواجس لا ان يكون حل هذه الهواجس مدعاة لهواجس من نوع آخر، علماً أننا نحن من الاساس مع الطائف، ومن اجل خطوة في اتجاه المسيحيين في لبنان، لا مانع لدينا في اعتماد الدوائر الصغرى. على ان شكل هذه الدوائر وعددها وحجمها يحتاج الى نقاش وبحث طويل، فيمكن ان تكون 50 دائرة، ويمكن 40 أو 42 أو 38، المهم أننا ما زلنا في بداية الطريق".
وقال وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور لـ"السفير": "نحن في "جبهة النضال" مع قانون الستين والاقتراحات التي قدمت حتى الآن ليست افضل منه، خاصة أن بعضها يتضمن مزيداً من الإيغال في التقسيمات المذهبية والطائفية".
اما وزير الداخلية مروان شربل فقال لـ"السفير": "مخطئ من يعتقد ان قانون الستين يؤمن تمثيل المسيحيين، وليعلم المتحمسون لهذا القانون ان عدد المسيحيين المنتخبين بأصوات المسيحيين في انتخابات العام 2009 هم 15 نائباً فقط، والأوراق الرسمية في وزارة الداخلية تؤكد ذلك".
ودعا النواب الى التعجيل بإنجاز القانون ضمن السقف الذي حدده أي قبل 1/1/2013. وقال: "لن اكون كغيري ممن يقبل بأن يحشر بقانون انتخابي في آخر دقيقة".  

السابق
النهار: بكركي تظهّر إجماعاً مارونياً على رفض قانون الـ 60
التالي
الديار: العميد وسام الحسن زار واشنطن واجتمع مع وكالة المخابرات المركزية الاميركية