هل الأمرة على السلاح للحزب أم لإيران؟

اذا كان السجال استمر سنوات ولم يتم التوصل الى وضع تصوّر مشترك للاستراتيجية الدفاعية فكم يستمر السجال للتوصل الى اتفاق على تصور الرئيس ميشال سليمان لهذه الاستراتيجية التي حرص على ان تكون متوازنة بنصوصها لكنه حرص في الوقت نفسه على ان تكون للامرة على السلاح مرجعية واحدة هي الجيش والدولة؟
الواقع ان المهم رأي "حزب الله" في تصور الرئيس سليمان للاستراتيجية لأنه وحده يملك السلاح خارج الدولة. هل يوافق عليها ام ان له ملاحظات عليه وما هي؟ هل يعتبر ثالوث الجيش والشعب والمقاومة ثالوثاً غير منقسم ام مجزأ؟ وهل يوافق بصورة خاصة على ان تكون الامرة على سلاحه للجيش وللسلطة السياسية، واذا وافق على ذلك، مسايرة ومجاملة، هل يلتزم ذلك؟
يقول نواب في قوى 14 آذار ان ليس مهما ان تتخذ هيئة الحوار الوطني قرارات، إنما المهم تنفيذها علما انه لم يتحقق الكثير منها. فلا ازيل السلاح الفلسطيني خارج المخيمات ليصير ضبطه داخلها، ولا تم ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا ولا اتخذت اجراءات لمنع التهريب والتسلل عبرها ولم يتوقف استخدام السلاح خارج الدولة في الداخل، ولا أصبحت السلطة الامنية والعسكرية حصرا في يد الدولة ولا تم تطبيق القانون واحترام سيادة الدولة في كل المناطق اللبنانية بحيث لا تكون هناك مناطق يلوذ اليها الفارون من وجه العدالة ولا التزمت القيادات وقف استخدام لغة التخوين او التحريض السياسي او المذهبي.
لذلك، اذا كان من جواب لـ"حزب الله" على تصور الرئيس سليمان للاستراتيجية، فإن هذا الجواب قد يتأخر الى حين بلورة صورة الوضع في سوريا، وظهور ملامح المحادثات مع ايران حول برنامجها النووي، وموقف اسرائيل من نتائج هذه المحادثات واي نوع من الحياد سيمارسه لبنان حيال كل ذلك خصوصاً اذا ما اعتدت اسرائيل على سوريا او على ايران، وهل يبقى الحياد قائماً؟ ويضيف هؤلاء النواب هل قرار استخدام السلاح هو لـ"حزب الله" كي يلتزم ما تقرره هيئة الحوار الوطني والاستراتيجية الدفاعية ام هو لإيران اولا عملاً بالقول: "من يعطي يأمر" (Qui donne ordonne) خصوصاً ان ايران لا تخفي موقفها عندما يعلن مسؤولون سياسيون وعسكريون بصراحة ووضوح ان "حزب الله" سيرد من لبنان دفاعاً عن ايران، وعندما تأمر ايران ماذا يبقى من قرارات هيئة الحوار الوطني ومن بنود الاستراتيجية الدفاعية ومن الحياد؟
هذا الوضع يذكر نواب في قوى 14 آذار بقرار قمة الرياض التي شكلت "قوة ردع عربية" كلفت وقف الاقتتال في لبنان وقد وضعت هذه القوة في تصرف الرئيس الياس سركيس الذي سره ذلك واسرع الى ابلاغ العميد الراحل ريمون اده مضمونه لانه كان يريد تشكيل قوة ردع عربية، متوازنة في العدد كي لا يطغى عدد القوات السورية على عدد القوات العربية الاخرى، فيصبح القرار مرجحاً لها. لكن العميد اده سأل الرئيس سركيس المسرور بقرار وضع قوة الردع العربية في تصرفه: “هبّ انك اردت ان تنقل جندياً سورياً في هذه القوة من ساحة البرج الى باب ادريس، فكلمة من يسمع؟ كلمتك ام كلمة الرئيس حافظ الأسد؟".
وقد صح ما توقعه اده اذ امر الاسد قوة الردع العربية، بعدما اصبحت قوة سورية صرفة بقصف الاشرفية مدة مئة يوم، رغم انها موضوعة في تصرف الرئيس سركيس وكأنه هو الذي يأمر بهذا القصف فهدد سركيس بالاستقالة ليوقف القصف. والشيء نفسه قد يحصل من سلاح "حزب الله" فلا الحزب ولا قرار هيئة الحوار الوطني ولا الاستراتيجية الدفاعية من يأمر باستخدام هذا السلاح انما ايران وفي الوقت الذي تشاء. ولا حاجة للانشغال بصحة وجود حرس ثوري ايراني في لبنان او عدم وجوده، فسلاح الحزب هو هذا الحرس وهو الجناح العسكري لايران في لبنان والجبهة المتقدمة على حدود اسرائيل. وهذا الجناح العسكري يتحرك لمواجهة حرب مع اسرائيل سواء كانت على لبنان او على سوريا او على ايران او كانت حرباً بين محورين في المنطقة: المحور الايراني ومن معه والمحور الاميركي ومن معه. ألم يعلن المرشد الاعلى علي خامنئي قبل سنتين واكثر ان "هزيمة اميركا والكيان الصهيوني ستكون في لبنان وان التطورات السياسية في المنطقة والعالم تؤكد بداية مرحلة جديدة"؟ وقد سمع هذا الكلام سياسيون لبنانيون بينهم مسؤولون موالون لايران علقوا بالقول: "انها البداية لتفتت الامبراطورية الاميركية وان ايران ستكون القوة الرئيسة في المرحلة المقبلة".
لماذا التلهي اذاً بالسجال حول سلاح حزب الله، وبأمرة من يوضع وبالاستراتيجية الدفاعية؟  

السابق
عين الحلوة: ترميم «مدرسة الكفاح» لإسكان النازحين
التالي
سبب آخر للاستغناء عن المشروبات الغازيّة