اللواء: إجماع إسلامي – مسيحي على التنديد بالفيلم المسيء للنبي وواشنطن تحذّر رعاياها

غداة انتهاء الزيارة البابوية الى لبنان، وما اشاعته من اجواء ايجابية طيبة، تجاه ما كانت البلد، والحاجة الدولية والاقليمية الى نموذجه التعايشي بين ا لمسلمين والمسيحيين، بوصفه دولة تعددية، بدت الساحة خاضعة لتقلبات وضغوطات العناصر الخارجية، سواء منها ما يتعلق "بالاعتداء" على المسلمين، عبر التعرض لنبيهم محمد (ص) من خلال الفيلم المشين الذي انتج في الولايات المتحدة من قبل عناصر موتورة ومتصهينة وبتمويل صهيوني، او عبر ارتدادات المواجهة التي تلوح في الافق بين ايران واسرائيل، على خلفية الملف النووي الايراني، او عبر الازمة السورية المفتوحة جغرافيا واستراتيجيا على تداعيات كان للبنان النصيب الاكبر منها، سواء عبر عمليات خطف واحتجاز، او اختراق للحدود، او تهديدات دولية على خلفية العقوبات المالية والمصرفية، فضلاً عن اكتشاف الشبكة التي كان يديرها الوزير السابق ميشال سماحة والتي كانت تهدف الى احداث تفجيرات وقلاقل تؤثر على الوحدة الوطنية في البلاد.
وعلى الرغم من ان المشهد كان متوقعاً ان يضخ حيوية لبنانية عشية استئناف طاولة الحوار بعد غد الخميس، الا ان تحول اللعبة الدولية والاقليمية الى تقاطعات جغرافية من بينها لبنان، اعادت الاحداث الثقيلة الى الواجهة، من دون ان تلحق ضرراً بالوحدة السياسية والمجتمعية التي يعتصم بحبلها اللبنانيون في هذه اللحظة.
وفيما كان الرئيس ميشال سليمان يبلغ السفير الايراني في لبنان غضنفر ركن ابادي رسالة احتجاج وطلب ايضاح على تصريحات قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري، ويطلب من وزير الدفاع اعداد تقرير فني دقيق عن "الاعتداء السوري" على "خربة داوود" في عرسال ليبنى على الشيء مقتضاه، كانت الضاحية الجنوبية تستعد لحشد شعبي كبير على المسيرة التي دعا اليها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لنصرة النبي محمد (ص) بعنوان: "لبيك يا رسول الله".

وكانت المفاجأة المحسوبة بدقة من قبل قيادة "حزب الله" خروج امينه العام الى الساحة المليئة بعشرات الألوف من الذين احتشدوا في المسيرة الاحتجاجية على الاساءة للنبي، والسير في اتجاه المنصة، وهو الخروج الاول من نوعه من 12 كانون الاول 2011 والخامس منذ 2006، لشد عضد المتظاهرين والمشاركة في رفع الصوت عالياً في شوارع الضاحية، رفضاً للاهانة، وتحذيراً من بث الفيلم وعدم سحب مقاطع الـ12 دقيقة التي بثت واقفال مواقع الانترنت في وجهه.
على ان الاخطر تحميل الولايات المتحدة ما حدث واستمراره، حيث اكد نصر الله: "يجب ان تفهم اميركا ان بث الفيلم كاملاً ستكون له في العالم تداعيات خطيرة وخطيرة جداً".
ولم تتأخر الولايات المتحدة في التقاط الرسالة، إذ حذّرت رعاياها من السفر إلى لبنان، وعلقت المنح الدراسية للراغبين في الدراسة في هذا البلد.
المهم أن نصرالله اطلق معركة قال انه لا يمكن التسامح فيها أو العبور عنها، وهي ستمتد على نشاطات وتحركات شاجبة وغاضبة يُشكّل التجمع الذي دعا إليه الشيخ أحمد الأسير يوم الجمعة المقبل في وسط بيروت، احد جوانبها.
ومع أن الإجماع اللبناني على التنديد بالإساءة للرسول وللمسلمين عبّر عنه المسلمون والمسيحيون، قيادات روحية وسياسية، الا أن انتقاداً حصل لاطلالة السيّد نصرالله التلفزيونية على لسان الرئيس امين الجميل، وانتقاداً مماثلاً من قبل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، لما اعتبره من ان نصر الله "صنع من الفيلم جسر عبور لأغراض سياسية".
وأعلن جعجع تبنيه كل المطالب التي طلبها نصرالله من منع نشر الفيلم وملاحقة المشاركين فيه، ومنع الإساءة مجدداً، الا انه انتقد الطريقة، وقال "كنت اتمنى لو استشار الآخرين وصعد إلى بكركي وعقدت قمّة أطلقت سلسلة مطالب ضد الفيلم المسيء، متمنياً على البطريرك الماروني بشارة الراعي لو يدعو عرباً الى قمّة تعقد في بكركي".
اما الحكومة فسارعت إلى تبني اقتراح الأمين العام لحزب الله من خلال اقتراح قانون على الجامعة العربية يحرم أو يجرّم الإساءة للأديان والانبياء، داعية وزير الخارجية إلى اخذ زمام المبادرة التي تتماشى مع حقوق الإنسان والحريات العامة وحرية ممارسة الشعائر الدينية.

مجلس الوزراء
وكادت الجلسة التي عقدتها الحكومة في بعبدا، برئاسة الرئيس ميشال سليمان، أن تكون جلسة مالية ونقاش في أرقام مشروع موازنة العام 2013 وايرادات سلسلة الرتب والرواتب، لولا معاتبة رئيس الجمهورية لوزير الخارجية عدنان منصور على تصرفه منفرداً باتجاه جامعة الدول العربية من دون التشاور معه كرئيس للدولة، كما عاتبه رئيس الحكومة على عدم العودة إليه او إلى الحكومة في موقف يعبّر عن الدولة اللبنانية.
وعُلم أن منصور برر موقفه بأنه انطلق من موقعه كرئيس للجنة في جامعة الدول العربية، وعليها دور عربي وليس لبنانياً، الا أن سليمان وميقاتي أصرا على موقفهما، فيما بادر وزراء الى تبرير موقف وزير الخارجية، وضرورة عدم التوقف عند مسألة شكلية طالما أن الموقف هو جامع في مسألة من هذا النوع.

وبعد نقاش تجاوز هذه النقطة، إلى الموقف من قضية الفيلم المسيء للرسول محمد (ص) تقرر ضرورة أن يبادر لبنان إلى تقديم اقتراح يمنع أو يحرّم التعرّض أو الإساءة إلى الأديان والأنبياء، انطلاقاً مما طرحه رئيس الجمهورية، في كلمته الاستهلالية، والذي استند إلى مبادرة باكستانية في العام 2007 تحت عنوان Defamation of Religion بإسم منظمة المؤتمر الاسلامي وتقوم الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتمديدها سنوياً، مشيراً الى أنه بإمكاننا أن نلجأ الى طرح قانون دولي عبر منظمة حقوق الإنسان التي طرحت المبادرة الباكستانية من خلاله، على أن تكون المبادرة عبر جامعة الدول العربية.

وطلب الرئيس سليمان من وزارة الدفاع وكل المعنيين برفع المعطيات الدقيقة حول حادثة خربة داود المجاورة لبلدة عرسال، التي تعرضت لقصف من طائرات سورية، لجهة تحديد من بادر إلى الاعتداء ومن أي جهة أتى، داعياً إلى التواصل مع المسؤولين السوريين في هذا المجال، "تنفيذاً لواجباتنا تجاه المواطنين اللبنانيين وحمايتنا لهم". كما تناول سليمان تكاثر ظاهرة الخطف، على خلفية خطف شقيق نقيب الأفران يوسف بشارة، ودعا الأجهزة الأمنية إلى التصرف بحزم وعدم التساهل في ردع الخاطفين ومعاقبتهم.
ولم تخل مداخلتا سليمان وميقاتي، في مستهل الجلسة من إشادة بنجاح زيارة البابا بنيديكتوس السادس عشر التي "عدّلت الصورة التي طبعت لبنان في الفترة الأخيرة، في ضوء التحذيرات التي صدرت للرعايا الأجانب من السفر إليه، بحيث أعطت جواً جديداً في العالم من المهم المحافظة عليه".
وبحسب المعلومات الوزارية، فإن مجلس الوزراء بدأ بدراسة مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2013، وغاص في مناقشة لائحة ضريبية قدمها وزير المال محمد الصفدي لتمويل سلسلة الرتب والرواتب ولسد العجز في الموازنة، الا ان النقاش لم ينته بعد، وسيستكمل في جلسة اليوم التي ستعقد في السراي.

اما في ما يتعلق ببند الزيادات المقررة على رواتب الرؤساء والوزراء والنواب فقد طرح الموضوع انطلاقاً من مطالبة البعض بضرورة إعادة النظر فيه، معتبراً انه من المعيب ان تزيد رواتب المسؤولين فيما نحن نبحث عن موارد مالية للسلسلة ونشكو من العجز، وبرز موقف رافض لازالة البند ومطالب بالابقاء على الزيادات، وعندها تقرر التصويت على الموضوع، فتبين ان 19 وزيراً مع الابقاء على الزيادات و11 فقط مع سحبها من مشروع السلسلة.
والوزراء الـ11 هم: ميقاتي، وزراء "حزب الله" وحركة "امل" والوزراء وليد الداعوق، شكيب قرطباوي، نقولا نحاس، فريج صابونجيان، سليم كرم، وعلاء الدين ترو، الذي تحدث باسم وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي في غياب الوزيرين غازي العريضي ووائل ابو فاعور.

وعلم انه تم الاتفاق على ايرادات هي التالية:
الربح العقاري، رسم الطابع المالي، رسم رخص البناء على الامتيار لرفع التمييز بين منطقة واخرى، بحيث يكون الرسم في بيروت 60 الف ليرة و30 الف في المحافظات و15 الفاً في الاقضية، و7 آلاف في باقي المناطق النائية، على ان تستثنى المساحة المبنية في المناطق الصناعية، وعلى ان تعتبر مناطق الاصطياف مثل مراكز الاقضية اي 15 الف.
كذلك اتفق على زيادة رسم اليانصيب. وتستكمل اليوم دراسة باقي الايرادات ومشروع قانون الموازنة على ان تكون جلسة غد الاربعاء عادية في قصر بعبدا.  

السابق
نصرالله: لن تكون حركتنا عابرة وعلى المسلمين التوحد ولو باينت بينهم الملفات
التالي
الأخبار: 14 آذار تعطّل حوار بعبدا