أين المسـتقبل والجماعة من الإسـاءة للنبي محمـد؟

ثمة استغراب في الأوساط الطرابلسية عن نأي التنظيمات السياسية والإسلامية ذات القواعد الشعبية بنفسها عن الدعوة لأي تحرك احتجاجي عن الفيلم المشبوه المسيء للاسلام والنبي محمد، وغيابها الكامل خلال الأيام الماضية عن الشارع وتركه لمجموعات شبابية متحمسة خارجة عن أي سيطرة، قدمت صورة غير حضارية عن الفيحاء والإسلام.وإذا كانت هناك تساؤلات عن أسباب التقصير الأمني في حماية الممتلكات والانتظام العام في المدينة بعد ظهر يوم الجمعة الفائت سواء من قبل القوى المولجة بالحماية أو من القوى التي لم تتدخل للمؤازرة، فإن السؤال الأبرز: لماذا لم يبادر «تيار المستقبل» و«الجماعة الاسلامية» أو أي من التيارات السلفية المنظمة الى الدعوة لتحرك احتجاجي، بحماية أمنية، وبمشاركة كل شرائح المدينة ذات الغالبية السنية، وبشكل حضاري، بدل ترك الأمور لاجتهادات البعض حرقاً وتخريباً وفوضى.هذا الواقع دفع بأحد رجال الدين الشماليين الى التأكيد أنه في أفضل الأحوال، «هذه التنظيمات التي تدّعي تمثيل السنّة وامتلاك الشارع عند الاستحقاقات الهامة، إما مقصرة، أو متواطئة، أو أنها تخلت عن شارعها، أو هي خائفة من أن تغضب تحركاتها الاحتجاجية السفارة الأميركية في لبنان».ويلفت رجل الدين النظر الى أن غياب هذه التنظيمات عن لعب دورها في هذا المجال، هو الذي أدى الى هذه الفوضى في الشارع الطرابلسي، وبالتالي فإن جزءا من المسؤولية يقع على عاتقها. ومن هذا المنطلق، يدور همس في الأوساط الطرابلسية حول غياب «تيار المستقبل» عن أي تحرك شعبي احتجاجاً على الفيلم المسيء للنبي. وتنتقد قيادات اسلامية وسطية دعوة «التيار الأزرق» الى يوم غضب في المدينة احتجاجاً على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي رئاسة الحكومة، قبل سنة ونصف السنة، وإلى مهرجان «خريف السلاح.. ربيع الحرية»، فضلا عن تهديد نوابه المتواصل بتحركات شعبية في الشارع لإسقاط الحكومة، بينما تمر الإساءة الى نبي الاسلام من دون أن يحرك ساكناً.كذلك فإن هذا الانتقاد يطال «الجماعة الاسلامية» التي تسعى قيادتها منذ انتخاب محمد مرسي رئيساً لمصر الى تفعيل حضورها من مختلف جوانبه، علماً أن لـ«الجماعة» صولات وجولات في التحركات الشعبية، كونها تمتلك جهازاً تنظيمياً كاملاً قادراً على ضبطها وتوجيهها بحسب ما هو مخطط لها من دون أية خروق.كما يسجل على «الجماعة» عدم إعطاء أي توجيه لمؤسساتها للقيام بأي تحرك احتجاجي، سواء على صعيد طلاب «مدارس الايمان» أو «رابطة الطلاب المسلمين»، أو «نادي الفتيان»، أو «كشافة الايمان»، كما سبق وحصل من مسيرات ومهرجانات دعماً لـ«الثورة السورية».وإذا كانت التيارات السلفية لم تنته حتى الآن من تداعيات المسيرة الشهيرة الى السفارة الدانماركية في الأشرفية في العام 2006 احتجاجاً على الرسوم المسيئة للنبي محمد، وما زالت تدفع فاتورة ذلك سجناً وملاحقات قضائية، فإن ذلك لا يعفيها، وهي التي يتنامى حضورها بشكل مطرد في الأونة الأخيرة لا سيما في طرابلس، عن القيام بتحرك منظم يظهر حضارة الاسلام، بدل ترك الأمور لمجموعات شبابية متحمسة تغطت بها وشوهت صورتها وصورة المدينة، قبل أن يعلن أكثرية المشايخ السلفيين براءتهم مما حصل مؤخراً.ويقول مصدر مسؤول في تيار المستقبل لـ«السفير»، «إن قيادة التيار استنكرت الإساءة الى النبي محمد»، مؤكداً في الوقت عينه «أن أي تحرك لن يكون بمأمن عن الاختراق في وقت لا تسمح فيه ظروف المدينة بتحركات شعبية من هذا النوع في ظل التوترات الأمنية الحاصلة فيها ويعزو سبب عدم التحرك، الى «أننا نعتبر أنفسنا تياراً وطنياً وليس تياراً دينياً، ونضم في صفوفنا من كل الطوائف، لكن الأكثرية هي من الطائفة السنية، فنحن لسنا حزباً دينياً بل تيار وطني جامع».وإذ تشير مصادر «الجماعة الاسلامية» الى أن انتهاء ولاية مكاتبها من جهة وانشغالها بالانتخابات الداخلية التي ستبدأ مطلع تشرين الأول المقبل من جهة ثانية، أديا الى بعض التكاسل في التحركات، يقول المسؤول السياسي في «الجماعة» في طرابلس المحامي حسن الخيال: «لقد كان لنا تمثيل رمزي في اعتصام الجامع المنصوري الكبير»، لافتاً النظر الى أن ثمة محاذير في الدعوة اليوم للنزول الى الشارع في ظل انتشار الطابور الخامس الذي يخترق كل التحركات.ويضيف: إن «الجماعة» تدرس سلسلة تحركات ليس بالضرورة أن تكون في الشارع، بل يمكن أن تأخذ أشكالا متعددة تعبر عن الاستنكار والغضب لما تعرض له رسولنا الكريم.  

السابق
السيد نزيه زين الدين أقام حفل عشاء على شرف أهالي بلدته
التالي
ميشال يطلب التوضيح والأسد يطلب المساعدة!