سيناريو قيد الإعداد لإطلاق سماحة

 تفاجأت قيادات بارزة في «8 آذار» بالانهيار السريع للوزير والنائب السابق ميشال سماحة، الذي «بقّ البحصة» سريعاً وكشف المستور، لا بل فاق ما كان متوقّعاً منه، الأمر الذي أربك كلّ فريق الثامن من آذار والنظام السوري.وبعد صمت هذه القيادات استنفر النظام السوري حلفاءَه من أجل القيام بعملية التفاف على التحقيق، وإذا صحّ التعبير، إنقلاب شامل لإنقاذ سماحة ممّا يتخبّط به ومن "براثن" جهاز المعلومات، ونقله إلى حيث يمكن أن "يطمئن" أكثر، وذلك بهدف الوصول التدريجي إلى إيجاد مخرج، على غرار ما حصل مع العميد المتقاعد فايز كرم ومع شادي المولوي، مع العلم أنّ ملف سماحة "مبكّل" والإتّهام لا يلقى أيّ شك، وهذا ما يدركه "حزب الله" وكلّ قوى 8 آذار. 

وبحسب المعلومات، فإنّ أولى دلائل هذا المخطّط الذي ينفّذه حلفاء النظام السوري تمثّل بداية بتقنين عملية استجواب سماحة، ومن ثم نقله من مكان توقيفه إلى موقع آخر، وبالتالي خروج القيادات الموالية للنظام السوري عن صمتها بعدما كانت التزمته بشكل مريب، وكان النائب ميشال عون أوّل الخارجين عن هذا الصمت عندما شنّ هجوماً على قوى الرابع عشر من آذار وفرع المعلومات التي "لم تتمكّن من إلقاء القبض على صرصور" بحسب عون.

وهنا تشير جهات عليمة إلى أنّ جنرال الرابية لم يدافع عن سماحة ويقول ما قاله لولا وصول "التعليمة" إليه مترافقة مع سلسلة خطوات ومواقف كرّت تباعاً، بدءاً بموقف الحليف الأبرز للنظام السوري النائب سليمان فرنجية، الذي هدّد قوى 14 آذار بالقول "إذا ظننتم أنّه بإمكانكم تغيير وجه لبنان وعقيدة جيشه عبر الانتخابات القادمة، فأنتم مخطئون لأنّنا لن ندعكم تأخذوننا إلّا بالقوة". وبعد ذلك حصلت خطوات أمنية بدءاً من أحداث طرابلس وموقف رفعت عيد الذي عبّر عن دعم سوري هائل بهدف فتح جبهة عسكرية في طرابلس، وصولاً إلى ظهور الجناح العسكري لآل المقداد للمطالبة باسترداد غسّان المقداد المخطوف في سوريا. ولم تمضِ ساعات حتى ظهر السيّد حسن نصرالله على التلفزيون محمّلاً قوى 14 آذار وتصرّفاتها مسؤولية عدم قدرته على ضبط الشارع وظهور الأجنحة العسكرية.

وتلفت الجهات العليمة نفسها إلى أنّ التطوّرات الأمنية والسياسية جاءت متزامنة ومبرمجة مع بعضها البعض بهدف الضغط لتنفيس ملفّ الوزير سماحة وتصغيره وصولاً إلى إطلاقه، ولو بعملية أمنية إذا اقتضى الأمر. مع الإشارة إلى معلومات سبقت هذه التطوّرات وتمثّلت برسالة مشفّرة نقلها المحامي مالك السيّد إلى سماحة داعياً إيّاه إلى التماسك ونقض ما قاله في التحقيقات الأوّلية بعدما أكّد له بأنّه "غير متروك"، وثمّة خطوات تحصل لمتابعة ملفّه، في حين أنّ اللواء جميل السيّد كان أوّل من تحرّك ووصل إلى منزل سماحة يوم إلقاء القبض عليه، لأنّه يدرك حجم تورّط سماحة والمعلومات الخطيرة التي يملكها، وكونه خزّان المعلومات للرئيس بشّار الأسد، مع التذكير هنا بأنّ اللواء السيّد كان ظهر في إحدى الحلقات السياسية التلفزيونية معتبراً أنّ ما حصل لسماحة تتحمّل مسؤوليته قوى 8 آذار و"حزب الله" بسبب تخاذلهم، متّهماً إيّاهم بأنّهم تخلّوا عن سماحة.

وتكشف الجهات نفسها أنّ ملف الوزير سماحة هو الشغل الشاغل للنظام السوري على رغم الأحداث والعمليات العسكرية التي تجري في سوريا، مشيرة إلى أنّ هذه المتابعة الدقيقة للملف تأتي على خلفية إدراكها مدى الإنعكاس القاتل على النظام الذي يعاني في هذه المرحلة خطر السقوط. وهنا، يكشف مسؤول غير مدنيّ بأنّ "إلقاء القبض على سماحة يُعتبر اعتقالاً لبشّار الأسد، وبالجرم المشهود".

وعليه، تشير المعلومات إلى أنّ الأيام القليلة المقبلة ستشهد مواقف دراماتيكية لقوى 8 آذار وسط حملات إعلامية وسياسية في أكثر من اتّجاه، ومن غير المستبعد حصول خضّات أمنية، وذلك على خلفية إخراج سماحة من السجن، أو التوصّل إلى مخرج على غرار ما جرى مع العميد فايز كرم، لا سيّما وأنّ المؤشّرات تصبّ في هذا السياق، لأنّ التحضيرات جارية على قدم وساق والسيناريوهات جاهزة لبدء العمليات السياسية وغير السياسية ليكون سماحة حرّاً طليقاً. 

السابق
مقاومة ضدّ مقاومة
التالي
“اللـــواء ” تنشر الخطوط العريضة لتقسيمات جعجع