العرب المكروهون!

نهاية الأسبوع المنصرم حذر ضابط كبير بالحرس الثوري الإيراني من سماهم بـ«العرب المكروهين» من مغبة التدخل بالشأن السوري، حيث هدد هؤلاء العرب قائلا إنهم سيتلقون «ضربات حاسمة» حال تدخلهم بسوريا، وقد يتساءل البعض من المقصود بـ«العرب المكروهين»؟

والحقيقة أن الانطلاق من هذا التساؤل يعد خطأ، فالأصح، والأسهل، هو طرح السؤال بطريقة عكسية، وأكثر بساطة، وعليه فيجب أن يكون السؤال: ومن هم العرب المحبوبون، بالنسبة لإيران؟ فهل اليمن، مثلا، من العرب المحبوبين بالنسبة لطهران؟ كيف يكون ذلك والرئيس الإيراني يحاول الآن لملمة فضيحة خلية التجسس الإيرانية بصنعاء، والتي دفعت الرئيس اليمني ليقول لإيران «كفى»؟! وهل يمكن أن يكون من العرب المحبوبين، بالنسبة لإيران، المغرب؟ أمر لا يستقيم كذلك، حيث سبق للرباط طرد السفير الإيراني من هناك. ربما العراق؟ أيضا لا يمكن، فنصف العراقيين اليوم ضد إيران، ودورها ببلادهم، وها هي القوى السياسية العراقية تحاول إسقاط حكومة تستقوي على العراقيين بالدعم الإيراني!

وإذا كان القائد بالحرس الثوري يعتبر الكويت، مثلا، من العرب المحبوبين لبلاده، فسبق للكويت أن أعلنت عن وجود خلية تجسس إيرانية ببلادها. وبالطبع فلا يمكن أن تكون الإمارات من ضمن قائمة أصدقاء إيران في الوقت الذي تحتل فيه إيران الجزر الإماراتية! ولا يمكن أن تكون مصر، حتى بعد مبارك، من العرب المحبوبين لطهران، خصوصا بعد فضيحة فبركة الحوار الصحافي مع الرئيس المصري الجديد! وعليه، فمن بقي لطهران من العرب المؤثرين، أو قل العرب المحبوبين؟ هل هو لبنان المختطف بسلاح حزب الله الإيراني، أم السودان الذي يجلس حاكمه على خرابه الكبير؟
ومن هنا، فإن مجرد سرد بسيط للعلاقات العربية – الإيرانية يظهر، وببساطة، كيف خسرت إيران الخمينية علاقتها بمعظم الدول العربية، من البحرين للمغرب العربي، فها هو الشيخ راشد الغنوشي يعتذر للثوار السوريين عن دعوة حزب الله للمشاركة في مؤتمر حركة النهضة الإخوانية بتونس، وخصوصا أن حزب الله هو أحد أبرز الداعمين لطاغية دمشق، كما أن الحزب ما هو إلا مجرد عميل لإيران المتواطئة ضد السوريين.

وعليه، فإن فضيحة مصطلح «العرب المكروهين» من قبل إيران ما هي إلا محاولة فاشلة لتعويض سقوط كذبة «الممانعة»، والتي انفضح زيفها، وعندما نقول فضيحة فلسبب بسيط وهو أن مصطلح «العرب المكروهين» يفضح الحس العنصري الذي يحرك إيران تجاه منطقتنا، فالقصة هنا ليست قصة طائفية فحسب، بل إنها تكشف الحس العنصري الفارسي بطهران ضد الدول العربية. فإذا كانت إيران تقصد السعودية وقطر، فإن على طهران أن تتذكر أن الدوحة كانت حليفة للأسد، وحزب الله، وبالتالي إيران، قبل عامين من الآن، وتغير مواقف قطر اليوم لا يعني أن هناك عربا مكروهين، بمقدار ما يعني، وبكل بساطة، فشل السياسة الإيرانية بالمنطقة، وانفضاحها؛ السياسة القائمة على الطائفية، والتفرقة، والعنصرية، فهل يعي العقلاء بالنظام الإيراني هذه الحقيقة، أم أن هول الدهشة بما يحدث لحليفهم الأسد لا يزال يعصف بهم إلى الآن؟  

السابق
هنية ينفي فتح مكتب لـحماس في القاهرة
التالي
لبنان تحت عجز الطاولتين!!