السفير: سليمان يلتقي هولاند: لا عملية عسكرية سورية شمالاً

حظيت سياسة «النأي بالنفس» اللبنانية عن الأزمة السورية، بجرعة دعم فرنسية ـ أميركية كانت هي القاسم المشترك خلال زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى باريس وعقده اجتماعاً تعارفياً مع نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند، وكذلك زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ويليام برنز الى بيروت واجتماعه برئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وأدرج الأميركيون زيارة برنز ضمن جولة له في المنطقة في خانة «الزيارة التقليدية»، وأنها تأتي استكمالا للتواصل المستمر بين وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون وميقاتي، «وذلك تعبيراً عن رغبة اميركية في ابقاء لبنان في دائرة الاهتمام من جهة واستمرار التأكيد على استقراره وسيادته واستقلاله من جهة ثانية»، على حد تعبير مصادر ديبلوماسية اشارت الى أن واشنطن اشادت، كما باريس، بإيفاء حكومة لبنان برئاسة ميقاتي، للسنة الثانية على التوالي، بالتزاماتها الدولية وفي طليعتها تمويل المحكمة الخاصة بلبنان.
في هذه الاثناء، اكدت فرنسا دعمها الكامل للبنان واستقراره، وقال مراسل «السفير» في باريس محمد بلوط إن الرئيس اللبناني اختتم زيارته الفرنسية القصيرة، ليل أمس، بلقاء قمة مع هولاند، أعقبه عشاء خاص في قصر «الأليزيه» وأبلغه خلاله نظيره الفرنسي «دعم فرنسا الكامل (للبنان) في هذه المرحلة الصعبة نظرا الى ما يحدث في سوريا».
من جهته، وجه سليمان دعوة الى هولاند لزيارة بيروت، وعده الأخير بتلبيتها، من دون أن يحدد موعدا لذلك، كما تبلغ أن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان سيزور بيروت قريباً، ولم يتلق سليمان أي وعد فرنسي محدد بشأن تسليح الجيش اللبناني وخاصة تزويد مروحيات «الغازيل» الفرنسية الصنع بصواريخ.
ورداً على سؤال لـ«السفير» حول ما اذا كان قد أثار قضية المعتقل السياسي اللبناني جورج ابراهيم عبدالله، قال سليمان في لقاء ليلي مع الصحافيين اللبنانيين المعتمدين في باريس، إن هذه القضية تسلك طريقها القانوني الطبيعي ومن الأفضل معالجتها بصمت.
ونفى سليمان وجود أي انتشار للجيش السوري الحر في الأراضي اللبنانية، وخاصة في الشمال، وقال «طالما هناك انتشار للجيش اللبناني، فلن تكون هناك عملية عسكرية سورية في شمال لبنان».
وتطرق سليمان الى قضية الاغتيالات، معتبراً أنها جدية، وشدد على تسليم «داتا» الاتصالات للأجهزة الأمنية من دون مخالفة الشروط القضائية والقانونية.
وأوضح سليمان انه لم يسمع اية مطالب من فرنسا، «وما يهمها هو استقرار لبنان والمحافظة على سيادته وامنه».
وقال سليمان ان الرئيس الفرنسي سأله عن الوضع السوري فردّ بأنه متجه نحو الديموقراطية، مشدداً على وجوب ابعاد العنف عن سوريا وتوسيع هامش الديموقراطية ورعاية العملية السياسية تحت اشراف الامم المتحدة للوصول الى دستور يقبل به كل السوريين. ورفض أي تدخل عسكري دولي في الأزمة السورية.
وقال سليمان ان الرئيس الفرنسي طمأنه الى ان قوات «اليونيفيل» ستبقى في الجنوب اللبناني، واشار من جهة ثانية الى انه شرح للجانب الفرنسي صعوبة الاستمرار في مساعدة اللاجئين السوريين لاسباب مادية بحتة، وشدد على أهمية تقديم مساعدات للبنان «لأنه لا يستطيع تحمل عبء هذه المساعدات».
وحينما استفسر الرئيس الفرنسي عن الوضع في لبنان، قال سليمان: «لبنان ليس على ابواب حرب اهلية، فللمرة الاولى منذ الاستقلال يحصل اضطراب في سوريا وليس في لبنان، وكل الاحداث الجارية في لبنان لا تشكل اضطرابا امنيا، لأنه لا وجود لأي مطلب (سياسي) من أي طرف بامتيازات معينة، ولأن اتفاق الطائف اشرك الجميع في ادارة لبنان، وبالتالي فإن الأحداث (الأمنية) تبقى تحت السيطرة».
واعتبر سليمان ان التعطيل الحكومي ناتج عن المعارضة القوية لعمل الحكومة.
ميقاتي.. والتعيينات والتمويل
من جهة ثانية، علق الرئيس ميقاتي على انتقادات «قوى 14 آذار» له بتهريب تمويل المحكمة بالقول لـ«السفير»: «نحن نؤمن بالعدالة ونمارسها قولاً وفعلاً، فالانتقاد سهل، الا ان تحمـُل الواجبات تجاه الوطن والوفاء بالتزامات لبنان الدولية هو الاصعب».
وقال ميقاتي إن الحكومة أنجزت الموازنة ضمن المهلة التي تعهدت بها أمام النواب، وقد أخذت على نفسها أن تعمل فريقاً واحداً في سبيل تقديم المزيد من الانجازات للمواطنين في المرحلة المقبلة.
وتتحضر الحكومة لمقاربة ملفات موضوعة على رفّ الانتظار منذ ولادتها تقريباً، وأبرزها القانون الانتخابي والتعيينات والنفط، على أن يصار «الى اعتماد سياسة الجرعات.. وليس السلة الكاملة» حسب أحد الوزراء.
ورجحت أوساط رئيس الحكومة أن تبدأ طلائع التعيينات بالظهور اعتباراً من الاسبوع المقبــل، وقالت إنه سيتم اصدار دفعة تعيــينات في كل جلسة يعقــدها مجلــس الوزراء أسبوعياً، «وهذا يقتــضي التفاهم وتقديم المصلــحة العامة على كل المصالح الضيــقة والخاصة».
وفيما أكدت المصادر اعادة طرح موضوع التعيينات في المجلس الأعلى للجمارك قريبا، اوضحت ان سحبه من جدول اعمال مجلس الوزراء، أمس الأول، حصل لكونه كان ناقصاً اذ كان التعيين سيشمل رئيس المجلس الاعلى (شيعي) مع عضوين (ماروني وسني)، من دون ان يشمل تعيين مدير عام الجمارك وهو مركز ماروني.
وقالت مصادر وزارية إن سحب هذا الموضوع من جدول أعمال مجلس الوزراء، مرده اعتراض بكركي على عدم شمول التعيين منصب مدير عام الجمارك.
واكدت المصادر لـ«السفير» ان اتمام هيئة ادارة قطاع البترول سيشكل اولوية استثنائية في الاسابيع المقبلة.
وعلم ان توافقاً حصل بين الرئيسين سليمان وميقاتي ووزير الطاقة جبران باسيل وباقي مكونات الأكثرية الحكومية على تسريعه عملية تعيين هيئة النفط للانتقال بعد ذلك الى اطلاق دورات التراخيص للشركات الراغبة في الاستثمار في هذا القطاع.
وقال الوزير باسيل لـ«السفير» لقد اعتمدنا الآلية بالنسبة الى الاسماء المطروحة للتعيين في الهيئة، أي اختيار ثلاثة اسماء لكل موقع (هناك حاليا 18 اسما مرشحا لستة مراكز)، ووصف الاسماء التي تم اختيارها بأنها «ممتازة»، وبأنها «تتمتع بكفاءات عالية»، وأشار الى أن المطلوب ان يتم التعيين في مجلس الوزراء في اسرع وقت ممكن.
وعلى صعيد ملف التشكيلات الديبلوماسية، قال وزير الخارجية عدنان منصور لـ«السفير»: «بعدما انجزنا الموازنة العامة، إن شاء الله التشكيلات الديبلوماسية على الطريق».
الجيش يبدأ انتشاره
وكان مجلس الوزراء قد عقد أمس، جلسة في السرايا الكبيرة، وصفها ميقاتي بأنها «هادئة ومنتجة» وناقشت جدول اعمال تميز بالموافقة على المرحلة الاولى من البرنامج الوطني لدعم الاسر الاكثر فقراً والمباشرة في التقديمات لـ13الفاً و929 اسرة تحت خط الفقر الادنى.
وتبلغ مجلس الوزراء أن وحدات الجيش اللبناني تواصل انتشارها في منطقة الحدود اللبنانية ـ السورية انفاذاً لقرار الحكومة الأخير من دون اية معوقات، واعرب مصدر عسكري عن ارتياحه لمسار المهمة التي تتم كما هو مرسوم لها، وسط ترحيب الأهالي ولا سيما في عكار، على ان يصدر الجيش في الساعات المقبلة بياناً تفصيلياً حول المهمة التي بدأ بتنفيذها على طول الحدود.

السابق
النهار: التصعيد السوري يُسابق خطة نشر الجيش سليمان في الأليزيه يحذر من تمدد الحريق
التالي
الشرُّ الكبير والوطن الصغير