الاخبار: الراعي يفاجئ 14 آذار

ثلاثة عناوين حضرت في «لقاء المكاشفة» الذي جمع البطريرك الماروني وموارنة «14 آذار»، استمع سيد بكركي إلى «الهواجس» وسط «دهشة الوفد لرحابة صدره»، بالرغم من الكلام الذي سمعه وفيه نقد مبطن حاد لمواقفه

تميز اللقاء الذي عقد امس في بكركي بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ووفد من موارنة قوى 14 آذار، ضم الرئيس أمين الجميل والنواب بطرس حرب، دوري شمعون وستريدا جعجع، والنواب السابقين نايلة معوض وفارس سعيد وكميل زيادة، «بصراحة وايجابية مطلقتين»، على حد قول مصادر الطرفين. والوفد كان قد ناقش مواضيع البحث في ظل رؤيتين كانتا تتنازعانه في الأيام التي سبقت تحديد موعد الاجتماع: إما رفع مذكرة الى الراعي عبر وسطاء، أو عقد لقاء أول لعرض الأفكار التي تقلق موارنة 14 آذار، والاتفاق على الخطوط العريضة، وفي ضوء اللقاء يجري إعداد مذكرة خطية ترفع اليه.
وبالفعل، اقترحت النائبة جعجع في ختام المناقشات على الراعي إعداد مذكرة تختصر كل الأفكار التي قيلت في الاجتماع، ورفعها اليه، فوافق الراعي على ذلك. وشددت مصادر المجتمعين على الأجواء الإيجابية التي سادت النقاشات، وكان الراعي في معظم الوقت مستمعاً اكثر منه متكلماً.

الطائف وسوريا والسلاح

ثلاثة عناوين أساسية تناولها المتحدثون، وهي النظرة الى الوضع السوري، واتفاق الطائف، وسلاح حزب الله. أبرز المتحدثين كان الجميل، الذي عبّر عن القلق من سلاح حزب الله، الذي لا يهدد السيادة فحسب، بل الوحدة الوطنية أيضاً. وقال الجميل للراعي: غبطتك ترفع شعار السيادة، وإذا لم تقرنه بحزب الله، فسيبقى منقوصاً. أما حرب، فانتقد دعوة الراعي الى عقد اجتماعي جديد، لافتاً إلى أن هذه الدعوة «استغلها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله للدعوة إلى ميثاق جديد. والدعوة الأخيرة تستهدف الطائف، وتحديداً، مبدأ المناصفة فيه».
جعجع أكدت على مسار علاقة القوات التاريخي ببكركي، مشددة على على دور الصرح بالنسبة الى جميع اللبنانيين، لا بالنسبة الى المسيحيين والموارنة فحسب. وأكدت على النظرة الى بكركي التي تقود الآخرين بمواقفها الوطنية، ولا تكون تابعة لأي فريق، بل محجة للجميع في لبنان، ولمسيحيي الشرق. وعرضت موقف القوات من الطائف وسلاح حزب الله والوضع في سوريا.
وتميزت مداخلة النائب السابق سعيد بتوجيه كلام مباشر وصريح الى الراعي، في عرض وجهة النظر من النظام السوري، وقال له: «بصراحة لم اكن انوي المجيء لعرض وجهة نظري لانها معروفة، لكن لدقة الظرف ولاننا نعتبرك مسؤولاً عنا وعن لبنان جئنا لعرض وجهة نظرنا». وتابع: «الأمر الأهم سيدنا أن ثمة حدثاً كبيراً يتمثل في انهيار قريب للنظام السوري. وبغض النظر عن القول ان الاعلام حوّر تصريحاتك، فهناك انطباع في العالم العربي عن ربط طائفتنا بالنظام السوري القاتل، وهو على قاب قوسين من انهياره. هذا الجو يجب ان يتبدد قبل مجيء البابا بنديكتوس السادس عشر، لأن على كلامه عن التطورات الآنية سيترتب وضع المسيحيين في الشرق لأعوام طويلة مقبلة. وحتى مجيء البابا، على الموارنة جميعهم تصحيح مواقفهم السياسية، حتى لا ترتبط صورتهم بصورة النظام القاتل، ويدفعوا ثمناً كالذي تدفعه بعض الطوائف التي ربطت مصيرها بمصير احزاب، كالطائفة الشيعية، التي تعيش في قلق حقيقي، بعدما بات قطع طريق الجية مخاطرة، وكذلك المرور في حلب، ولا تجدَّد اقامات أبنائها في الخليج، ويصلّت عليها سيف المحكمة الدولية من جهة، واسرائيل من جهة اخرى». واكد سعيد «ان الطائفة المارونية لا تتحمل ان يكون مصيرها على هذا النحو اذا استمر ربط مصيرها بمصير النظام السوري، والذين يوالونه». وقال سعيد إن على الراعي أن يتوقف عن متابعة قضايا قانون الانتخاب والحصة المسيحية في الإدارة وملف بيع الأراضي، «لتركز على بناء شبكة أمان تحمي كل اللبنانيين، ومن بينهم الشيعة». ثم تابع سعيد: «في كل المراحل التاريخية، ثمة طائفة لبنانية تخضع للمحاكمة. بعد حرب السنتين، حوكم السنّة، وبعد الطائف، حوكم المسيحيون، وبعد سقوط النظام السوري، أخشى محاكمة الشيعة». ثم ختم كلامه بالقول: «إذا كانت الطائفة الشيعية بخطر، فسأدافع عنها».
ورد الراعي مؤكداً أن بكركي تنسق مواقفها على نحو شبه يومي مع الفاتيكان، لافتاً إلى أن البابا سيقدم في زيارته المقبلة إلى لبنان نظرة شاملة للمشرق كله، لا للمسيحيين وحسب. وأكّد الراعي تمسكه بمتابعة الملفات التي تخص وضع المسيحيين في لبنان، ووضعهم في الإدارة وقانون الانتخاب وقضية بيع الأراضي، لما لهذه الملفات من ارتباط بالوجود المسيحي. وذكّر الراعي زواره بالمواقف التي أدلى بها بعد زيارته الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، والتي «جرى تحويرها»، مؤكداً أن الموقف مما يجري في سوريا يستند إلى النأي بالنفس والتوازن في الموقف، وإلى الخشية من انعكاسه على لبنان من زواية انتقال الأزمة إلى لبنان على شكل فتنة مذهبية، فضلاً عن احتمالات التقسيم.

مواقف

ورأى الجميل الذي غادر بكركي لارتباطه باجتماع تحضيري لطاولة الحوار الاثنين المقبل، «أن سوء التفاهم مع بكركي غيمة صيف انجلت»، مشيراً إلى أن «ما سمعوه من غبطة البطريرك واقعي، ويمكن التأسيس عليه».
وبعد انتهاء الاجتماع، رأى حرب أن «اللقاء أكد أن بكركي هي لكل المسيحيين والموارنة»، فيما وصفت جعجع، التي فوجئت «بحفاوة استقبال البطريرك لنا (…) ورحابة صدره»، اللقاء بأنه تاريخي.

غداء بكفيا

وتحضيراً لجولة الحوار الثانية، التقى الى مائدة غداء في دارة الرئيس الجميل في بكفيا، كل من الرئيس فؤاد السنيورة، نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، والنواب: حرب، شمعون، جورج عدوان، ميشال فرعون، روبير غانم وسامي الجميل، وعميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس اده. وقالت مصادر المجتمعين لـ «الأخبار» إن اللقاء كان يهدف الى تنسيق المواقف عشية جلسة الحوار المقررة الاثنين في القصر الجمهوري، وكانت وجهات النظر متطابقة بين الجميل والسنيورة. وشدد الجميل على نقطتين أساسيتين في الشكل: أولاً، ضرورة عدم الذهاب الى الحوار ونعيه في الوقت نفسه، لأن النعي يرتد علينا. النقطة الثانية، ضرورة الاتفاق على بحث موضوع سلاح حزب الله من خلال الاستراتيجية الدفاعية، والبحث في السلاح المستجد من خلال وضع آلية تنفيذية، وتكليف الجيش تنفيذها. أما بالنسبة الى السلاح الفلسطيني، فيجب ألا يطرح مطلقاً، إنما يجب تنفيذ ما اتفق عليه في كل جلسات الحوار السابقة. وطرح الجميل ايضاً ضرورة تفعيل قوى 14 آذار وتزخيم عملها، ولا سيما في السنة الانتخابية، والبحث في موضوع المجلس الوطني وتنظيم الأمانة العامة.
وأبدى السنيورة تجاوبه مع الجميل بضرورة تنسيق المواقف عشية الحوار، مع العلم أنهما سبق أن التقيا رئيس الجمهورية ميشال سليمان في إطار لقاءاته الإفرادية مع المشاركين في طاولة الحوار. وفي هذا السياق، أشار مصدر في «قوى الثامن من آذار» لـ«الأخبار» إلى أن الحوار سيركز على ما هو ملح، لا ما هو مهم، أي «توفير الاستقرار في البلد وفق الحد الأدنى».  

السابق
الأسير يتحدى بري ونصر الله
التالي
الجلسة الـ 12: استحالتا حزب الله وتيّار المستقبل