استعادة روسية لتجربة سوريا مع لبنان

دأب المسؤولون الروس في الاسابيع الاخيرة على تكرار مقولة ان الامر في سوريا منوط بتوافق السوريين انفسهم على ما يريدون. وقالت موسكو قبل ايام انها ستدعم "بسرور تنحي الرئيس السوري بشار الاسد اذا توافق السوريون على هذا الامر". وهذه العبارة المكررة عن ضرورة توافق السوريين على ما يريدونه للمستقبل اعادت الى اذهان مراقبين سياسيين لبنانيين العبارة الشهيرة التي كانت تكررها القيادة السورية القديمة والحديثة على حد سواء في شأن لبنان . اذ كانت لدى مراجعتها في اي امر يتصل بتهدئة الوضع في لبنان او معالجة مسائل صعبة فيه، تردّد على مسامع الساعين لديها من اجل ممارسة نفوذها لتهدئة الاوضاع او السير بلبنان الى غير ما يغرق فيه ان الأمر منوط باتفاق اللبنانيين انفسهم، فهذه العبارة الحق كان يراد بها باطل باعتبار ان سوريا يومها وهي في عزّ نفوذها وتأثيرها على مجموعات لبنانية مختلفة، كانت تملك مفتاح حمل هذه المجموعات على القبول بصيغ تسووية، لكنها كانت تتذرع دوما بان الامر رهن توافق اللبنانيين. وسرت هذه المقولة على نطاق واسع، حتى ان المجتمع الدولي تبناها لمدة طويلة، متجاهلا عمدا ولاعتبارات مختلفة أن هذا العجز عن الاتفاق مرده الى التأثير الخارجي أكثر من الاعتبارات الداخلية. وكان آخر ما استخدمته سوريا في هذا الاطار أن انسحاب قواتها الى البقاع بموجب اتفاق الطائف يحتاج الى توافق اللبنانيين أنفسهم، في حين كانت غالبية السلطة اللبنانية تعاني تأثير النفوذ السوري وعاجزة عن التقدم بهذا الطلب، او ان حلفاء لسوريا كانوا يعلنون بين وقت وآخر رفضهم لذلك، مما كان يعني عدم توافق اللبنانيين.

وتستعير روسيا راهنا هذه العبارة حول ضرورة اتفاق السوريين على ما يريدونه، شرطاً للقبول بأي صيغة حل، وهو السيناريو نفسه الذي استخدمته سوريا مع لبنان طوال ايام الحرب وما بعدها ايضا في موازاة دعمها لاطراف او افرقاء في مواجهة أفرقاء آخرين، يوم كانت سوريا طرفا في ما يجري كما هي روسيا اليوم مع طرف في مواجهة المعارضة السورية. وترفع موسكو هذه الحجة في وجه الغرب عن ضرورة توافق السوريين. اذ انها تدرك عجز المعارضة السورية عن التوافق لاعتبارات متعددة لا مجال للخوض فيها في هذا السياق لكن السؤال هو عن كيفية تأمين الاتفاق بين النظام والمعارضة او بين مؤيدي هذا أو مؤيدي اولئك في هذه المرحلة تحديدا، حيث باتت الدماء تقف حاجزا قويا يمنع إمكان التوافق حتى لو ان هناك ارادة لذلك. فهذا الامرالذي تكرره روسيا في الاونة الاخيرة هو بمثابة شرط تعجيزي في هذه الظروف، أقله بمثابة اضاعة للوقت في انتظار توافر شروط التسوية بالنسبة الى روسيا او حصول أمر ما يفرض قسرا الاسراع في التسوية أو ايجاد الحلول.   

السابق
جدار المطلة يكتمل.. ومناورة في المزارع
التالي
التنسيق الأمني