الكتائب: مشاركة المستقبل أو لا مشاركة

حدد رئيس الجمهورية ميشال سليمان 11 حزيران المقبل، موعداً "ثابتاً" لطاولة الحوار الوطني، بمعزل عن مواقف القوى المعنية المفترض بها أن تضع خلافاتها على المائدة البيضاوية الرئاسية، لا سيما أن "قوى 14 آذار"، أحد "الأجنحة" الأساسية للحوار المرتقب، لا تزال تتأرجح في ردّة فعلها بين السير بالحوار، ورفضه تحت عنوان ربطه بالحكومة الحيادية أو بمطلب نزع السلاح.
من تلك النافذة، يحاول رئيس "الكتائب" أمين الجميل التسلل من أجل تكريس مزيد من التمايز "المضبوط" عن حلفائه، من دون أن يؤدي هذا التمايز إلى الخروج من تحت مظلة التفاهم الذي صار عمره أكثر من سبع سنوات. لم تكتف "الكتائب" بتسجيل مقاربتها المختلفة من أحداث الشمال، من باب رفض "التطاول" على المؤسسة العسكرية، لتضيفه إلى رصيد متراكم من التباينات ـ التمايزات عن "رفاقها"، بل زادت عليه تغريدها خارج السرب الآذاري بالتصفيق لقرار رئيس الجمهورية ببعث الحياة في الطاولة الحوارية.

في المبدأ، تؤيد "الكتائب" فكرة جلوس المتخاصمين الى طاولة مشتركة، ولو كانت وظيفتها شكلية فقط، أو عاجزة عن اجتراح الحلول للأزمات المتراكمة. فالجميع يدرك أن النقاش في حضرة رئيس الجمهورية، قد لا يقدّم أو يؤخر، لكنه، وفق مؤيدي الحوار في "الصيفي"، "يساهم في سحب فتيل التشنج وإرخاء جو من الهدوء".
بالأمس، قصد الجميل بعبدا، وأبلغ رئيس الجمهورية موافقة "الكتائب" على الاختراق الحواري الذي تريد الرئاسة الأولى تسجيله في ملعب ضبط التوتر الأمني الحاصل في الآونة الأخيرة. تداول الرجلان في كل السيناريوهات: إمكان موافقة حلفاء "الكتائب" واحتمال تمسكهم برفض الفكرة مهما بلغت حدّة الانقسام في الشارع.
في اجتماع قيادات "14 آذار" يوم الخميس الماضي، كانت "الكتائب" صريحة في التوجّه الى حلفائها مؤكدة انه "إذا صدرت الدعوة الى الحوار عن الحكومة، فمن الطبيعي عدم تلبيتها، لكن بما أنها مبادرة صادرة عن رئاسة الجمهورية، فلا يجوز أن نسجل على أنفسنا خطأ البقاء خارج السرب الحواري".

يراهن الجميل وفق أوساطه، على اتصالات الساعات المقبلة التي سيقودها مع "رفاقه الآذاريين"، لا سيما مع "الزرق" منهم، لحضّهم على تذليل العقبات التي تحول دون تلبيتهم الدعوة في 11 حزيران المقبل. بتقديره أن "تيار المستقبل" هو المعني بالدرجة الأولى في الدعوة الرئاسية، لا سيما أنه "الوجه الآخر" للتشنج الحاصل في البلاد، ولا مجال لإرساء بعض "الهدنة" من دون مشاركته. إذ ان انكفاءه عن الجلوس الى الطاولة الحوارية سيحول الجلسة إلى "حفلة مونولوغ" من لحن واحد، لا طعم لها ولا لون.
وتضيف الأوساط الكتائبية أن اتصالات الجميل ستتركز مع الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري، لإنضاج الاجتماع الطارئ الذي ستعقده قيادات المعارضة خلال الساعات المقبلة، لإقناع "الرفاق" بجدوى المشاركة وأخذ موافقتهم وإيداعها الرئاسة الأولى لعل الطاولة الحوارية تأتي بفائدة تذكر، كما تقول الأوساط الكتائبية.
ماذا لو أصر هؤلاء على رفض طلب رئيس الجمهورية؟

كل الاحتمالات واردة بالنسبة لحزب "الكتائب". لكن الليونة التي طرأت على خطاب "المستقبل" كما على خطاب "معراب" ("القوات")، من شأنها أن تنعش آمال بكفيا ببلوغ مسعاها داخل البيت المعارض خواتيمه الحوارية السعيدة.
تشير الاوساط الكتائبية الى "ان بيان 14 آذار الاخير جاء في إطار تمني قيام حكومة إنقاذية تسبق انعقاد طاولة الحوار وليس في إطار الشروط المسبقة".
هذا كله لن يغيّر موقف "الكتائب" المبدئي: لا حاجة للعودة مجدداً إلى بعبدا إذا أصر الحلفاء على موقفهم الاعتراضي، لا سيما أنه لا جدوى من جلوسها "منفردة" على الطاولة الحوارية.

السابق
سيرا: ملتزمون وقف الأعمال العدائية
التالي
مراهق يحل لغزا عمره 350 عاما