الشرق الأوسط: لبنان يهتز أمنيا.. والسفارات تحذر مواطنيها السفير السعودي : القرار بشأن الرعايا يتحدد في ضوء الوقائع الميدانية

دخل لبنان مجددا أمس على خط الاهتزاز الأمني والسياسي مع الأحداث الأمنية المتنقلة التي أعادت إلى الأذهان وقائع "الحروب الصغيرة" التي تم خوضها في شوارع بيروت والمناطق في عام 2008 وانتهت بعملية "7 أيار" الشهيرة التي نفذها "حزب الله" والمتحالفون معه ضد فريق الموالاة آنذاك.

وعاش اللبنانيون أمس هزات أمنية ارتدادية ناجمة عن الاحتقان الذي تولد في الشارع بعد مقتل الشيخين أحمد عبد الواحد ومحمد حسين المرعب على حاجز للجيش اللبناني، حيث لعب المحتجون لعبة "القط والفأر" مع القوى الأمنية بإقفال الطرق الدولية والرئيسية في أكثر من منطقة، خصوصا في الشمال والبقاع وطريق بيروت – الجنوب وبعض طرق العاصمة، مما انعكس على الحياة اليومية في بيروت التي شهدت أمس حركة خجولة وسط إقفال للمدارس وبعض المؤسسات الخاصة.
وما زاد الأمور قلقا هو استمرار التحذيرات العربية – والأجنبية من هشاشة الوضع الأمني، الذي تمثل أمس بانضمام الكويت إلى قائمة الدول التي دعت رعاياها إلى مغادرة لبنان وعدم التوجه إليه، فيما نصحت السفارة الأميركية لدى لبنان بوجوب تجنب مناطق الاحتجاجات والمناطق التي يتم الإبلاغ عن حصول احتجاجات فيها أو التي تشهد إغلاق طرقات. وذكرت السفارة مواطنيها بقرار الخارجية الأميركية بتحذير السفر إلى لبنان وتوخي الحذر واتخاذ التدابير المناسبة لضمان سلامتهم وأمنهم والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه إلى السفارات.

وفي الإطار عينه سجلت حركة لافتة للسفير السعودي في بيروت على العسيري، الذي زار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير السياحة فادي عبود، كما سيزور اليوم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان للاطمئنان إلى "سلامة المواطنين السعوديين الراغبين بالقدوم إلى لبنان". وأكد السفير عسيري أن أي قرار سعودي بشأن السفر إلى لبنان لم يتخذ بعد، قائلا لـ"الشرق الأوسط" إن "المملكة تراقب الوضع بدقة واهتمام بالغين وستتخذ القرار المناسب في ضوء التطورات الميدانية"، مشددا على أن المملكة تريد أن ترى لبنان آمنا ومستقرا، وتريد للبنانيين الوحدة والتفاهم ووضع الخلافات في بينهم في مرتبة أدنى من مصلحة وطنهم التي يجب أن تكون فوق كل اعتبار. ونقل عسيري عن رئيس الحكومة اللبنانية تأكيده على أن الوضع في لبنان جيد عموما رغم بعض الأحداث المعزولة، مشددا على أن الحكومة اللبنانية سوف تبذل ما في وسعها للتأكد من سلامة الزوار السعوديين في بلدهم الثاني لبنان.
إلى ذلك عقد نواب بيروت اجتماعا استثنائيا في "بيت الوسط"، بدأ بكلمة وجّهها الرئيس سعد الحريري إلى زملائه نواب بيروت عبر "سكايب"، اعتبر فيها أن "ما جرى في العاصمة كما في طرابلس وفي عكار هو محاولة لجرّ لبنان إلى مشكلة مستوردة من وراء الحدود"، مضيفا: "مواجهة هذه المحاولة تقتضي منا جميعا الصلابة سياسيا والحكمة ميدانيا". وتابع الحريري: "إن بيروت عزيزة على قلوبنا جميعا، كما كانت عزيزة على قلب الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهذه عاصمتنا، ومدينتنا، وقد دفعت أثمانا غالية، تفترض منا البقاء صفا واحدا ويدا واحدة للدفاع عن أهلنا ومواجهة مخطط جرهم إلى الفتنة على يد مرتزقة النظام السوري"، وأضاف: "إن موقفنا كان منذ البداية واضحا وصريحا مما يجري في سوريا، وها هو نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد يحاول نقل الشرارات الأمنية من منطقة إلى أخرى في لبنان، والمسؤولية الثقيلة ملقاة على عاتقنا وعاتق أهل بيروت للتصرف بهدوء ومسؤولية لإفشال هذا المخطط الخبيث، وهو سيفشل بإذن الله".

وإثر اللقاء، استنكر نواب بيروت "بشدة ما تعرضت له بعض مناطق العاصمة وتحديدا منطقة الطريق الجديدة من أعمال عسكريّة من قبل أشخاص مرتبطين بأجهزة النظام السوري وحلفائه في لبنان، لتعريض أمن العاصمة للخطر مرة أخرى، وترويع أهلها بإطلاق النار من مختلف أنواع الأسلحة، في إطار مخطط مكشوف لنقل أزمة النظام من سوريا إلى طرابلس والشمال ثم إلى العاصمة بيروت، وذلك بعد صدور أمر العمليات في الرسالة التي تقدم بها سفير النظام السوري إلى الأمم المتحدة (بشار الجعفري) والتي اتهم فيها المملكة العربية السعوديّة ودولة قطر وتيار (المستقبل) باحتضان الإرهاب وهي اتهامات مفبركة جملة وتفصيلا".

كما حمّل نواب بيروت "حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المسؤولية الكاملة عن كل ما تعرضت له بعض مناطق العاصمة وتحديدا في منطقة الطريق الجديدة، من محاولات لإشعال الفتنة والإخلال بالوضع الأمني، وكل ما حصل من قبل في طرابلس وعكار"، لافتين إلى أنّ الحكومة "غابت تماما عن القيام بمسؤولياتها الحكومية، سواء بشأن الرد على ما ورد في رسالة سفير النظام السوري لدى الأمم المتحدة من اتهامات باطلة للبنان والعرب، أو حتى الاجتماع لمواجهة الفتنة المتنقلة بين المناطق اللبنانية وآخرها وليس أخيرها بيروت، وفي الوقت نفسه تغطي تحركات الجهات الميليشيويّة التابعة لأجهزة المخابرات السورية وتوابعها، لإعادة تأجيج الاقتتال الداخلي وإشعال الفتنة المذهبية، خدمة للنظام السوري وسعيا لتخفيف ضغوط انتفاضة الشعب السوري عنه، وفتح باب الابتزاز العربي والدولي أمامه".

وطالب نواب بيروت "باستقالة رئيس الحكومة التي زعم أنّها حكومة الاستقرار، فإذا بها تتحوّل إلى حكومة تسهيل عودة الحرب الأهلية إلى لبنان، بعيدا عن الحفاظ على أمن المواطنين وسلمهم الأهلي، بعدما أمعنت في ضرب معيشتهم وعلاقاتهم العربيّة الحيويّة". وناشدوا "أهلهم في كافة أنحاء العاصمة وكل لبنان التحلي بضبط النفس والوعي تجاه ما يحاك لمدينتهم وللوطن ككل من مؤامرات ومحاولات مشبوهة لإشعال نار الاقتتال الداخلي وعدم الانجرار لأي استفزازات تحت أي شعار كان، حفاظًا على وحدة وأمن واستقرار بيروت التي كانت وستبقى على الدوام مثالا للعيش الواحد بين كل اللبنانيين".

السابق
الأنوار: عكار تشيع شهيديها… ولقاء دار الفتوى يرفض الاتهامات السورية
التالي
الحياة: دعوات لاستقالة الحكومة ودار الفتوى تطالب باحالة الجريمة على المجلس العدلي لمحاسبة العسكريين