خارج السياق

وضع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في لقائه امس، مع الصحافيين والاعلاميين المعتمدين حداً للسجال الدائر منذ فترة حول المادة 58 من الدستور والمتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية في اصدار اي مشروع قانون معجل بمرسوم بعد مرور اربعين يوماً على ادراجه على جدول اعمال جلسة تشريعية يعقدها المجلس النيابي، والمقصود بذلك مشروع القانون المعجل والمتعلق بالاجازة للحكومة الانفاق من خارج موازنة العام 2011، بمبلغ مقداره 8900 مليار ليرة لبنانية.

ورد الرئيس سليمان على منتقديه من رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون الى حليفه حزب الله وباقي الحلفاء في قوى الثامن من آذار ومتهميه بالانحياز الى قوى الرابع عشر من آذار من موقعة التوافقي بأنه في امتناعه عن التوقيع على مرسوم بإصدار مشروع القانون لم يكن منحازاً الى قوى الرابع عشر من آذار ولم يكن يستهدف احد من الفرقاء السياسيين بقدر ما كان يعبر عن قناعاته الذاتية، ويؤكد على التزامه الدستور والقوانين اللبنانية، وعدم تجاوزها او السماح بتجاوزها لأي فريق او طرف كان، فهو كان ولا يزال على مسافة واحدة من الجميع ويمارس دوره وصلاحياته حسب قناعاته ووفق ما ينص عليه الدستور اللبناني المؤتمن الوحيد من موقعه كرئيس للجمهورية على تطبيق الدستور واحترامه، وما فعله في موضوع الـ8900 مليار يندرج في هذا السياق، ويتطابق مع الدستور نصاً وروحاً.
لا يستطيع احد حتى اولئك الذين يضغطون لشرعنة الانفاق من خارج الموازنة عن العام 2011، وفي مقدمهم العماد ميشال عون ان يجادلوا رئيس الجمهورية في منطقه الدستوري والقانوني ومع ذلك ما زالوا يصعدون الحملة في وجهه اعتقاداً منهم انه سيرضخ للإبتزاز ويوقع على المرسوم المقترح من جانبهم، والارجح ان الهدف من استمرار حملة العماد عون على رئيس الجمهورية تتجاوز مسألة الانفاق من خارج الموازنة الى اضعاف رئيس الجمهورية والبلاد اصبحت على مسافة ليست ببعيدة عن الانتخابات النيابية لان العماد عون يخشى من ان يكون الرئيس سليمان يحضر نفسه لخوض هذه الانتخابات لتكوين كتلة نيابية في مناطق نفوذ رئيس تكتل التغيير والاصلاح، ما من شأنه ان يعدل في اللعبة السياسية وفي موازين القوى الامر الذي لا يقبل به جنرال الرابية ويعتبره تعدياً على مملكته او على ممتلكاته الخاصة.

اثبت الرئيس سليمان في الكلام الذي اطلقه امس خلال استقباله صحافيي واعلاميي القصر الجمهوري انه رئيس توافقي بالممارسة وليس بالكلام وحده، وانه يعمل بقناعاته وبما يراه في مصلحة البلاد والعباد، بمعزل عن مواقف الاطراف السياسيين، وعلاقته الشخصية بهم، ورأيه في السياسات التي يعتمدونها.

فبعد كلام رئيس الجمهورية المستند الى القانون والدستور والى الخبراء القانونيين والدستوريين والى الاجتهاد لم يكن ثمة اية جدوى من مواقف البعض الاعتراضية او الافترائية ما جعل كل كلام في هذا الموضوع خارج سياقه.

السابق
ضمانة المؤسسات
التالي
هل الحمار غبي؟!