جنبلاط لفيلتمان: أين تُصرف وعودكم؟

لفتَ المراقبين السياسيين تدشين مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان زيارته بيروت، بلقاء النائب وليد جنبلاط إلى جملة اعتبارات، أهمّها: الصداقة المتينة التي تجمع الطرفين.

وهناك معلومات بالغة الأهمية تشير إلى أن فيلتمان وَضعَ خارطة طريق لصديقه الزعيم الدرزي ناصحاً إيّاه بسلوكها، خصوصاً أن رئيس "جبهة النضال" سبق ومازح فيلتمان سائلاً إيّاه عمّا كانت وعدته به إدارة بلاده، وتحديداً حول النظام السوري، من دون أن يلمس شيئاً، ليصِل الأمر إلى وعد بحضّ النظام السوري لتغيير سلوكه، ليقول جنبلاط متهكّماً: أين يُصرف هذا الكلام؟

وتشير المعلومات إلى تمنيات عبّر عنها فيلتمان لـ جنبلاط بالتحالف مع قوى 14 آذار في الاستحقاق الانتخابي النيابي المقبل، وتفهّمه لخصوصيته الدرزية في العلاقة مع "حزب الله". وثمّة أجواء أيضاً عن دور لـ جنبلاط في الأيام المقبلة يترابط مع مواقف سياسية ستكشف وجهته السياسية القادمة، والتي بحسب المطلعين، ستصبّ في سياق 14 آذار من دون أن يكون جنبلاط ملزماً تنظيمياً بهذا الفريق، بل في سياق التحالف الانتخابي والقرارات الحاسمة، وتحديداً ان زعيم المختارة لن يغطي أي مشروع سياسي أو خطة ما للعماد ميشال عون، وهذا ما ظهر في دفاع وزرائه عن الرئيس ميشال سليمان بعد الهجوم العوني عليه.
من هذا المنطلق، فإن الزيارة الأولى لـ فيلتمان إلى كليمنصو ليست بالعابرة والعادية، خصوصاً أنّ "أبا تيمور" وضع صديقه فيلتمان في كل ما لديه من هواجس، إلى رؤيته حيال العديد من الملفات المحلية والإقليمية. ومن الطبيعي هنا أن فيلتمان، وبعدما قال ما لديه لجنبلاط واستمع الى نظرته لمسار الأوضاع، فإنه في اللقاء الموسّع مع قوى 14 آذار سيكوّن الفكرة الحاسمة، على أن يُبنى على الشيء مقتضاه لاحقاً، وتحديداً في كيفية تموضع رئيس الاشتراكي في المرحلة المقبلة.

على صعيد آخر، تسير العلاقة بين الحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية بخطى ثابتة، وثمّة أجواء ومؤشّرات صبّت في سياق التقارب بين الطرفين، وتتحدّث معلومات عن لقاء قريب قد يُعقد بين قيادتي الاشتراكي والقوات، ومن غير المستبعد أن يكون جنبلاط في معراب لتهنئة "الحكيم" بالسلامة من محاولة الاغتيال التي تعرّض لها، مع الإشارة إلى انه كان اتصل به هاتفياً. وهنا، وفي إطار الودّ المتبادل بين الاشتراكيين والقواتيين، والذي تجلّى في لقاء معراب الأوّل لتكريم رؤساء بلديات بعبدا ومخاتيرها، حيث أطلق جعجع عبارته الشهيرة: "إنّ معراب هي المختارة، والمختارة هي معراب"، فإنّ ذروة التقارب كانت في لقاء "معراب 2" لبلديات عاليه ومخاتيرها، ومعظمهم من الطائفة الدرزية والحزب التقدمي الاشتراكي تحديداً، والبعض من المقرّبين جداً من الزعيم الدرزي، ولا سيما مسؤول أمنه الخاص السابق رئيس بلدية عين عنوب جمال عمّار الملقّب بـ"أبي عمّار". واللافت في هذا اللقاء الصورة التي رُفعت في صدر القاعة، والتي ضمّت البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير وجنبلاط، في حين جاءت المشاركة القوّاتية بارزة في تشييع المرجع الروحي الدرزي الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين، وحيث سبق لجعجع أن التقاه يوم زار الشوف والمختارة، وتأثّر يومها بهذا اللقاء، وكانت برقيته للتعزية بالمرجع الراحل مؤثّرة، وهنا تركت المشاركة القواتية أثراً إيجابياً، خصوصاً أنها حظيت باستقبال لافت للنائب ستريدا جعجع وأعضاء الكتلة القواتية، بينما اقتصرت المشاركة العونية على مستوى منسّق الشوف في "التيار العوني"، الأمر الذي يدلّ على حالة الجفاء المسيطر ما بين الاشتراكي والتيار العوني وغياب أي تواصل بينهما.

من هنا، وفي ظل هذه العناوين والمؤشّرات، فإن مستوى التمثيل بين الفريقين سيأخذ في الأيام المقبلة منحىً أكثر حماوة في السياق الإيجابي، وهذا سينسحب على الاستحقاق الانتخابي، وسط معلومات عن حسم جنبلاط لخياره بالتحالف مع القوات في الشوف، وربما في مناطق أخرى، وإن كان ذلك من المبكر الخوض فيه، إلّا أن الأجواء المتوافرة من المحيطين بجنبلاط تشير إلى ارتياح جنبلاطي لمواقف جعجع وأدائه السياسي، وبالتالي فإنّ ذلك سيكون ضمن السلّة الواحدة، في ضوء إعادة صياغة زعيم المختارة لمواقفه السياسية بعد زيارته السعودية، بمعنى أن ثمّة تموضعا جديدا، وأقله أن العلاقة الاشتراكية ـ القواتية تأخذ بعداً جماهيرياً لافتاً تظهّر في الحضور الجنبلاطي في معراب، إلى كل ما واكب الكلمات التي ألقيَت، والتي صبّت في سياق التحالف بينهما.

السابق
فيلتمان: عزل حزب اللّه
التالي
تزامن زيارة الاميركي والايراني.. تربك الحكومة اللبنانية