ضغوط للفلفة قضيّة الباخرة

ترى أوساط ديبلوماسية أنّ احتجاز الجيش اللبناني لباخرة الأسلحة «لطف الله 2» والمتوجّهة إلى سوريا سيشكّل نقطة تحوّل بارزة في مسار الأزمة السوريّة، وتحديداً في مسار مهمّة المبعوث الأُممي كوفي أنان.

وعلى الرغم من تكتّم السلطات المعنيّة على حجم الأسلحة المهرّبة، ورغبتها في استكمال التحقيقات، فإنّ الباخرة نفسها بمستوعباتها وخطّ سيرها ووجهتها تُشكّل خرقاً كبيراً لخطّة أنان ذات البنود الستّة، كذلك تُشكّل إدانة لكلّ الجهات التي ساهمت في تمويل هذه الباخرة وتجهيزها وتسهيل مرورها.

وتردّد أوساط سياسية أنّ ضغوطاً غربية كبيرة تمارَس على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي من أجل "لفلفة" قضيّة الباخرة وعدم تسليم محضر احتجازها إلى بعثة أنان، لا بل إنّ بعض هذه الأوساط يعتقد أنّ اتّصال وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أمس برئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وإغداق المديح على مواقفه وخطابه في قمّة بغداد، إنّما يهدف إلى تليين موقف الحكومة الذي بدا متشدّداً إزاء باخرة الأسلحة المضبوطة.

ولا يستبعد بعض السياسيّين أن تحتلّ قضيّة الباخرة البند الاوّل في جدول اعمال زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان لبيروت، "خصوصاً أنّ كشف أمر هذه الباخرة قد كشف في الوقت نفسه الموقف الرسمي الاميركي الذي يُصرّ على أنّ دمشق ستُحبط مهمّة أنان، فيما هذه الباخرة والهجوم البحريّ لمسلّحي المعارضة على اللاذقية وتفجيرات دمشق وبانياس وإدلب تكشف من هو الراغب فعلاً في إحباط مهمّة أنان"، على حدّ تعبير هؤلاء السياسيّين.

وقد لاحظ كثيرون أنّ نبرة القيادة الروسيّة قد علت في الآونة الأخيرة وبلغت حدّ دعوة الحكومة السوريّة إلى "الحزم مع الإرهابيّين"، فبدا المشهد الدولي بأسره كأنّه يتغيّر، ولم يعد التركيز فقط على "نظام يقتل شعبه"، بل بات الحديث عن "مجموعات مسلّحة تنفّذ عمليّات تفجير وقتل على نطاق واسع"، وما كان ممكناً لموسكو أن تدعو إلى الحزم ضدّ مسلّحي المعارضة لولا شعورها بأنّ الرأي العام الدولي بات مقتنعاً بوجهة نظرها التي قد تنتقل الى درجة أعلى فتطالب بمساءلة كلّ الجهات والدول التي تدعم المسلّحين "في اعتبارها تنتهك خطّة أنان وقرارات مجلس الأمن".

ويفسّر سياسيّون مراقبون عمليّات التفجير المتزايدة، سواء الإجرامية منها أو حتى الصوتية، وتصاعد عمليّات الاغتيال بأنّها "تُعبّر عن ضعف بدأ المسلّحون وداعموهم يشكون منه، أكثر ممّا تُعبّر عن مظاهر قوّة". وفي رأي هؤلاء السياسيّين أنّ "اللجوء إلى مثل هذه العمليّات هدفه الوحيد إظهار السلطة أنّها عاجزة عن ضبط الأمن، فيما نتيجتها الحقيقية هي إرباك الجهات والدول المناهضة للنظام السوري والتي باتت عاجزة عن الدفاع عن معارضة تمارس قتلاً كانت تتّهم النظام بممارسته، خصوصاً أنّ بين هؤلاء المسلّحين من تحمل عمليّاته بصمات "القاعدة" وإقرارها الصريح عبر بيانات "جبهة النصرة" التي تتبنّى هذه التفجيرات وتدحض ادّعاءات المعارضة بأنّ النظام يقف وراءها".

وإذ يسأل السياسيّون أنفسهم "هل الأزمة السورية أمام تحوّل جديد في مسارها، بحيث ينتقل الموقف الرسمي السوري من مواقف الدفاع عن النفس في وجه اتّهامات الآخرين الى موقف الهجوم الذي يضع الآخرين في موقع الدفاع عن الاتّهامات الموجّهة اليه؟

يبقى للباخرة "لطف الله 2" أيضاً حديث آخر في تداعياتها على المستوى اللبناني، ولعلّ في تصريح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأنّه "لا يجوز أن يستمرّ التعاطي مع قضية النازحين السوريّين على حساب الأمن في لبنان تحت عنوان حقوق الانسان، فأمن لبنان وسيادته هما أولويتان لا يمكننا التنازل عنهما"، ما يؤشّر إلى التعامل اللبناني ـ اللبناني إزاء هذه المسألة.

السابق
تطيير الانتخابات يبدأ بعد شهر 
التالي
خدعة العيد