هل يتعلم السوريون من حروب اللبنانيين؟

سيزيف السوري… من لبنان

إذا فشل كوفي أنان، وقد يفشل، فأي سوريا بعد ذلك؟ هل ستتشبه بغيرها، أم ستكون «لا شبيه لها»؟
فاتها ان تتشبه بتونس. تلك ثورة اقتدت بها مصر. سوريا من مدار آخر، الخطر فيها وعليها لا قياس له.. هل ستكون ليبيا أخرى؟ انها كذلك مع وقف التنفيذ، «الناتو» المرغوب به من أطراف في المعارضة، ممنوع حتى الآن. هل ستكون شبيها باليمن؟ ورقة الجامعة العربية، أو نسخة «دول الخليج» المعدلة، اختنقت بحبر ونفط من أملاها، لا حياة لها، ولو عمدت بالدعم الدولي الهش.

إذاً، كيف ستكون سوريا غداً؟ سيكون فيها ما يشبه الجزائر، عندما غرقت في دمها، أو ما يشبه العراق بعد «تحريره» قتلاً وتدميراً، أو ما يشبه الصومال، بعدما تبعثر، أو ما يشبه لبنان، عندما انفق خمسة عشر عاماً من القتال الأهلي، فحصد الإعاقة الدائمة والحرية المريضة، ولا تسأل عن الدول الأخرى، حيث دماؤها لغتها.

فات سوريا ان تنتقل من الاستبداد والتسلط، إلى الديموقراطية والحرية. وسيرورتها لا تشي باقتراب الحل. انها في دوامة الاخطار، والقادم منها، اشد فتكا مما عرفته حتى قدوم كوفي أنان. وقد يكون النموذج اللبناني، في وجوهه الكارثية، مرآة قادمة، ترى فيه القوى السورية، انها انزلقت إلى.. سيزيف اللبناني.

احدى علامات الهاوية، ان لا بارقة أمل بعد. سوريا تنفق من دم ابنائها، ولا حصاد غير المزيد من الجثث.. النظام القوي بعصبه الأمني، واحتضانه الأهلي والمذهبي، وشبكة أمان دولية وإقليمية (روسيا، الصين، إيران) لا يزال في النفق ولمّا يخرج بعد.. الثورة بدلت لباسها، والثياب المرقطة لم تحم جسد الحراك السلمي.. الطرفان، منذ عام، يراوحان بين مستحيلين: استحالة القضاء على الثورة، واستحالة إسقاط السلطة والنظام. ويزاد أيضاً، النظام فشل في تأمين خلاصه، وما نجح في ترميم ما تبقى منه، بعملية «إصلاح» فات زمنها، ولا صلاح فيها من دون مشاركة المعارضة. والمعارضة فشلت في توحدها، وفي منع التسلح والعسكرة، وفي النأي عن المطامع الدولية، وقد تفشل في منع الانزلاق إلى حروب أهلية مدمرة.
أمام المستحيلين، حسم النظام وحسم المعارضة، تراوح سوريا في العجز. الجامعة العربية تستبسل حبراً ومالاً وطوافاً.. وانتقاماً. مجلس الأمن يقترف الانحياز ويواجه بانحياز مضاد. أوروبا تداوي عجزها برفع الصوت والنأي عن الفعل، تركيا على قاب قوسين من أوروبا، تحكي ولا تفعل، فيما الطرف السوري مطمئن إلى صحة الموقف الإيراني ورسوخه، وحماية الروسي لتخومه الاستراتيجية. وسوريا واسطة العقد في ذلك أمام هذا العام المترع بالآلام والافشال والمآزق، أي مسار تسلكه سوريا؟ هل «سندروم لبنان» سيكون نموذجاً؟
  

السابق
دولة فلسطينية! أين ومتى وكيف؟
التالي
تجمع لبنان المدني: قتل شعبان اعتداء صارخ على الاعلام والمواطن