هل استعجلت 14 آذار تأييد المعارضة السورية؟

بعدما أعلنت قوى 14 آذار في "البيال" وقوفها مع المعارضة السورية وتحديداً مع "المجلس الوطني"، في مقابل وقوف قوى 8 آذار مع النظام وضد المعارضة السورية، فإن هذا الأمر يعزز الانقسام بين اللبنانيين وهو ما كان قد حصل أكثر من مرة في تاريخ لبنان السياسي.

والسؤال الذي يثير القلق هو: هل من انعكاسات محتملة على الداخل اللبناني في حال انتصر رهان قوى 14 آذار على قوى 8 آذار أو انتصر رهان قوى 8 آذار على قوى 14 آذار، وهل يبقى مكان للصلح والمصالحة والوفاق بعد انتصار رهان على آخر؟
ثمة من يرى أن على اللبنانيين جميعاً وعلى اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم أن يحيدوا أنفسهم عما يجري في سوريا فلا يناصرون فريقاً ضد فريق، بل ان ينتظروا لكي يتعاملوا مع النتائج تعامل اللبناني المحايد الذي ليس له مصلحة في ان يتدخل في شؤون سوريا الداخلية، وان يترك للسوريين أنفسهم معالجة أمورهم بأنفسهم إذ يخشى إذا ما انتصر النظام على الثائرين عليه أن ينكل بخصومه ليس في سوريا فحسب بل في لبنان وفي دول عربية وقفت مع الثوار ضد النظام وان يحصل خلاف ذلك إذا ما انتصر الثوار السوريون على النظام.الواقع انها ليست المرة الأولى التي يدفع فيها اللبنانيون ثمن انقساماتهم وانحيازهم الى هذا المحور أو ذاك خصوصاً عندما يخرج عن كونه صراعاً داخل سوريا إنما صراع عربي وإقليمي ودولي على سوريا، بحيث يدفع من يخسر الرهان الثمن فتتجدد الصدامات المسلحة بدءاً بطرابلس ثم إلى مناطق أخرى ولا يعود في إمكان الدولة، وهي على ما هي من ضعف، السيطرة على الأوضاع الأمنية المتدهورة. والجميع يذكر ماذا كانت نتائج انقسام اللبنانيين بين مؤيدين للتيار الناصري ومناوئين له فوقعت حوادث 1958 التي لم تتوقف إلا بعد تسوية أميركية – مصرية تمت بعد دخول الاسطول السادس الاميركي الشواطئ اللبنانية، ليس بسبب تلك الحوادث فقط، بل بسبب انهيار "حلف بغداد"، وكان لا بد من سد الفراغ الذي أحدثه ذلك. وقضت التسوية كما هو معلوم بانتخاب اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة رباعية تمثل القوى السياسية الاساسية حينذاك، وقد وصفت بحكومة "اللاغالب واللامغلوب".

وعندما انقسم اللبنانيون بين مؤيد لوجود السلاح الفلسطيني في لبنان ومناهض له كانت الحرب اللبنانية – الفلسطينية ثم اللبنانية – اللبنانية ولم تتوقف إلا بعد التوصل إلى اتفاق الطائف، وتكليف "قوات ردع عربية" وقف الاقتتال والتي تحولت في ما بعد قوات سورية صافية أخرجت المسلحين الفلسطينيين من لبنان إلى تونس وفرضت سوريا وصايتها على لبنان مدة 30 عاماً. وقد دفع لبنان ثمن ذلك من سيادته واستقلاله وحريته.

واذا كانت احداث 1958 انتهت بتسوية اميركية – مصرية اتت باللواء فؤاد شهاب رئيسا للجمهورية، وحرب 1975 انتهت بتسوية أميركية – سورية بموافقة عربية وبلا ممانعة اسرائيلية، فهل من تسوية للأحداث الدامية في سوريا ومع من، وتكون قادرة على إرضاء النظام والثائرين عليه في آن واحد؟ واذا لم تتم التسوية فما الذي يحدث ليس في لبنان فقط بل في المنطقة عندما تتحول الحرب الداخلية في سوريا حرباً اقليمية ويكون لبنان إحدى ساحاتها؟
ثمة من يعتقد انه اذا كان لا بد من تسوية لاخراج سوريا من أزمتها الخطيرة فإنها تكون أميركية – روسية في الدرجة الاولى ويتوقف وضع اسسها على تطور المعارك العسكرية السياسية بين النظام وخصومه. لذا تراقب روسيا باهتمام نتائج هذه المعارك كي تبني على الشيء مقتضاه.
وفي المعلومات ان روسيا تحاول ان يكون الانتصار العسكري للرئيس الاسد على ان يكون الانتصار السياسي للشعب السوري بحيث يتنحى الرئيس الاسد عن منصب الرئاسة من موقع المنتصر وليس من موقع المهزوم.
والسؤال الذي يبقى مطروحاً هو: هل استعجلت قوى 14 آذار في اعلان موقفها مما يجري في سوريا وانه كان عليها التريث وانتظار النتائج عملا بسياسة الحياد وعدم زج لبنان في صراعات المحاور، إلا اذا اعتبرت قوى 14 آذار ان لا فضل لها إذا اتخذت موقفاً بعد ظهور النتائج…  

السابق
قلق في الذكرى الأولى للانتفاضات العربية
التالي
السيّد آخر رواق