تزاحم الأحداث

تهب على لبنان والمنطقة رياح متعددة الجهات، فالربيع العربي الذي بدأ من تونس ثم مصر وليبيا واليمن وتفتحت وروده بدماء محمّد البوعزيزي بعد إحراق جسده أمام مقر من صادروا عربة مورد رزقه وعياله، وما زالت الرؤية الى المستقبل غير واضحة لما سيكون عليه واقع تنفيذ شعارات ثورات الشباب والقوى الرافضة لحكم الفرد نشداناً للحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة بتولي الشعب صنع القرار وكيف تقوم المؤسسات بواجبها.
وفي لبنان يستمر التجاذب والخلاف والتباعد بين اطيافه وأبنائه بفعل تعدد انتماءاتهم ويبدو ما يشيع الاعتقاد بسلوك طريق البقاء بعيداً من هبوب الرياح العاتية المنبعثة من دول مختلفة على الموقع الذي يحمي من التداعيات التي وصلت إلى حدّ ترداد نغمة الحرب الباردة والكل يعرف انها أكثر من مستحيلة ولا أحد يجرؤ على إشعال نارها لأنها تطاول حتى البعيدين منها بما لم يعرفه أي عصر مضى.

وتجري الممارسات السياسية متعارضة مع ما يجب أن يكون من استقرار وأمن وقدرة على مواجهة التحديات في وقت تعلو أصداء قرع طبول عدوان تعدّ له إسرائيل متذرعة بأحداث تفتعلها كما في هذه الآونة وقد سبق وأحدثت اغتيال سفيرها في لندن لتشن حرباً ضروساً لم تحقق منها ما هدفت إليه بفعل استمرار مقاومة الاحتلال والاصرار على تحرير الأرض وفي مقدمها وطن الشعب الفلسطيني، وتمكن لبنان من تعزيز حصانته ضد أي عدوان.

ويبدو أن الخلافات مفتعلة، إذ كيف يمكن تفسير معارضة وزير قرار مجلس الوزراء ووقف جلسات الحكومة وعرقلة مسيرة القيام بما هو مفروض لتسيير شؤون الدولة تجاوباً مع مصالح البلد وأبنائه والكل يعلم بأن المرحلة الراهنة داخلياً وخارجياً مرشحة لحوادث لا يمكن ان يكون لبنان بعيداً عنها وهو ليس جزيرة معزولة بل سريعة التأثر بما يجري حولها وأبعد منها إيجاباً أو سلباً كونه الساحة المفتوحة للرياح تهب عليه من دون أن يكون له دخل فيها.
والتريث بانتظار المتغيّرات الإقليمية والدولية عامل ضعف مبعثه عدم التوافق بين النافذين السياسيين خلافاً لما هم عليه المواطنون من التزام وطني ونظرة مشبعة بالارادة لمستقبل ما زالوا يتطلعون إليه منذ العام خمسة وسبعين من دون ان يقابلوا بوحدة موقف داخلي وعزيمة على كيف تكون الحصانة والمنعة والتقدم.
هذا كلّه يفرض التمسك أكثر بالنهج الوطني وأداء الدور الفاعل في تعزيز التوحد والنجاح في معالجة الأزمات والتطلع العملي المتفائل للمستقبل ومواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وليكن ذلك كلّه الباب المفتوح لتحقيق الانسجام والتعاون لا سيما في مرحلة التقلبات المتسارعة.  

السابق
عقاب صقر: لا ثورة من بروكسل ولا نائب لبناني… بل زوج لنادين فلاح !!
التالي
ملف الرختص.. سحب