أميركا واحادية الزعامة

عندما يتم الحديث عن نهاية حكم الاحادية الاميركية، يبدو ان في الامر مبالغة في التوصيف. فالامبراطورية الامريكية التي انفردت في حكم العالم منذ انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي لا تزال تمثّل كيانا سياسيا واقتصاديا وعسكريا هائلا على مستوى العالم بأسره بالرغم من كل «الهزائم» او لنقل الخيبات التي منيت بها من اميركا اللاتينية الى افغانستان والعراق.

نعم هنالك صعود واضح لقوى دولية واقليمية استطاعت منازعة اميركا على بعض الملفات الحيوية مثل النفط وامن اسرائيل، ومن هذه القوى الاقليمية ايران وحلفاؤها. وهنالك قوى دولية صاعدة في الاقتصاد على مستوى العالم وتقوم بتعطيل او عرقلة بعض المشاريع والمخططات الاقليمية. ومنها الصين بالدرجة الاولى وروسيا والبرازيل وغيرها. لكن هل هذا يكفي للحديث عن افول نجم الامبراطورية الامريكية وصعود قوى جديدة؟؟
غالب الظن ان هذه المشهدية الجديدة لصراع النفوذ في العالم تأخذ من الاحادية الامريكية بعض بريقها وتضعها امام جملة من الاسئلة المتعلقة بمستقبلها القريب. وهذا الامر مبني على قراءة لما يجري على الساحة الدولية من «تمرّد» جدي على النموذج الاميركي، ومن مشاكل داخلية امريكية بنيوية متعلقة بالاقتصاد والاجتماع وحتى الاتحاد بين الولايات..

لم تعش اي امبراطورية حكمت العالم الى ما لا نهاية، عمر الدول كأعمار البشر لديه خط بياني من الصعود الى الهبوط. اميركا تعطي مؤشرات على تراجع نفوذها وقدرتها على ادارة العالم بشكل احادي. فهل هذا الانكفاء سيعكس نفسه على الداخل بشكل سريع؟ ربما علينا الانتظار لنرصد المستقبل بلغة وارقام عالمية غير محلية وغير اقليمية بالتأكيد..  

السابق
الحريري المكسور: أكثر رشاقة!
التالي
أين نجحت وأين أخفقت 14 آذار؟