الشرق: أزمة الحكومة مكانك راوح … لكن الى متى؟

دخلت الأزمة الحكومية أسبوعها الثاني من غير ان يظهر على شاشة الحدث ما يشير الى ان قطار الحل وضع على سكة المعالجة الصحيحة والسليمة، والى ان الأفرقاء «النافذين
و«المؤثرين توافرت لديهم قناعة كافية بوجوب التحرك لازالة هذا اللبس الذي أدى الى قرار تعليق جلسات مجلس الوزراء، ويثبت قواعد العمل داخل المجلس ويبعده عن المناكفات وسياسة وضع العصي في الدواليب للعرقلة، ويوفر مناخاً من العمل والتضامن على خلفية «إما تسير الأمور وفق الأصول، وإما لا جلسات لمجلس الوزراء
على ما يؤكد الرئيس نجيب ميقاتي ويردد.
الواضح الى الآن، وفي ضوء المواقف المثبتة للرئيس نبيه بري، وما أعلنه الأمين العام لـ«حزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته ليل أول من أمس، ومضي النائب (الجنرال السابق) ميشال عون في حملته المتصاعدة ضد رئيس الجمهورية، وضد رئيس الحكومة – ولو بلهجة أقل حدة وعصبية – ان الأزمة مرشحة لأن تطول أكثر كثيراً من المتوقع، وان الحديث الفعلي عن حلول، ينتظر عودة الرئيس ميقاتي من زيارته الرسمية الى فرنسا، التي يبدأها اليوم، بدعوة من نظيره الفرنسي فرانسوا فيون، ويلتقي خلالها الرئيس نيكولا ساركوزي ووزير الخارجية آلان جوبيه ورئيس مجلس الشيوخ جان بيار بيل، في توقيت دقيق للغاية، يأتي بعد أيام قليلة من فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار ضد سوريا تدعمه الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا و«الجامعة العربية…

سليمان – ميقاتي – عون

كان الرئيس ميقاتي يفضل ان تتم معالجة الأزمة قبل توجهه الى باريس، او على الأقل يحظى بضمانات وافية بالحل فور عودته، بالنظر الى ما تتركه هذه الأزمة من آثار سلبية على صورة الحكومة وتظهرها أمام العالم على أنها حكومة مفككة ولا رابط بين أركانها، الأمر الذي يضعف الزيارة، ولا يساعد في إنجاح المهمة التي كان يأمل ميقاتي بها… ومع ذلك، فقد استمسك رئيس الحكومة بالصبر، تاركاً وراءه وعوداً خجولة، ضبابية بالتحرك للمساعدة على تجاوز هذه الأزمة التي تبين أنها أبعد كثيراً من مسألة التعيينات (الشعرة التي قصمت ظهر البعير)، وأكثر تعقيداً مما يظن البعض، بالنظر الى تداخل العوامل الداخلية بالأخرى الاقليمية والدولية، تغطيها تصريحات ومواقف رئيس تكتل «التغيير والاصلاح لنائب ميشال عون الذي مضى في تصعيده مصوباً السهام ضد الرئيسين سليمان وميقاتي، مع ربت على الكتفين من قبل «حزب الله الذي أخذ على عاتقه تبرير مواقف جنرال الرابية كافة…
إلى الآن ينأى رئيس الجمهورية بنفسه عن السجالات الشخصية، ويرفض بالمطلق كل الاتهامات التي توجه اليه، وينفي ان يكون قطع مع أي أحد… ورئيس الحكومة – الذي يتهمه عون بتكرار سلوك من سبقه من رؤساء الحكومات ومصادرة صلاحيات مجلس الوزراء مجتمعاً ومحاولة فرض خيارات ومصادرة حقوق الكتلة المسيحية الأكبر في مجلسي الوزراء والنواب – بات على غير استعداد لتقديم تنازلات من شأنها ان تضعفه في بيئته ومع جماعته، فأعاد تكرار القول: «لقد صبرنا طويلاً، لكن للصبر حدوداً، وآن الاوان لكي يعرف اللبنانيون من يعطل مجلس الوزراء…
ومؤكداً على أنه «اذا كان مجلس الوزراء سيجتمع من دون إنتاجية او فعالية، فلا جلسات بعد اليوم، حتى يتم التوافق على كل الأمور…؟!

مكانك راوح

تأسيساً على ما تقدم، فهل وصلت الأمور الى حائط مسدود، او الى مرحلة يصعب معها حالياً الحديث عن حل للأزمة، وإلى متى يبقى رئيس الحكومة قادراً على إمساك نفسه عن اتخاذ مواقف جذرية وهل يمكن ان يقدم استقالته؟
من قراءة المواقف المتتالية للأفرقاء كافة داخل الحكومة، بمن فيهم فريق الرئيس ميقاتي وحلفائه، يظهر ان الأجواء السائدة الى الآن تشي باتفاق على ان الظروف المحلية والاقليمية لا تسمح باستقالة الحكومة… ولقد أعطى الطرف الأبرز في الحكومة، والأكثر تأثيراً، (الأمين العام «حزب الله) السيد نصر الله، كلمة السر، مؤكداً بإيجاز شديد «ان الحكومة باقية… وان الوقت ليس وقت إسقاط حكومات ولا وقت توتير سياسي…

فما الحل؟
لا يبدو الرئيس نبيه بري مرتاحاً الى ما آلت اليه الأمور، لكنه في وضع يصعب معه الحديث عن «مخارج سحرية… وأوساط قوى 14 آذار، تؤكد ان هناك شبه اتفاق بين سائر مكونات الحكومة على المضي في سياسة «لا استقالة و«لا تفعيل بالنظر الى ما يترتب على أحد هذين الخيارين من نتائج مباشرة على الوضع في لبنان، لا يبدو ان الحكومة قادرة على اتخاذ قرارات واضحة وحاسمة تجاهها، ما يعني «ان الأزمة مكانك راوح، بانتظار جلاء صورة الوضع في المحيطين القريب والبعيد، لاسيما على صعيد الوضع في سوريا؟؟  

السابق
جنجنيان: كلفة استمرار الحكومة باهظة جدا
التالي
الانوار: مصادر رئيس الجمهورية: عون لا يمثل جميع المسيحيين