النهار: زيادة الأجور تنقلب على التكتل والحكومة وبعبدا تمتنع عن تحديد موعد لفيلتمان

تقدم ملف تصحيح الأجور، مرة أخرى، أولويات المشهد السياسي الذي تميز في اليومين الأخيرين بظهور نادر للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله مخترقا الحشود في يوم عاشوراء على ملعب الراية في الضاحية الجنوبية، وتلاه امس وصول مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان الى بيروت.

ومع تدافع التطورات السياسية والاجتماعية، بدت مسألة الاجور ليل أمس كأنها عادت الى دوامة لم تواجهها حكومة من قبل، من دون اغفال خلفية سياسية ارتسمت معالمها مع ملابسات عودة وزراء “تكتل التغيير والاصلاح” عن مقاطعة جلسة مجلس الوزراء. لكن المفارقة اللافتة برزت في سقوط مشروع وزير العمل شربل نحاس الخاص بزيادة الاجور لمصلحة اقتراح طرحه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وحظي بغالبية اصوات الوزراء بمن فيهم وزراء “حزب الله” و”أمل” أنفسهم.
واكتسبت وقائع جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في قصر بعبدا بعدا غريبا. ذلك أن الاركان الاساسيين في “تكتل التغيير والاصلاح” قرروا في اجتماع عقدوه ظهرا في الرابية برئاسة النائب العماد ميشال عون حضور الجلسة على أساس طرح مشروع زيادة الاجور الذي قدمه عضو “التكتل” الوزير شربل نحاس “على أن تبقى الحلول مفتوحة على كل الاحتمالات ضمن مهلة محددة”، كما أوضح عون.

وعلمنا أنه لدى طرح بند الاجور على النقاش في مجلس الوزراء، تولى نحاس شرح مشروعه على شاشة كبيرة ثم شرع الوزراء في مناقشته. ورأى فيه بعضهم كلفة كبيرة على الدولة وخصوصا من حيث اشتراكات الضمان، فيما اعتبر البعض الآخر أنها معقدة وتحتاج الى تعديلات لقوانين. وتدخل رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي فأخرج من جيبه خطة مكتوبة تتضمن اقتراحا بديلا لتصحيح الاجور، الامر الذي شكل مفاجأة مزدوجة اذ بدت الخطة معدة سلفا في ضوء مفاوضات غير معلنة تولاها رئيس الحكومة مع الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام. ثم كان الجانب الآخر من المفاجأة بطرح اقتراح ميقاتي على التصويت فنال أصوات 16 وزيرا من أصل 23 كانوا حاضرين وعارضه سبعة وزراء هم وزراء “التيار الوطني الحر” ووزير الدفاع فايز غصن ممثلا “المردة” والوزير بانوس منجيان ممثلا الطاشناق، فيما صوت وزير الصناعة فريج صابونجيان مع الاقتراح.
 وقضى القرار الحكومي برفع الحد الادنى للأجور الى 600 الف ليرة واعطاء زيادة بنسبة 30 في المئة على الأجر بين 500 الف ومليون ليرة على ألا تقل عن 150 الف ليرة ولا تزيد عن 200 الف ليرة، واعطاء 20 في المئة على الاجر الذي يفوق مليون ليرة ولا تتعدى الزيادة 275 الف ليرة، وزيادة منح التعليم السنوية من مليون ليرة الى مليون و500 الف ليرة.
واذا كانت الحكومة أحبطت وزراء “التكتل” بعدم الاخذ بمشروع وزيره، سارع الاتحاد العمالي العام وكذلك الهيئات النقابية بدورها الى اعلان رفضها القرار الحكومي الجديد.

وصرح رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن لـنا بأن الاتحاد “يرفض هذه الزيادة المهينة لأنها لا تحقق آمال العمال ومطالبهم”. وقال: “اننا نصر على الزيادة وفق الشطور على أن تكون 60 في المئة للشطر الاول و40 في المئة للشطر الثاني و20 في المئة للشطر الثالث”. وأفاد انه سيدعو المجلس التنفيذي للاتحاد الى الانعقاد واتخاذ الاجراءات المناسبة، ملوحاً “بالتوجه للعودة الى الاضراب”.
وأكد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض لنا باسم هيئة التنسيق النقابية “الذهاب الى الاضراب والتظاهر الثلثاء المقبل”، مشيراً الى انه جرى استيضاح الوزراء موضوع التشطير في الزيادات “فتبين لنا ان لا تشطير وهذا القرار نرفضه ويتناقض مع قرار مجلس شورى الدولة في شأن القرار الحكومي الأول الذي اتخذ حول الأجور”.
وإذ أعلنت جمعية التجار في بيروت بدورها معارضتها للقرار الحكومي الجديد، رحب رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة محمد شقير باسم الهيئات الاقتصادية بالصيغة الجديدة لزيادة الأجور ووصفها بأنها “ممتازة وسنسير بها على رغم الظروف انطلاقاً من تحسسنا لأوضاع العمال”. وعلم ان اجتماعاً سيعقد اليوم بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام في محاولة لاقناع الاتحاد بالموافقة على القرار الحكومي.

فيلتمان
في غضون ذلك، بدأ مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان زيارته أمس لبيروت فاجتمع أولاً برئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وسلمه رسالة من وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون رحبت فيها بخطوة تمويل المحكمة الخاصة بلبنان، ثم زار رئيس حركة التجدد الديموقراطي النائب السابق نسيب لحود. وعلمنا أن فيلتمان تناول مساء العشاء الى مائدة الوزير السابق الشيخ ميشال الخوري بمشاركة عدد من المفكرين والمثقفين، على ان يلتقي اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري، ثم يتناول العشاء مع مجموعة من أركان قوى 14 آذار، وستستمر زيارته الى غد.
ومع ان فيلتمان أعلن عقب زيارته السرايا انه طلب موعداً مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، علمت “النهار” ان دوائر بعبدا لم تحدد موعداً للمسؤول الأميركية وعزي ذلك الى الالتباس الذي رافق زيارة الرئيس سليمان لنيويورك في أيلول الماضي حيث لم يحصل أي اجتماع بينه وبين اي مسؤول أميركي على هامش مشاركته في أعمال الدورة العادية للجمعية العمومية للأمم المتحدة.
وإذ أبرز فيلتمان أهمية قرار تمويل المحكمة الدولية وعدّه “إشارة ايجابية للمجتمع الدولي” نبه الى “حجم الاجماع الدولي والعربي الحاصل” حول العقوبات المفروضة على سوريا ووصف هذا الاجماع بأنه “محاولة للتوصل الى وسائل سلمية لاقصاء المجموعة المحيطة بـ(الرئيس السوري) بشار الأسد الذي عليه وعلى نظامه تغيير التكتيك المعتمد والسماح بالتظاهر السلمي ووضع حد للعنف”. ولفت الى “ان في لبنان تقليداً بالعمل بالاجماع العربي والدولي ولا أحد فيه يريد ان يعطي انطباعاً انه يؤيد العنف في سوريا”.
وعلمنا أن كلينتون أعربت في رسالتها الى ميقاتي عن “سعادتها” بقراره تمويل المحكمة “بما يفي بالتزام لبنان حيال المحكمة لسنة 2011”. وأضافت: “اني أقدر الخطوات التي اتخذتموها كرئيس للوزراء للتأكيد ان لبنان يلتزم التعهدات الدولية”. واعتبرت ان “التنفيذ النشيط لقرارات مجلس الأمن بما في ذلك القراران 1559 و1701 والتعاون التام مع المحكمة الخاصة بلبنان هما في مصلحة لبنان ويساهمان في الاستقرار الاقليمي”. وجددت التزام بلادها “استقلال لبنان وسيادته حراً من النفوذ المتطرف”. 

السابق
الاخبار: مجلس الوزراء أقرّ زيادة أجور ميقاتية
التالي
البناء: نصرالله :ولّى الزمن الذي يّساوم فيه على كرامتنا