المخرج يتبلور قريباً والاستحقاق الأهم في آذار

"يبدو ان الامور تسير في اتجاه التوصل إلى مخرج يرضي الجميع ويصب في النهاية في دفع مساهمة لبنان في تمويل المحكمة الدولية". بهذه العبارات لخصت مصادر مواكبة للمساعي المبذولة مساء امس حصيلة الاتصالات واللقاءات التي كان القصر الجمهوري امس محورا في جانـب اساسي منها، من خلال موفدين، لرئيس مجلس النواب نبيه بري صباحا، وآخر لرئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون مساء، في موازاة محور آخر تمثل بلقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع رئيس مجلس النواب الذي يؤدي دورا اساسيا في السعي الى مخرج للتمويل، بالتنسيق الاكيد مع قيادة "حزب الله".

ووسط تكتم شديد من جميع المشاركين في هذه الاتصالات على الصيغة المقترحة والتي يجري البحث فيها، فإن كل التسريبات والتصريحات اشارت الى اجواء ايجابية والسير في اتجاه الحل، وكان آخرها ما ادلى به النائب عــــــون إثر ترؤسه الاجتماع الاسبوعي لتكتله النيابي، وقد سجل انعطافة كبرى في هذا الاتجاه، ولا سيما بتأكيده "اولوية الاستقرار" من جهة، وتذكيره بـ"اننا اول من اعطى دعما لانشاء المحكمة الدولية" من جـــــــهة اخرى، وكذلك قوله: "لست متزمتا حول موضوع المحكمة الدولية ولكن يجب اخضاعها للنصوص الدستورية". ولعل هذا الموقف، الى تفاؤل الرئيس بري الذي التقى مساء أمس رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، يعكس مرونة في موقف "حزب الله" في اتـــــجاه "تمرير" التمـــــويل الذي لا يغير شيئا من موقفه المعروف من المحكمة.

وكذلك فإن زيارة أحد وزراء الحزب، محمد فنيش للسرايا قبل الظهر وقوله بعد لقاء رئيس الحكومة: "نحن نتمنى الا تستقيل الحكومة" شكّل اشارة اخرى واضحة الى تلك المرونة، باعتبار ان تلويـــح الرئيس ميقاتي باستقالة الحكومة، كان على خلفية "في حال عدم التمويل"…وقد حرص ميقاتي منذ البداية على عدم اغلاق الابواب مؤكدا تفاؤله بعدم وصول الامور الى طريق مسدود، ومتمسكا بموقفه المعـــروف والداعم لتمويل المحكمة، بمؤازرة مـــــوقف مماثل للرئيس ميشال سليمان وآخر لوليد جنبلاط الذي وجه في موقفه الاسبوعي لصحيفة "الانباء" ما يشبه النداء الى "كل المعنيين"، ومفاده ان "تمرير تمويل المحكمة الدولية فيه مصلحة وطنيــــة لبنانية عليا".

وفي موقف بلغ قمة "الوسطية" يلفت جنبلاط الى ان المحكمة الدولية "وإن تكن تشكل توجسا عند البعض، فإنها تعتبر عند البعض الآخر مسارا حتميا لكشف حقيقة الاغتيالات السياسية التي طالت رجال دولة وكتابا ومفكرين وصحافيين".
وقد شكّل الموقف الجنبلاطي، الى موقفي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، رافعة للمساعي المستمرة نحو الحل – المخرج والمتوقع ان يتبلور قريبا، في الايام القليلة المقبلة.
ولعل احتمال تأجيل جلسة مجلس الوزراء، اليوم، سيشكل اشارة اخرى في اتجاه اقتراب الحل وفق اوساط قريبة من رئاسة الحكومة، وتسأل هذه الاوساط في سياق مناقشتها للمواقف المختلفة واستغراب بعضها: "هل هي المرة الاولى التي يطرح فيها موضوع التمويــــل؟ ألم يوافــــق وزراء تكتل التغيير والاصلاح في الحكومة السابقة على التمويل؟".

وتذكّر الاوساط نفسها "في المناسبة" بما ورد في البيان الوزاري في شأن المحكمة "وقد وافق عليه الجميع في الحكومة بمن فيهم تكتل النائب عون"، وجاء فيه تأكيد حرص الحكومة على "جلاء الحقيقة وتبيانها" وان الحكومة "ستتابع مسار المحكمة الخاصة بلبنان التي انشئت مبدئيا لإحقاق الحق والعدالة بعيدا عن اي تسييس او انتقام وبما لا ينعكس سلبا على استقرار لبنان ووحدته وسلمه الاهلي".

واذا كان قدر ميقاتي ان يواجه الاستحقاقات الصعبة، واحدا تلو الآخر، وقد استطاع حتى الآن تجاوزها، فإن الاستحقاق الاهم الذي ينتظر حكومته، سيكون في آذار المقبل، موعد انتهاء البروتوكول الموقع بين لبنان والأمم المتحدة حول المحكمة الدولية. فهل هذا الاستحقاق القريب ساهم الى حد ما في تجاوز الاستحقاق الحالي، وهو التمويل؟
وهل سيتمكن ميقاتي من تجاوز الاستحقاق الأصعب؟
إن غداً لناظره قريب!  

السابق
الأسد رسائله صاروخيّة وحزب الله بطيء
التالي
بوجي وقباني !!