اللاجئون السوريون في لبنان: عيد الأضحى لم يجلب الفرحة و «الفول» و «البندورة» وجبة دائمة

فرت سندس البالغة من العمر عشر سنوات مع أسرتها ركضا من القصف وإراقة الدماء من بلدة «تلكلخ» السورية، حيث قتل والدها بالرصاص في عيد الفطر الماضي.
وبعد شهرين في عيد الأضحى تقول الفتاة النحيلة التي ترتدي الجينز وسترة وردية باهتة: إنه ليس لديها أي سبب للفرح في هذا الجو البارد الملبد بالغيوم، وهذه المدرسة المهجورة التي لجأت إليها أسرتها مع 17 أسرة أخرى.
وبثت شجونها، وهي ترقب أطفال اللاجئين يلعبون في فناء المدرسة الموحل، قائلة: والدي مات، وبيتنا دمر، ليس هناك ما أحتفل به هنا. لا أشعر بالعيد هذا العام.
وسجلت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لجوء أكثر من 3800 سوري إلى منطقة شمال لبنان الحدودية القريبة من حمص بعد فرارهم من أحد مراكز الانتفاضة ضد حكم الرئيس بشار الأسد التي شهدت أعمال عنف دامية.
وأغرورقت عينا سندس مردفة: أمي والجميع هنا يقولون العام المقبل سيكون النظام قد رحل وسنحتفل بالعيد في ديارنا. لكنني خائفة ألا يسقط النظام. خائفة من أن نبقى هنا للأبد.
ولم تذكر سندس أو أي من اللاجئين أسماءهم بالكامل خوفا من أن ينتقم النظام من أقاربهم الذين مازالوا في بلدة تلكلخ في سورية وأغلبهم من النشطاء في الانتفاضة ضد حكم آل الأسد المستمر منذ 41 عاما.
ويقول بعض الذين فروا إلى شمال لبنان عبر حدود يفصلها نهر ينساب وسط الخضرة إن أقاربهم حملوا السلاح في مواجهة الجيش السوري، بيد أن الولاءات متباينة في وادي خالد، وهي منطقة نائية من شمال لبنان كان المهربون ينشطون فيها إلى أن بدأت الاضطرابات في سوريا فقطعت تجارتهم. فالعديد من الأسر المقيمة في وادي خالد لها أقارب عبر الحدود في سورية.
وتمتلئ منازل القرويين من الأقلية العلوية التي ينتمي لها الأسد بصور الرئيس السوري.
بينما تقدم جمعيات خيرية إسلامية سنية حصص طعام أسبوعية للاجئين وأغلبهم من الأغلبية السنية المتجمعين في مبان مهجورة. والمهاجرون الأوفر حظا استضافتهم بعض الأسر في منازلها.
وترسم سحر دندشة، وهي من سكان المنطقة، البسمة على وجوه الأطفال عندما تزور المدرسة التي تقيم فيها سندس بشكل مؤقت، وتحضر عددا من أكياس البلاستك الممتلئة بالسترات والعرائس فيحيط بها الأطفال ويتخاطفونها.
وعلقت وهي تسلم السترات: أنا وأصدقائي جمعنا بعض الأشياء وعرض متجر للملابس مساعدتنا، مضيفة: يقولون لم يأت أحد غيري بشيء وهذا يحطم قلبي.
وأردفت دندشة، وهي رئيسة جمعية نسائية خيرية في المنطقة، بأن اللاجئين يواجهون برد الشتاء في هذه المنطقة الجبلية، حيث الطرق والخدمات ضعيفة حتى بالنسبة للسكان.
ويشكو اللاجئون المقيمون في المدرسة من أنه لم تصلهم المياه والكهرباء على مدى ثلاثة أيام ويتشاركون في قليل من المواقد للاستعانة بها على البرد.
ونفدت من الكثيرين أموالهم، لكنهم يقولون إنهم يخشون ترك المدرسة وسط شائعات متزايدة ولكن غير مؤكدة، عن أن الشرطة السرية في سورية خطفت منشقين كانوا مختبئين في لبنان.
وأفاد مصطفى، وهو فنان في الخمسينيات من عمره يقيم في المدرسة منذ سبعة أشهر، بالقول: كلنا قادرون على العمل لكن هناك العديد من حالات الخطف، لذلك لا يمكننا مغادرة هذا المكان.
وتتناوب الأمهات على طهو أصناف بسيطة من «الفول» و «الطماطم» على موقد صغير، لكنهن يقلن أنه ليس لديهن من الطعام ما يحتفلن به في العيد الذي يفضلون نسيانه هذا العام.
وهنا تقول صبحية والدة سندس: إن أسرتها لن تحتفل بالعيد حتى يرحل الأسد، متابعة: هذا هو العيد الثاني الذي يمر علينا في هذا البلد، ونحن مهجرين من قبل جحافل بشار الأسد التي فعلت بنا ما فعلت ونكلت بنا ما نكلت. وها هو حالنا لا يخفى عليكم من بؤس وشقاء وتشريد وظروف صحية ومعيشية سيئة جدا ومتردية.
أما أمنية سندس في العيد، فهي بسيطة لكنها بعيدة المنال، إذ أنها ترجو المارة دون جدوى أن يأخذوها معهم إلى البلدة المجاورة.

السابق
خمسة مطالب للمجلس الوطني السوري من الجامعة العربية
التالي
14 آذار طالبت ميقاتي بـ”حسن الإصغاء الى مواقف أركان المجتمع الدولي”