تحذير من فيتنام تركية !!

عاشت تركيا في صدمة غير مسبوقة من جراء العدد الكبير من الجنود الأتراك الذين سقطوا في «عملية تشوكورفا» التي نفذها حزب العمال الكردستاني فجر أمس الأول.
وقد ركّزت جميع الصحف التركية في كل عناوينها وصفحاتها الأولى على ان تركيا لن تنهار ولن تستسلم مبرزة توعد الرئيس التركي عبد الله غول بـ«انتقام كبير» من الجناة.
وجاءت بعض العناوين على الشكل التالي: ألم بلا حدود (يني شفق)، انتقامنا سيكون كبيرا (حرييت)، لم ننهر (خبر تورك)، ذروة الدناءة (ستار)، تركيا تبكي (غونيش)،24 شهيدا و74 مليون جريح (بوست)، هاجموا من تسع نقاط (ميللييت)، إنه الفخ نفسه (تركيا)، تجاوزوا حدّهم (زمان).

ولفت انتباه المحللين العسكريين في العملية الكردية ان حزب العمال الكردستاني قد غيّر تكتيكاته. الجنرال المتقاعد المعروف أرمغان كول اوغلو قال ان من عادة حزب العمال الكردستاني أن يهاجم موقعين أو ثلاثة في الوقت نفسه لكن ان يهاجم ثمانية مواقع عسكرية في منطقة تشوكورفا دفعة واحدة فهذا تكتيك جديد ويعني أن المقاتلين لم يأتوا جميعا من العراق بل كان بعضهم في القرى والمزارع والمنازل. وهذا يعكس ضعفا استخباراتيا كبيرا. وقال ان اية عملية عسكرية شاملة خلف الحدود لن تعطي نتيجة ما لم تسبقها عمليات آنية لحظة حصول الهجمات.

العقيد المتقاعد اردال صاري زيبيك، يقول ان تكتيكات حزب العمال الكردستاني ليست جديدة بالكامل بل كان يتبعها في التسعينيات وتركيا عادت اليوم الى مناخات تلك الحقبة. مع فارق ان عناصر الكردستاني لم ينسحبوا في عمليات هذا العام الى شمال العراق بل بقوا في الداخل التركي. ولذلك فإن عمليات الجيش التركي في شمال العراق لا تعوّض العمليات في الداخل التركي، اذ ان حزب العمال الكردستاني سيواصل عملياته في الداخل ومن الداخل التركي.
ورغم الدعوات الملتهبة لقيام الجيش التركي بعمليات في شمال العراق فإن الحكومة التركية تجد نفسها في مأزق واضح. فهي لا تريد ان تستدرج الى المستنقع العراقي ولكنها في الوقت نفسه لا يمكن أن تبقى في صورة العاجز عن حفظ هيبة الدولة والحكومة خصوصا ان زعيم المعارضة كمال كيليتشدار اوغلو حمّل الحكومة مسؤولية العجز عن ايجاد حل وطالب البرلمان بان يتصدى للمشكلة بدلا من الحكومة. لذا لا تملك الحكومة التركية حلولا سحرية عسكرية لإنهاء خطر حزب العمال الكردستاني. 
وفي هذا الإطار فإن الاعتماد على الحل العسكري والأمني ومطاردة «الكردستاني» خارج الحدود يقابل بتحذيرات الكتّاب الأتراك من خطورة هذا النهج.
ويرى ديريا سازاك ان فخا ينصب لتركيا للتورط في شمال العراق قائلا ان حزب العدالة والتنمية يمر في أيام صعبة وإذا لم يستطع إدارة الأزمة جيدا بعد عملية تشوكورفا فإنه سيعاني من صعوبات. ودعا سازاك الحكومة الى الانشغال بالمشكلات الداخلية بدلا من الانشغال بالقضايا الخارجية. وقال انه اذا دخل الجيش التركي شمال العراق فلا مفر من تحويل جنوب شرق تركيا الى فيتنام.

ويرى قدري غورسيل في «ميللييت» ان الدعوات للانتقام تعني ان الكثير من الدم سيراق في المستقبل والمخاطر ستزداد كثيرا. ولن يكون محسوما من سيربح.
وتحفظ غورسيل على دعوات الانتقام التي أطلقها الرئيس التركي عبد الله غول ورئيس الحكومة رجب طيب اردوغان. وقال انها المرة الأولى التي نسمع فيها رأس الدولة يتحدث عن «انتقام» وعن انتقام «كبير». وقال غورسيل «عندما نسمع هذه العبارات نظن انها موجهة الى عدو خارجي في حين انها موجهة الى مواطنينا وهذه ذروة مأساتنا». وأضاف ان تركيا تواجه الحكاية نفسها منذ ثلاثين عاما واذا استمرت المعالجة عبر انتقام تلو انتقام فإن الحكاية ستنتهي الى امة تركية تصغر تدريجيا. وقال ان الدعوة للانتقام والمعاملة بالمثل هي التي تكمن وراء سر تعاظم الحركة الكردية المسلحة.
وانتقدت الصحف الموالية لحزب العدالة والتنمية حزب السلام والديموقراطية الكردي الذي دعا في بيان له الجميع الى عدم تضييع أي ثانية ووقف النار والعمليات. لكن الحزب لم يصل الى درجة الإدانة لعملية تشوكورفا. وحمّل الحزب الكردي الحكومة مسؤولية تضييع الفرص منذ 25 عاما.
ويذهب الصحافي جنكيز تشاندار بعيدا في «تحليل» كلام اردوغان عن «الصديق والعدو» بالقول انه يقصد سوريا وايران! وقال ان المتعمق في بيانات اردوغان يصل الى هذه النتيجة. لكن مراد يتكين المعلق المعروف في «راديكال» العلمانية لا يتردد في التلميح الى اسرائيل على انها يمكن ان تكون وراء العملية اعتمادا على التزامن بين الهجوم على «اسطول الحرية» واطلاق حزب العمال الكردستاني صواريخ على قاعدة الاسكندرون البحرية وعلى تهديدات اسرائيل بدعم حزب العمال الكردستاني بعد تجميد علاقاتها مع اسرائيل في ايلول الماضي.  

السابق
طاووس ثانٍ في الحفرة؟!
التالي
خدمة الجيل الثالث…. 19 دولارا لـ 500 ميغابايت